عند ميمونة السعدى اكتشف سيدي المختار بن الشيخ سيديا أولى صور الحياة في محيط عبق بالمكارم،وضمن حضرة ضاربة في أعماق الفضل والمجد، وعلى ربى ميمونة السعدى أناط به والداه حب الفضائل ونفع الناس وعلى ذلك أمضى حياته في رحلة سارت به 1279 و1370 ميلادية، ليضع عصا التسيار، عن حوالي تسعين ربيعا من الفضل والمكارم
سيدي المختار الملقب اباه هو الابن الثاني للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا، وكان واسطة العقد في الحضرة السيدية ومع شقيقه الشيخ سيديا بابا أدار الرجلان قاطرة التاريخ ليس في منطقة بوتلميت وإنما في موريتانيا بشكل عام وأجزاء من إفريقيا الغربية.
درس سيدي المختار على مختلف علماء عصره، الذين شهدوا له بالنبوغ المعرفي وبالعزيمة الوضاءة في اكتساب المعارف والمكارم، كما جمع مكتبة عظيمة تركها مجلدات ومعارف ومعاني كلمة خالدة في عقبه الذي ضم بعد ذلك عددا كبيرا من العلماء والشعراء والمصلحين.
كان سيدي المختار ممدحا ومقصدا لكثير من الشعراء والأدباء الذين وجدوا في مآثره مجرى لأعنة الشعر فأطلقوا للقوافي العنان في مدحه في أدب فصيح وآخر شعبي يتنماغمان في سيرة الشيخ سيدي المختار
مآثر خالدة
في سجل الأمجاد ذكريات ومآثر خالدة عن سيدي المختار بن الشيخ سيديا ومنها أنه منح فرسا نجيبة لطفل صغير رآه يمشي مرة بدون حذاء، فما كان من سيدي المختار إلا أن أمر بأن تسرج الفرس للطفل، الذي تساءل ومن سيعيد الفرس فرد عليه سيدي المختار : ليست بعائدة خذها معك"
كما يذكر من مآثره أيضا تحمل كثير من الحمالات الباهضة في فترات الاستعمار الفرنسي حيث ظل يفرج الكرب، ويحل الأزمات القبلية في منطقة الترارزة، فكان بذلك محط رحال المعتقين
في ذاكرة الأدب
خلدت ذاكرة الأدب الفصيح والشعبي سيرة سيدي المختار بن الشيخ سيديا، حيث اعتبره محمد بن هدار أحد بوابات الأرزاق في المنطقة، فقال في رائعته
اتمشيت ابش تيمشاي=====طلع اكبار ابتيت افش جاي
طلع اكبار اسو كاع اشراي=====هوم بعد الل طلع اكبار
وسيت الراوي راي اراي=====عند ي ذاك اندور يحرار
الراوي لعاد الل راي=====بالراي اعود الراوي حار
ماه اعليه المدار الجود=====مركب سيد المخطار اندار
ويل دارو دواراكود=====ويل دار افسيد المخطار
الدوار الل دار اعود=====الل دار اعليه المدار
راه اص لعباد اللعباد=====ماتعط شي كون ال راد
لكريم القهار الجواد=====معط دون القهار اخبار
ذاك الل اثرو شي باطل عاد=====راسل بيه الرب القهار
امع عبدو غير اثرو زاد=====رسال امع سيد المخطار
أما سيديا بن هدار فكان له سبح آخر في مدح سيدي المختار
يَا الْعَيْنْ ابْلَدْ نَبْعْ الجودْ
يا الـلِّ لِجُّــودْ معهودْ
كانْ عادِ اجِّيِّدْ مَكْرودْ
بيهْ طول الدَّفْـر والمـالْ
كَـلْ عنْ شِ موجودْ اجُودْ
بيهْ جـِـيـِّـدْ من كصْف الحـالْ
عدتْ فم انتَ جَمْل ارْفودْ
كلْ ثـقـْــلُ اكابـلْ تــنشالْ
شورْ كل اضعيف امشْدودْ
هازلُ دَاوم الْـهُزالْ
اوشور كل آزكْحَ اعَكْرودْ
ما ايملُّ اۥوطبعُ مشغالْ
او زاكْـلْ اللِّ ماهُ محدودْ
اساخْـىَ نفسَكْ بَـزَكَّالْ
اباش دام ازَكّالْ اعُودْ
