
مذكرة صحفية
في لحظة فارقة من تاريخ التحول الرقمي الوطني، وتكريسا لسياسة السيادة الرقمية التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية الموريتانية، يشرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،يوم الخميس 8 مايو 2025، على تدشين مركز نواكشوط للبيانات، وهو أول منشأة وطنية من نوعها، معتمدة وفق أعلى المعايير الدولية، لتخزين ومعالجة وحماية البيانات السيادية، ولتوفير خدمات رقمية مؤمنة للمؤسسات العمومية والخاصة.
ويأتي هذا التدشين ترجمة لسياسة طموحة تقودها الحكومة عبر وزارة التحول الرقمي وعصرنة الإدارة، تسعى لإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، تكون الأساس لاقتصاد رقمي مزدهر، وخدمات عمومية أكثر نجاعة، ومجتمع معلوماتي آمن.
منشأة بمعايير دولية … جاهزة لمستقبل رقمي آمن
مركز نواكشوط للبيانات ليس مجرد منشأة تقنية، بل هو إنجاز استراتيجي يمثل نقلة نوعية في مسار استقلالية القرار الرقمي الوطني. وقد تم تشييده وتجهيزه وفق مواصفات فنية وهندسية من الطراز الأول، ليكون في مصاف مراكز البيانات الكبرى، من حيث الأمان، الاعتمادية، والجاهزية التشغيلية.
أبرز خصائص مركز نواكشوط للبيانات
• شهادة الاعتماد من المستوى الثالث (Tier III)الصادرة عن معهد آب تايم العالمي، والتي تُمنح -حصرا- لمراكز البيانات التي تضمن استمرارية تشغيل عالية (تفوق 99.982%)، بفضل بنية احتياطية للطاقة والاتصالات تضمن استمرار الخدمة دون انقطاع حتى في فترات الصيانة.
• التطابق الكامل مع معيار TIA-942، الذي يعد من أكثر المعايير صرامة فيما يتعلق بأمن المعلومات، والبنية الكهربائية، وأنظمة التبريد، والربط الشبكي، مما يجعل المركز بيئة موثوقة لاستضافة أكثر التطبيقات والأنظمة حساسية.
• توفيره نقطة تبادل بيانات (IXP) محورية تربط بين مقدمي خدمات الإنترنت والمشغلين المحليين والدوليين، مما يعزز من جودة وسرعة الإنترنت، ويقلص الاعتماد على المسارات الخارجية في حركة البيانات.
• تصميم غرف الخوادم بتقنية "الغرف البيضاء (Clean Rooms)"، التي تضمن أقصى درجات التحكم في الجسيمات والحرارة والرطوبة، مما يُوفر بيئة مثالية للحوسبة الحساسة والتطبيقات الحرجة.
مركز للبيانات... وللفرص
يمتد مركز نواكشوط للبيانات على مساحة 1372م²، ويضم طاقة استيعابية تصل إلى 100 رف لخوادم البيانات، قابلة للتوسعة - مستقبلا - لمواكبة النمو المتسارع في الطلب على الخدمات الرقمية. ويُوفر مجموعة متكاملة من الخدمات التي تُلبي حاجات مختلف الفاعلين في السوق، من إدارات عمومية، ومؤسسات مالية، وشركات ناشئة، ومزودي خدمات، من أبرزها:
• الاستضافة السحابية داخل الحدود الوطنية، وهو ما يُمكن المؤسسات من ضمان حماية بياناتها السيادية داخل موريتانيا، مع مرونة في الوصول وسرعة في الأداء.
• خدمة النسخ الاحتياطي المؤمّن، التي تتيح نسخ البيانات الحيوية بشكل تلقائي وآمن، مما يقلل من مخاطر فقدانها.
• استمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث، لضمان جاهزية التشغيل في أي ظرف طارئ.
• بيئة مثالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتحليلات الضخمة، وتطوير البرمجيات ذات الحساسية العالية، بفضل غرفه البيضاء ومقتضياتها الهندسية المتقدمة والبيئية الدقيقة.
تدعو وزارة التحول الرقمي وعصرنة الإدارة جميع الهيئات والمؤسسات، العمومية والخاصة، للاستفادة من هذه المنشأة الوطنية، كبديل سيادي وآمن عن حلول الاستضافة الأجنبية، التي قد تُعرّض البيانات الموريتانية لتهديدات أمنية أو اختراقات خارج السيطرة. هذه البنية التحتية الرقمية ليست فقط مشروعا تقنيا، بل هي أداة استراتيجية تعزز استقلال القرار الوطني في المجال الرقمي، وتُمكّن من تطوير خدمات إدارية عصرية، ومن تحسين تجربة المواطن، وتقوية الثقة في المؤسسات، وخلق مناخ مواتٍ للابتكار الرقمي والاستثمار.
السيادة الرقمية... رهان وطني لا يقبل التأجيل
في سياق دولي يشهد تصاعدا في الهجمات السيبرانية،وتنافسا محموما على السيطرة الرقمية، يُعد امتلاك بنية تحتية وطنية موثوقة للبيانات، ضرورةً استراتيجيةً لحماية المصالح العليا للدولة والمجتمع. يأتي مركز نواكشوط للبيانات ليُجسد هذه الضرورة من خلال:
• التحكم الوطني في البيانات، بدل وقوعها في قبضة جهات أجنبية؛
• ضمان سرية وأمن المعطيات الخاصة بالمواطنين والمؤسسات؛
• تعزيز الشفافية، وتوطيد الحوكمة الإلكترونية؛
• رفع قدرة الإدارة العمومية على تقديم خدمات إلكترونية فعالة وآمنة؛
• تحسين صورة البلد كمركز موثوق به للاستثمار الرقمي في المنطقة.
تمويل دولي... واستثمار في المستقبل
تم إنشاء مركز نواكشوط للبيانات بتمويل من البنك الأوروبي للاستثمار يبلغ 8.4 مليون دولار أمريكي، في إطار السياسة الوطنية لدعم الشراكات الاستراتيجية من أجل التنمية الرقمية في بلادنا.
يمثل هذا المشروع حجر الزاوية في بناء اقتصاد معرفي، متين ومستقل، يُمهّد لانضمام موريتانيا إلى نادي الدول الرقمية الصاعدة، ويُعزز جاهزيتها لاغتنام فرص الثورة الصناعية الرابعة، القائمة على البيانات الضخمة والاتصال الدائم وأنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعيوالبلوكشين.