العلامة المقرئ الشيخ محمد عبد الودود ولد حميه الأبييري
هو الشيخ محمد عبد الودود بن عبد الملك بن حميه، الفقيه اللغوي والمقرئ الكبير.
ولد في ضواحي مدينة بوتلميت سنة 1892. حفظ القرآن ودرس مبادئ من علوم الدين واللغة العربية على ذويه قبل البلوغ، ثم رحل إلى مدرسة الشيخ محمد أحمد بن الرباني التندغي الحلي، فدرس عليه اللغة العربية وعلومها، ودرس الفقه وبعض العلوم الأخرى في مدرسة آل أحمد فال التندغيين، خاصة الشيخ يحيى ولد أحمد فال التندغي الحلي.
كما أخذ عن القاضي سيدي محمد الملقب الراجل ولد داداه الأبييري الإنتشائي.
ثم توجه إلى محظرة الشيخ عبد الفتاح بن سيدي محمد التركزي في بلدة مال في لبراكنه، فدرس عليه علوم القرآن وأجازه في قراءة الإمام نافع بروايتي ورش وقالون وكان من أبرز تلامذته.
ثم ارتحل إلى الشيخ محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن فتًى الشقروي وأجازه في القراءات السبع ثم عاد إلى مسقط رأسه في بتمليت.
جلس للتدريس وأصبح شيخ محضرة تعج بطلاب العلم واشتهرت محظرته بالتركيز على تدريس القرآن الكريم وعلومه وعقيدة أهل السنة.
وكان رحمه الله معتصما بالكتاب والسنة واقفا عند حدود الشرع متمسكا بمذهب السلف الصالح في العقيدة والشريعة والسلوك.
لازم العلامة المجدد الشيخ سيدي باب، وتأثر بفكره ومنهجه، ووجد في مكتبته الغنية ضالته فأسام فيها روحه وأعمل فيها فكره فطالع وراجع وألف.
كان يوزع وقته بين التدريس والمطالعة والتأليف، وكان يؤلف الكتب ويعرضها على الشيخ سيدي باب فيعجب بها أيما إعجاب، وكان محل تقدير وإكرام وتبجيل من الشيخ باب، وظل ذلك باقيا في عقبه فقد تتلمذ عليه أبناء باب ودرسوا عليه، وكان أكثرهم التصاقا به العلامة الباحث المؤرخ هارون.
كان الشيخ عبد الودود يلقب نافع البلاد لمهارته في القرآن وعلاوة على ذلك كان مبرزا في العربية والنحو.
قال عنه العلامة محمد عالي ولد عدود لجلسائه وقد رآه قادما: هذا الرجل يقال إنه ماهر في القرآن و علومه، هو أيضا ماهر في اللغة والنحو
كان حريصا على الإتقان ومن ذاك ما يروى أنه سافر من بتلميت إلى شيخه لمرابط عبد الفتاح التركزي في مال ليسأله عن إشمام كلمة (سيئت).
وكلمة سيئت وسيء عند ورش من طريق الأزرق تلفظان بالإشمام
وكان أصلها سُوء بكسر الواو وضم السين وفتح الهمزة مبنيا للمجهول فسلبت من السين الضمة ونقلت اليها كسرة وياء مع الإشمام أي ضم مقدم على الكسر
فالإشمام فى لفظ (سيئت) هو إشمام حركة بحركة والمقصود به خلط حركة بحركة أي خلط الكسرة بالضمة.
وحين وصل الشيخ عبد الودود إلى شيخه عبد الفتاح وقرأها عليه قال له: مثلك لا يسأل عن مثل هذا !
وهي إشادة من شيخه برسوخ قدمه في علوم القرآن.
وكان الشيخ محمد عبد الودود بن حميه رحمه الله شاعرا مطبوعا جزل الشعر عذبه، ومن جميل شعره قولة في (اژريگه):
لفاطم أطلال بجانب تنيرگا :: ظللت بها أبكي دموعي ماترگا
كأن لم يكن بيني وبينك جيرة :: ولم يك في تلك الربوع لنا مَلگا
وله في رثاء الشيخ سيدي باب رحمهما الله تعالى:
وَنَجدِِ قد أقامَ عليه بَابَا :: بما جاء النَّبِيُّ بهِ الصِّحَابَا
ألِفتُ عليه كلَّ فَتََى كَرِيمِِ :: مُصَافِِ حَيثُ غَابَ وحيث آبَا
على أنَّ الخُطُوبَ ﻣُﻐَﻴِّﺮَﺍﺕٌ :: وحَالُ الدَّهرِ تَنقَلِبُ انقِلابَا
ويروى أن العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود وقف وهو فتى ليلقي قصيدته في رثاء الشيخ سيدي المختار ولد الشيخ سيديا:
أجدك ما سمعت بكل واد :: علانية مناداة المنادي
بأن السيد المختار وفى :: وأصلد بعده واري الزناد
فقال الباحث المؤرخ محمد ولد مولود ولد داداه (الشنافي) بأسلوب قوي: اطفلْ هاهْ (وفى) ماه بمعنى توفى، وشهد الشيخ عبد الودود ولد حميه للشنافي بأن وفى ليست بمعنى توفى
فقال ولد عدود :
أيها المستريب في شأن وفى :: إن وفى كناية عن توفى
قال ولد حميه: أنا بعد تعرف عني ماني مستريب فيها
وقال الشنافي: أح هذا ما اجيه الشعر وفى ماه بمعنى توفى اتوف.