ذاك عندكْ تسْدَارْ اجْمالْ
أما مراثيه فقد كانت ملتقى قوافي العلماء والشعراء ومن مراثيه السائرة قصيدة المختار بن حامدن
إبْكُوا على المجد إنَّ المجْدَ قـد رَحَلاَ
واستفرغوا الدَّمعَ حتى تَـنزفـوا المُقَـلاَ
وليحزَنِ القلبُ لكن لاَّ يَـقُـلْ أبدًا
ما يُغضبُ الربَّ مَـرْضِيٌّ قَضًا نَزلاَ
كان الندى أمس يمشي بين أظهُرنـا
والفضلُ والخيرُ كُلاًّ مِشْـيةَ الخُيَلاَ
إذْ حِلْيةُ السيِّـدِ المُختارِ جوْهرُه
مظاهرًا كِسْوَتَيْهِ العلمَ والعَمَلاَ
مُزَّمِّلاً بتُقًى مُدَّثِّــرًا بِنَقًا
للنَّهْيِ مُجْتَنِبًا للأمر مُمْتثِلاَ
وعارِجًا في سماء المجد مُرْتَقيًـا
مُستسْهلَ الصَّعْـب حتى أدرَكَ الأمَلاَ
قامتْ على أرْبعٍ للفضل دَوْلتُه
إذْ ذَّاكَ فـيـنا فَكُـنَّا كلُّـنا فُضَـلاَ
إذ نَقْتدي بـهُدَى شيخٍ خَـلائِـقُـهُ
أعْدَتْ بَـهـيمَـتـَـنا فضلاً عن العُقَلاَ
فَماَ ترَى فَرَسًا فيـنا ولا جَمَلاً
إلاَّ كـريمًــا ولا جَــدْيًـا ولاَ حَمَلاَ
وفارقَ الناسَ داءُ اللُّؤْمِ وانـبعثوا
إلى المكارم عاليهُمْ ومَن سَفُلاَ
وشَــعَّ في الأفْـق ضوءُ المجد مُنتشرًا
وأَلَّ لَمْــعًا وعَمَّ السَّهْلَ والجَبَلاَ
حتى تُخُيِّلَ أنَّ الأرضَ تُنْبِتهُ
وأنَّ كُــلَّ حصادٍ في الـزروع عُـلَى
وأصبح الْـيَـنْعُ والمِـسْمارُ قَـد دَّخَـلا
منه الغصونَ وأَزْهَى مُـثمِـرًا وحَــلاَ
وأنـبَتَ الحبُّ منه كل واحدة
سَبْعًا سنابـلَ سَّدَّ الـسُّنْـبُـلُ السُّـبُلاَ
بـيضًا وحُمْرًا فلما اعْـتَـمَّ كوكُبه
وانهَـلَّ قَطْرُ النَّدى في روضه خَـضِـلا
ولَّى فودَّعَ منه لم يَـمَـلَّ ثوًى
إذ وَدَّعَ السيدُ المختار مرتحلا
لوْ أنهمْ ظَـهَـروا الْمِرِّيخَ أوْ زُحَلاَ
لَمْ يُــدْرِكُوا رَجُلاً بالأَمْسِ قَدْ رَحَلاَ
لا حُسْنَ دينٍ ولاَ سَمْتًا ولا أَدَبًـا
ولاَ وَقَــارًا ولاَ طَـبْعًا حَلاَ وحُـلَى
وَلاَ صَفًا وَوَفًا وَلاَ تُقًى وَنَقًـا
وَلاَ نَــدًى وَجَدًى وَلاَ عُلاً وَإلَى
ولا جميعَ خِـــصالِ الخـير ما رجُـلٌ
فينا يُكافئُ يومًا ذلك الرَّجُلاَ
إلاَّ ابنُه ابنُ جَــلاَ وابنُ ابنٍه ابنُ جلاَ
يا حبَّــذا ناجلٌ منهم ومن نُجِلاَ
ضَرْبٌ لِـوَاحِـدِهِمْ ضَرْبٌ لِسَائِــرِهِمْ
فكلُّهم في النَّدى والسُّودَدِ ابنُ جَلاَ
بيتُ القصيدِ وَوُسْطَى العِقْدِ بَيْتُهُمُ
بَـيْـنَ الأماجدِ نَصًّا ليس مُحْـتَمَلاَ
عَزَّ السُّلُـوُّ ولكن مَـن سَــلاَ بـهُمُ
عنْ ذلك الشيخِ فَلْـيُتْرَكْ وما عَمِلاَ
ففي النجومِ الدَّرارِي سَـلْوَةٌ وهُدًى
للمُدْلِـجينَ إذا ما بَدْرُهُمْ أَفِلاَ
وحيث عُـمِّـرَ في الطَّاعاتِ سَـيدُنا
حـينًا وحانَ لقاءُ الله جلَّ علاَ
فالخيرُ للشيخِ ما اختارَ الحكيم لـهُ
جـاءَ الربيعُ فحلَّـتْ شـمْسُـنا الحمَلا
اللـــهُ يُكْرِمُ مَـثـــواهُ بمنزلِـهِ
ويجعلُ الجنةَّ العُلْيا له نُزُلاَ
رحل سيدي المختار عن تسعين ربيعا تاركا خلفه كوكبة من فتيان المجد، وفيهم يصدق قول ابن حامد
ضَرْبٌ لِـوَاحِـدِهِمْ ضَرْبٌ لِسَائِــرِهِمْ
فكلُّهم في النَّدى والسُّودَدِ ابنُ جَلاَ
ريم آفريك