قدم الوزير الأول يحي ولد حدمين، يوم 26 يناير أمام البرلمان، حصيلة تنفيذ إعلان السياسة العامة للحكومة لسنوات 2015-2016- 2017 وآفاق 2018، وتمت مناقشة هذه الحصيلة في جلسة علنية خصصت لها وحظيت باهتمام غير مسبوق من طرف نواب الجمعية الوطنية والرأي العام الوطني.
عوامل متعددة تضافرت لتجعل من مثول الوزير الأول أمام البرلمان حدثا يسترعي اهتمام الجميع، لعل من أبرزها السياق السياسي الذي حصلت فيه وحجم ونوعية الحصيلة وما أحيطت به من عناية تكشف عن ميلاد عقلية جديدة في التعاطي مع الشأن العام وفي التعامل اللائق ما بين مؤسسات الجمهورية.
لقد سجل المراقبون بكثير من الاهتمام، تأكيد الوزير الأول في ختام حصيلته على أن “أهم الأهداف المرسومة في السياسة العامة للحكومة التي عرضها قبل ثلاث سنوات، قد تم الوصول إليها بشكل مرضي”، باعتباره أول وزير أول في تاريخ البلاد، يقوم بتأكيد مماثل وينجح في تقديم الأدلة على صحته!
لم تنجح الحصيلة في الكشف عن إنجازات ملموسة وبالغة الأهمية في مختلف مجالات العمل الحكومي، بل يحسب لها أيضا أنها جعلت الحديث عن الآفاق الواعدة أمرا مستساغا يستمد جديته من حجم النجاحات المحققة ومن وضوح الرؤية بعد أن أصبحت الحكومة تتوفر على استراتيجية عمل شاملة وعلى استراتيجيات قطاعية محكمة.
ولعل ذلك ما يفسر الصعوبات التي وجد فيها من يعتبرون أنفسهم خصوما للوزير الأول داخل الجمعية الوطنية، والتي دفعت بهم إلى تعرية أنفسهم باللجوء إلى المهاترات والحسابات الشخصية تهربا من المناقشة الموضوعية للقضايا المتعلقة بحاضر البلاد ومستقبلها.
ففي الوقت الذي كان فيه الوزير الأول يقدم الدليل تلو الآخر على جدية حكومته في توطيد دعائم الدولة وتحسين الحكامة العمومية وبناء اقتصاد تنافسي يحقق نموا يستفيد منه الجميع في ظل تنمية الموارد البشرية وتوسيع النفاذ إلى الخدمات الأساسية، كانت الهموم الشخصية والانفعالات البدائية هي ما يحرك أولئك الخصوم المفترضين!
وفي الوقت الذي كشف فيه الوزير الأول –خلال جلسة المناقشة- عن دراية واسعة بمختلف الملفات وعن قرب واهتمام بتطلعات المواطنين في جميع مناطق البلاد، كان أولئك يتجاهلون كلما يتعلق بمصالح ناخبيهم ليسبحوا في فضاءات تعطي الأولوية للصراعات الوهمية وتغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة للبلاد.
تحدث الوزير الأول عن إطلاق ديناميكية تنموية شاملة تهدف إلى الأخذ بكل الأسباب الكفيلة بضمان تحقيق التقدم والازدهار والرفاهية للشعب الموريتاني، وعن ورشات مفتوحة للعمل التنموي الشامل في كل المجالات والمناطق تعزيزا للمكاسب المحققة وتوسيعا لها إلى آفاق أرحب، في ظل دولة قوية مستقرة عادلة تكفل لمواطنيها حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتصون كرامتهم.
وبدلا من اللغة الإنشائية المعهودة في مثل هذه المواقف، كشفت لغة الأرقام عن مختلف معالم هذه الديناميكية التنموية، لتنجح الحصيلة المقدمة من طرف الوزير الأول فيما عجزت عنه كل المحاولات السابقة التي سعت إلى تقديم صورة مقنعة للواقع الذي تعيشه البلاد، مما يمكن القول معه بأنها مثلت منعطفا في الأداء الحكومي يجدر التنويه به.
الرجاله ولد بياني