وسط صمت رسمي مغربي وموريتاني، خلف الخبر الذي تناقلته وسائل إعلام موريتانية ووجد صيته لدى منابر دولية حول طرد المغرب لرجل الأعمال المقيم في مراكش محمد ولد بوعماتو، المعارض للرئيس الموريتاني، زوبعة كبيرة داخل الدوائر السياسية والدبلوماسية.
ولم يستطع كلا الطرفين الحديث رسمياً عن الموضوع؛ ما يطرح تساؤلات كثيرة، منها هل نحن أمام إشاعة أم تسريب استخباراتي جزائري موريتاني لتأزيم العلاقات بين البلدين؟ خصوصا في هذه الظرفية التي تمهد لعودة الدفء إلى محور الرباط نواكشوط.
وكانت وسائل إعلام موريتانيا تداولت بشكل لافت قبل يومين خبرا مفاده أن السلطات المغربية أبلغت نظيرتها الموريتانية بأن المليونير ولد بو عماتو لم يعد موجودا في المغرب منذ فترة، وذلك بعد سنوات من اختياره لمدينة مراكش كمنفى اختياري بعد خلافه مع محمد ولد عبد العزيز.
وبالعودة إلى ما تُثيره منابر إعلامية موريتانية بين الفينة والأخرى، يتبين أن المواقع والصحف نفسها التي تطرقت وفقا لمصادرها إلى موضوع محمد ولد بوعماتو زعمت قبل أيام أن "النظام الموريتاني الحاكم رفض تعيين السفير المغربي حميد شبار، الذي عينه الملك محمد السادس في يونيو الماضي سفيرا لدى نواكشوط".
في الصدد ذاته، نفى مصدر حكومي، في تصريحات لهسبريس، أن يكون ما تناقلته هذه المنابر دقيقاً، واستطرد قائلاً: "خبر طرد المغرب للمعارض الموريتاني غير صحيح"، وأوضح أن ما تتناقله منابر إعلامية موريتانية "موجه من قبل جهات معادية لمصالح المغرب، خصوصا في هذه الفترة بالضبط، ويهدف إلى التشويش على عمل الحكومتين المغربية والموريتانية".
من جهته، يرى محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن "حرب الإشاعات" التي يخوضها خصوم المغرب ابتدأت مع وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى رأس السلطة الموريتانية، الأمر الذي لم يوفر مناخا طبيعيا لتعزيز العلاقات وتطويرها بين البلدين.
ويُشير الخبير الأمني، في تصريح لهسبريس، إلى أن "موريتانيا تخضع لضغوطات كبيرة من طرف النظام الجزائري؛ وما يساعد على ذلك هو التركيبة القبلية الموجودة في البلاد، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من الانفصاليين يوجدون بها".
وقال بنحمو في هذا الاتجاه: "يبدو من خلال تطور الأحداث أن أجهزة الاستخبارات الجزائرية اخترقت بعض الفاعلين والمؤسسات الإعلامية الموريتانية وسيطرت على جزء كبير منها، ما يصعب عملية بناء علاقات ثنائية تكون في مستوى التطلعات". ويبقى الهدف من اختلاق هذه العراقيل بالنسبة لبنحمو هو "الدفع بالعلاقات بين الرباط ونواكشوط إلى مرحلة الاصطدام والمواجهة، خصوصا بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وحضوره القاري بشكل قوي".
واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية أن حدود المغرب الإستراتيجية، التي تعرف نشاطا تجاريا دوليا يوميا من خلال معبر الكركرات، يثير حنق الجزائر والبوليساريو، وزاد: "لكن يمكننا القول إنه رغم الوضع المعقد، إلا أن المغرب يدبر علاقاته مع موريتانيا في هذه المرحلة بمسؤولية ورؤية واضحة".
هسبريس