استقبل محافظ بنك الجزائر، أيمن عبد الرحمان، أول أمس، سفير المملكة المتحدة بالجزائر، باري لوين، واستعرض معه سبل تعزيز التعاون في المجال المالي، لاسيما ما يتعلق بتطوير المالية الإسلامية في الجزائر. يأتي هذا اللقاء ليؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لملف الصيرفة الإسلامية، وهي التي سارعت في عز الجائحة إلى تنظيم سوق التمويل الإسلامي بتقنين وترخيص بيع المنتجات الإسلامية في البنوك الوطنية، من خلال القرار الموقع من طرف محافظ بنك الجزائر الذي يضم كل تفاصيل تجسيد التعامل بالصيرفة الإسلامية.
وتراهن الحكومة الحالية بقيادة الوزير الأول، عبد العزيز جراد، على الصيرفة الإسلامية لاستقطاب الأموال المتداولة في الأسواق الموازية والتي ارتفعت قيمتها، حسب الأرقام الأخيرة المقدمة من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى "ما يتراوح بين 6 آلاف مليار دينار و10 آلاف مليار دينار، وهي الأموال التي يعوّل عليها الرئيس كثيرا للخروج من الأزمة الاقتصادية المالية التي تتخبط فيها البلاد طيلة السنوات الأخيرة، وازدادت حدة نتيجة الركود الاقتصادي الذي خلّفته جائحة كورونا".
وكان الرئيس قد رفض اللجوء إلى التمويل غير التقليدي أو الاستدانة من الخارج لتمويل الاقتصاد الوطني، في ظل التراجع المحسوس لعائدات صادرات المحروقات. بالمقابل، دعا عبد المجيد تبون البنوك الوطنية إلى تحفيز الإجراءات التي من شأنها تشجيع استقطاب أموال السوق الموازي، بما فيها تعميم الاعتماد على الصيرفة الإسلامية في التعاملات البنكية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن للحكومة الجديدة أن تنجح فيما أخفقت فيه الحكومات المتعاقبة طيلة العقدين الماضيين لتطوير الصيرفة الإسلامية، في وقت يبقى مشروع إصلاح وعصرنة البنوك الوطنية معطلا؟
من جهتهم، يقول الخبراء الاقتصاديون إن التجربة البريطانية أحسن تجربة عالمية يمكن أن تقتدي بها الجزائر في مجال تطوير الصيرفة الإسلامية، حيث تضم المملكة المتحدة أكثر من عشرين بنكا إسلاميا تقدم خدمات مالية إسلامية، في وقت يتجاوز حجم صافي الأصول الإسلامية في بريطانيا ما قيمته 700 مليون دولار، ولطالما سعت لندن لأن تكون مركزا عالميا للتمويل الإسلامي بهدف جذب أنشطة أعمال من المراكز الرئيسية في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
ورجح الخبراء أنفسهم أن تشرع البنوك الوطنية في تسويق المنتجات الإسلامية انطلاقا من السداسي الثاني لهذه السنة، بعد أن أودعت طلباتها على مستوى البنك المركزي لتحول إلى المجلس الأعلى الإسلامي الذي سارع بدوره إلى تنصيب الهيئة الشرعية للإفتاء للصناعة المالية والمكلفة بمنح شهادات المطابقة للبنوك للشروع في تسويق المنتجات الإسلامية.
وأكد الخبراء ذاتهم في تصريح لـ"الخبر"، أنه "لم يبق أي عائق أمام البنوك لمباشرة العمل بالصيرفة الإسلامية، مشيرين إلى أن المنتجات الإسلامية ستسوّق على مستوى 12 بنكا وطنيا على الأقل، منها 6 بنوك عمومية". وتهدف الصيرفة الإسلامية في مرحلتها الأولى، استنادا للخبراء، إلى إعادة استقطاب 20 بالمائة إلى 25 بالمائة من الأموال المتداولة بين الجزائريين الرافضين التعامل بالربا، أي ما يمثل 500 إلى 600 مليار دينار، ستعمل على تعزيز السيولة البنكية.
وعن المنتجات الإسلامية التي سيتم تسويقها، قال الخبراء إن أهمها يكمن في إصدار صكوك الصيرفة الإسلامية التي ستسمح لأصحاب الأموال المتداولة في الأسواق الموازية بالمشاركة في إنجاز مشاريع عمومية تعلن عنها الحكومة، يضاف إلى ذلك المنتجات الإسلامية التقليدية التي تسوق حاليا من طرف بنوك إسلامية، مثل بنك البركة والسلام، والمتمثلة في المرابحة والمضاربة والمشاركة والإجارة وحسابات الودائع والاستثمار، وغيرها.
وكان بنك الجزائر قد أصدر، نهاية شهر مارس الفارط، تنظيما يتعلق بالعمليات البنكية الخاصة بالصيرفة الإسلامية، تم بموجبه الترخيص للبنوك والمؤسسات المالية بتسويق ثمانية منتجات إسلامية، وحدد النظام مفهوم العملية البنكية التي تدخل ضمن الصيرفة الإسلامية في كل عملية لا يترتب عنها تحصيل أو تسديد فوائد.