لم يعد خافيا أن التفاهة في موريتانيا قد تحولت من مجرد ظاهرة هامشية إلى "تيار جارف" يكاد أن يجرف ويبتلع كل شيء يقع على طريقه، وذلك بعد أن بهر - أي تيار التفاهة الجارف - عقول الشباب، وخطف أبصارهم، وخلق لهم قدوات وهمية من "اللا شيء".
تشكل الموارد البشرية المؤهلة حجر الأساس لأي قطاع هندسي ناجح، وقطاع الهندسة المدنية والأشغال العمومية في موريتانيا ليس استثناء.
فالمشاريع الكبرى، من طرق وجسور ومدارس ومستشفيات، تحتاج إلى فرق متخصصة قادرة على مواجهة تحديات التخطيط والتنفيذ والصيانة، وفق معايير الجودة العالمية.
في زمن تتسارع فيه التحديات، يقف شبابنا أمام مفترق طرق: إما أن يكونوا صُنّاع النهضة وبُناة المستقبل، أو أن يستسلموا لعادات قاتلة تسرق فيهم القوة والعزيمة. ومن أخطر هذه الظواهر التي بدأت تغزو صفوف الشباب ما يُعرف بـ "كبس _ كبس"، وهو تعبير أصبح يُختزل فيه ضياع الوقت والعقل في لهو لا يورث إلا الخسارة.
منذ التعديل الوزاري الذي أجرى رئيس الجمهورية يوم 18 من شهر سبتمبر الجاري بدأ بصيص من الأمل يتسلل إلى المهتمين بشأن العدالة في موريتانيا من داخل القطاع وخارجه، وذلك بعد فترة تعد هي الأطول لوزير على رأس هذا القطاع، وهي فترة تميزت ببعض الاختلالات أهمها غياب الحرص على الشفافية في التحويلات، وبروز تحويلات عقابية للقضاة دون المرور بالإجراءات القانونية ذات
إن منبع الفساد في هذا البلد هو فساد قضائه وترهل منظومته العدلية؛ فلو كان المسؤول أو المواطن العادي يوقن في قرارة نفسه بوجود قضاء مهني مستقل وعادل يقف خلفه، لما تجرأ على خرق القانون، ولتدفقت الاستثمارات، ولعمّ الرخاء.
بعد عشر سنوات قضيتها في الخارج خصوصا في فرنسا وفي السنغال، ها أنا أعود إلى موريتانيا لأستقر فيها نهائيا.
أكتب هذه الكلمة خلال مروري في باريس تلك العاصمة التي عادة ما أجري فيها الفحوص الطبية التي اقتضاها تقدمي في السن.
رغم أن الناتج المحلي لموريتانيا يبلغ حوالي 11 مليار دولار سنوياً وهو رقم متواضع على الصعيد العالمي، فإن ما يدخل فعلياً إلى خزينة الدولة لا يتجاوز 2 مليار دولار فقط، وهذا المبلغ المحدود يُصرف معظمه على الرواتب والنفقات الجارية، فلا يتبقى ما يكفي للاستثمار في البنية التحتية أو التعليم أو الزراعة، وهكذا تدور الدولة في حلقة مغلقة من الإنفاق غير المنتج، ل
هنا في فم لكليته، شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية فوضى أقرب إلى "حوار الصم" مع انطلاق المرحلة التحضيرية لمشروع إنتاج وتصنيع قصب السكر العملاق. يشارك الجميع في سباق محموم نحو مكاسب مفترضة، وقد تكون وهمية.