
إن واقع موريتانيا وماتعيشه من أزمات متسارعة مرده الي السياسيات المتبعة والتي أثبتت فشلها في كل المجالات
وهنا سنركز علي بعض النقاط التي باتت تشكل خطرا محدقا يتهدد أمن وسلامة الوطن
1- التسيس العشوائي: إن غياب مشروع وطني شامل يسع الجميع ويساوي بين الجميع، وفي ظل غياب مشروع الدولة ، فإن كل تلك العوامل فتحت المجال لظهور طبقات تتجدد مع كل نظام تستمد قوتها من الأفكار التقليدية الرجعية وإستخدام الخطاب الشرائحي الذي لم تستطع الدولة مع الأسف حسمه بطريقة جادة وعادلة
إن مثل هذه المسلكيات يفرض علي الشباب في داخل الوطن وخارجه التصدي لهذه الطبقة من العشوائين السياسيين ومواجهة أفكارهم الرجعية بخطاب وطني جامع يجد فيه الجميع ذواتهم وتجسيد طموحاتهم المشروعة من أجل وطن عادل يساوي بين الجميع
2-ملف المهاجرين: إن الإتفاق المجحف الذي أبرمته الحكومة الموريتانية مع الإتحاد الأوروبي والذي جعل منها ” مزبلة المحيط” ، علي مايبدو قد ابرم علي أساس التقدير الخطأ لعملية الصرف من اليورو الي الأوقية أي بمعني انه لم تأخذ فيه مصلحة موريتاتيا بالمقام الأول، الأمر الذي يفرض ضرورة إعادة الإتفاقية وإعادة النظر كذلك في التعامل مع المهاجرين بما يخدم بعض القطاعات كالزراعة مثلا.
وكان علي الدولة ان تقوم بعملية تصفية للمهاجرين بغية الإستفادة الأمثل خدمة للإقتصاد الوطني، بدل التهجير القسري والزج بهم في مراكز إيواء في مشهد قد يؤثر علي علاقاتنا بأشقائنا ” دول الجوار”
3-إستقلالية القضاء: بات القضاء اليوم يسخر لتصفية الحسابات والزج بلأصوات المعارضة في السجون في تجلي حقيقي لإستغلال القضاء حتي فقد المواطن ثقته في الجهاز القضائي
ولعل أسوأ مراحل إستغلال القضاء هي التي نعيشها اليوم في فترة الوزير ولد بيه الذي أهلك الحرث والنسل ووجه القضاء لحماية قانون الرموز المثير.
ولايخفي علي أحد أن الرئيس محمد ولد الغزواني علي علم بكل مايحاك في أروقة القضاء ولكنه يتبع سياسة التغافل التي عهدت عنه كلما تعلق الأمر الفساد
4- تبديد المال العام: إن الشعار الذي رفعه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ” محاربة الفساد” لم يبرح حاجز الإستغلال الإعلامي
فكل خرجات ولد الغزواني كان يقدم فيها أرقاما يراد لها ان تكون تنموية وفي هذا الإطار تأتي عملية عصرنة نواكشوط التي رصدت لها مصادر مالية معتبرة تجاوزت الخمسين مليارا ومازال المشروع قيد الدراسة في أغلب مراحله
ان جدية ولد الغزواني في مكافحة الفساد هي وهم سياسي يجاري عاطفة المواطن وميولاته الأخلاقية،ولكنها مسرحية كشفت وتعرت بفعل انماط الفساد التي يبتكرها كل يوم المقربون من ولد الغزواني وأولهم صهره وابن اخيه نائب بومديد وتاجر الذهب الاول في موريتانيا
ونحن إذ نستنكر هذه التصرفات الرعناء فإننا نهيب بالمواطنين الشرفاء من اجل الوقوف في وجه نظام لم يقدم حتي اليوم سوي الوعود الكاذبة التي لم ولن تغير واقع الوطن والمواطن
وهنا نشير الي أن ولد الغزواني لم يكن يوما جادا في محاربة الفساد كما لم يكن واقعيا في التعامل مع ملفات الفساد التي تجاوزت حاجز 300 ملف ولكن في النهاية تم إختصارها في 10 ملفات تستهدف بشكل مباشر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
ولايفوتنا هنا ألا ان نشجب المحاولة اليائسة لتصوير وزير الداخلية الحالي ولد احويرثي كمخلص لمكون البيظان كمستهدف من خلال ملف المهاجرين وتسويقه ربما لحدث أهم، وما صاحب ذلك من لغط عرقي وفئوي قد أوقع الدولة في مستنقع جعل مصداقيتها علي المحك
وهذا يدل علي الوصاية التي يحاول كل رئيس من خلالها حماية نفسه من الملاحة القضائية بعد ترك السلطة
ان مانشهده من تلميع لوزير الداخلية مخالف لمعايير الدولة القوية بل يفقدها مصداقيتها الدولية وتتبخر معه ثقة المواطن في حلم الدولة القوية والحاكم العادل الذي يحرص علي المصلحة العليا للوطن
لقد كان لهذه الخطوة تأثيرها السلبي بل وحصر مكون البيظان في الزاوية وهو منها براء، لأننا في موريتانيا كنا دوما نتعايش بسلام ووئام كمكونات عرقية مختلفة، فماذا طرأ اليوم؟
ربما لأنه لم يجد ولد الغزواني ما ينصع به وزير داخليته وخليله ولد احويرثي الذي لايثق في أي خليفة بعده الا من خلال هذا الملف الذي خلق من العدم، وأعتقد ان الشعب الموريتاني لم يعد يقبل بمنطق الوصاية في الحكم
فماذا جنينا من فرض ولد الغزواني من طرف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، غير الخذلان والمحسوبية ؟!
نحن بكل المقاييس امام رئيس ضعيف او مستضعف لم يستطع حلحلة اي مشكل في تجلي حقيقي للضعف الذي يقر به حتي المقربون والدائرة الضيقة للرئيس ولد الغزواني
.
رئيس مكتب كفانا فرنسا الاستاذ المختار جلدي