على حافته رسمت أحلام ..أحلام كالأمواج الهادئة التي تعانق صخور الأمان حيث تحمل تلك الرمال في طياتها ذكريات الزمان ترويها لشمس المغيب وتخبرها عن عالم مظلم مريب..عالم رفعت فيه راية الحرمان وعقدت علاقة وجود مع الأحزان و حكم على الأمال و الأمان بالإعدام حيث كل يوم تسقط دمعة على خدّ طفل يتيم فلا تجد من يمسحها…فيا ترى هل من مجيب..
في منتصف سبعينيات القرن الماضي شيدت طريق “الأمل” في ظل حكم الرئيس المختار ولد داداه بعد فوز شركة ميندز البرازيلية بمناقصتها وكانت حلما لدى سكان مدينة بتلميت أنذاك حيث كان يخرج أحد رجالات المدينة مخاطبا مهندسي الشركة البرازيلية إن هم حدّثوه عن قرب وصول الطريق إلى المدينة “لن تصلها إلا ذا كانت قادمة من السماء “.
إلا أنها وصلت قادمة من البر و تحدثت مصادر شفوية في المدينة أن أحد أقطاب وأعلام مدينة بتلميت كان يركب فرسا له شهيرة ثم يصول ويجول ويقول حسب المصادر “هون لاه يوخظ من خط أكحل يرفد ياسر من أرواح المسلمين” هي الطريق إذا …
شكلت طريق الأمل شريانا للحياة وموردا اقتصاديا هاما وربطت شرق البلاد بغربها وصارت أهم طريق وأكبر إنجاز في تاريخ البلاد ..لكن المقطع الرابط بين بتلميت ونواكشوط شكل أكبر كابوس في الفترة الأخيرة حيث حصد العديد من الأرواح وشكل أكبر خطر على حياة المسافرين سواءا من سكان بتلميت أو القادمين من شرق البلاد أو المتوجهين إليها.. فكم حرم طفلا من أم تحن له وأب يكدح من أجله وكم حرم الاثنين من زينتهم في هذه الحياة.
وكم وقفنا نحن في المدينة في مشاهدة ليلية ونحن نصطف على عشرات الأشخاص في مشهد أشبه مايوصف بضحايا الحروب أحيانا مسافرون عاديون وأحيانا أسر كاملة متخذين لهم من البعلاتية في ما بات يعرفْ بـ “صالحين أهل الحوادث” نهاية لمشوارهم والتي تضم أناسا حتى من لهم بهم صلة لا يعرفون أين هم وماذا حل بهم وذالك ناتج لعدم توفر معلومات أو بطاقات هوية معهم أصلا .
في الفترة الأخيرة تهالكت الطريق بشكل لافت , ومع أنها معروفة بعدم الانبساط لكثرة المرتفعات بها حتى صار بعض السكان المحليين يقولون “بتلميت 300 كيل 150 في السماء و150 في الأرض” ونتيجة لعدم إنتباه السائقين وإفراطهم في السرعة واصلت الطريق حصد أرواح الآلاف من البشر حتى صار البعض يطالب الحكومة بضمها للائحة الإرهاب..
كل هذا من أجل أن تحرك السلطات ساكنا في ترميم هذا الطريق المتهالك و توسعته .خصوصا بعد الحادث الأخير الذي راح ضحيته أكثر من 10 أشخاص في مشهد صادم ومؤلم ويعكس حجم المعاناة التي بات يسببها هذا الطريق .
الإعلامي/ عبد الله ولد العتيق