في إقليم تتهاوى فيه الدول تحت سطوة الجهادية المسلحة والانقلابات العسكرية، تبرز موريتانيا كاستثناء متماسك في قلب الساحل، إذ حافظت على استقرارها في مواجهة عواصف متفاقمة عصفت بجوارها القريب، من مالي والنيجر إلى بوركينا فاسو.
في عالم تزداد فيه تعقيدات الخطاب السياسي والاجتماعي، تبرز ظاهرة مقلقة تكاد تُفسد معارك الإصلاح العادلة وتشوّه مطالب التغيير الحقيقية، وهي ظاهرة الاختباء وراء العنصرية والشرائحية.
يُعتبر واجب التحفظ من الالتزامات المهنية التي تحكم تعبير الموظف العمومي، يستمد نطاقه من المبادئ العامة للقانون الإداري، كما كرّستها الاجتهادات الكبرى للقضاء الإداري الفرنسي (Grands arrêts de la jurisprudence administrative) وتناوله الفقه لاحقا بالشرح والتأصيل.
هناك مدن تولد من نهر، وأخرى من غابة أو جبل. أما نواكشوط، فهي ابنة الريح والرمال، ومع ذلك ها هي، مع مطلع هذا القرن، المدينة التي قيل عنها ذات زمن إنها عابرة، مؤقتة، منبسطة فوق الكثبان كمخيم رئاسي في سنوات التأسيس الأولى، تأخذ مظهر عاصمة دائمة، حديثة، بل جريئة.
طالما شدني وسم "الزامگين" في آمشتيل؛ الذي نحته صديقي القاضي الدكتور هارون إديقبي، ويدون انطلاقاً منه أحياناً، في وخز موضوعيّ، يأوي إلى ركن شديد من الذكاء، رغم الأبعاد المقصودة، والأهداف المنشودة!
في الوقت الذي تتجه فيه بلادنا، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بخطى ثابتة نحو الاستقرار وتعزيز المؤسسات، يطل علينا بعض المتشائمين بخطابات سوداوية ومزاعم تفكيكية لا تمت إلى الواقع بصلة. مزاعم تغذيها أجندات خاصة وتوجهات ضيقة تحاول التشكيك في وحدة شعبنا وتلاحم مؤسساته.
ردًّا على محاولاتٍ متكرّرة لتشويه الوعي الجمعي وتوجيه النقاش العام نحو مسارات مغلوطة، أجد أنه من الضروري أن أضع بعض النقاط على الحروف. إنني أتفهّم – وإن بتحفّظ – أن يسعى بعض الفاعلين السياسيين إلى لفت انتباه النظام الحاكم طمعًا في العودة إلى مواقع السلطة، سواء عبر قبة البرلمان أو من خلال التعيين في مناصب تنفيذية.