ومن أبرز طلاب الشيخ العلامة المقرئ محمد عبد الودود ولد حميه:
أبناء باب ولد الشيخ سيديا خصوصا الشيخين هاورن ويوسف..
الشيخ عبد الله ولد داداه
الشيخ محمد يسلم ولد الدوله
الشيخ محمد محمود ولد أحمد يوره ولد الرباني
الشيخ محمد سالم ولد مين نحن
الشيخ إبراهيم(المفتي) ولد يوسف ولد الشيخ سيديا
الشيخ رباه ربو ولد حبيب الله
والآخذونَ عنـه لا يحصونـا :: ومن كرام الناس مصطفونا
له عدة مؤلفات في علوم القرآن وغيرها، منها :
الإشارات إلى علم القراءات
الرقوم في علم الرسوم
المصفى في الذي من الرسم يخفى
التكميل الأوفى في شرح المصفى
الوسائل في علم الفواصل
التحف والنوافل على منظومة الوسائل في علم الفواصل
الرسوخ في علم الناسخ والمنسوخ
التحف للغلمان في مقرأ الإمام نافع
التنوير في علم التفسير
شرح موسع على لامية الأفعال
ومجموعة من الرسائل المتنوعة
نموذج من الإجازة والسند في قراءة نافع برواتي ورش وقالون لتلامذة الشيخ محمد عبد الودود.
في قراءة نافع من روايتي ورش وقالون بروايتي الأزرق وأبي نشيط، وقد أجازني في المقرأ المذكور: شيخي الحبر المحقق الماهر المدقق محمد عبد الودود بن عبد الملك بن عبد الودود بن حمِيهْ الأبييري البسريني، عن المرابط عبد الفتاح بن سيد محمد التركزي، عن سيد بن سيد أحمد التركزي، عن محمد أحيد، عن والده عبد الرحمن بن محمد طالب المسومي، عن أحمد بن سيد بن الطالب مختار الطالبي، عن سيد المختار بن محمذ بن حبيب الأبييري الأبهمي، عن الخرشي بن عيسى المسومي، عن سليمان بن المه اجر، عن الطالب أحمد بن محمد رَارَ بترقيق الراءين، عن سيد محمد بن محمد بن عبد الله، عن سيد عبد الله بن أبي بكر الأربعة تنواجيويون، عن سيد أحمد لحبيب بن محمد صالح الفلالي، عن إبراهيم الأسكوري، عن عبد الرحمن بن القاضي الفاسي، عن عبد الرحمن بن عبد الواحد الفلالي، عن محمد الشريف مفتي فاس الشهير بالمُري، عن أبي القاسم محمد بن إبراهيم الدكالي، عن أبي عبد الله محمد بن غاز المكناسي، عن أبي عبد الله محمد الصغير بن الحسين الدركلي، عن أبي العباس أحمد بن محمد الفلالي، عن أبي عبد الله محمد الفخار بن عبد الله السماني، عن أبي العباس أحمد بن علي الزَوَاوِي، عن أبي الحسن علي بن سليمان، عن أبي جعفر أحمد بن الزبير، عن أبي الوليد إسماعيل بن يحيى الملقب بالعطار، عن أبي بكر محمد بن علي بن حسنون، عن أبي عبد الله محمد بن بَقِي، عن أبي محمد عبد الله بن عمر بن العرجاء، عن أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري، وأخذ الطبري رواية قالون عن أبي نصر أحمد بن مسرور البغدادي، عن أبي أحمد عبيد الله بن أحمد الفرضي، عن أبي الحسين أحمد بن عثمان الشهير بابن بويان، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن الأشعث، عن أبي نشيط محمد بن هارون المَرْوَزي، عن أبي موسى عيسى بن مينا الملقب بقالون، عن أبي رؤيم نافع بن عبد الرحمن المدني
واخذ الطبري أيضا رواية ورش عن أبي العباس أحمد بن نفيس، عن أبي عدي عبد العزيز بن علي، عن أبي بكر عبد الله بن سيف، عن أبي يعقوب يوسف بن يسار الملقب بالأزرق، عن أبي سعيد عثمان بن سعيد الملقب بورش، عن نافع.
وأخذ نافع الروايتين معا عن : عبد الرحمن بن هرمز الملقب بالأعرج، عن
أبي هريرة صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي المنذر أبي بن كعب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن
سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرم ومجد وعظم، أسأل الله به وبالقرآن وبكل من له جاه أن يجعلنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين .
إن الإجازة اتصال السند :: بالمصطفى خير الورى محمد
وعمّا تبقى من حميد خصاله :: أرى الصمت أولى بي من أتكلما
توفي رحمه الله، يوم التاسع من شهر مارس سنة 1977
تغمده الله بواسع رحمته ورفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه في الغابرين وغفر لنا وله.
كامل الود