ترأس الرئيس محمد ولد عبد العزيز مساء اليوم الخميس مهرجانا حاشدا بمطار نواكشوط "القديم" اختتاما لحملة الاستفتاء الدستوري المقرر يوم السبت القادم .
وشكر رئيس الجمهورية سكان ولايات نواكشوط الثلاث على تواجدهم المكثف في هذا المهرجان الختامي الذي يترجم فهمهم لتوجهات الدولة وتثمينهم للمسار الذي تنتهجه والشكرموصول، يقول رئيس الجمهورية، لجميع ولايات الوطن وقواتنا المسلحة وقواتنا أمننا التي لولا سهرها على الأمن الاستقرار لما كنا نعيش في طمأنينة وسكينة.
وقال إن تضحيات شهدائنا مكنت من المحافظة على موريتانيا عربية افريقية اسلامية توفر الأمن لجميع مواطنيها دون استثناء.
وقال: "إن تواجدكم بهذا الحجم لم يسبق له مثيل منذ نشأة الدولة مما يعطي رسالة يتعين فهمها حتى من طرف المعارضة المتطرفة التي تكابر وتشكك عندما يتعلق بخيار الشعب الموريتاني وإرادته".
وأضاف: أن هذا الحشد الذي ملأ الساحات والشوارع الكبرى لمدينة نواكشوط هو الذي يعكس الوجه الحقيقي للشعب الموريتاني ويحشر المعارضة المتطرفة في فضاءات الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي".
وقال إن التعديلات المقترحة ثمرة حوار سياسي شامل بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة المحاورة المسؤولة والبناءة والتي وقفت فيوجه المعارضة الوهمية واختارت وانحازت لمصلحة الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وأضاف أن هذه التعديلات تشمل ملحقين أولهما يتعلق بتحسين العلم الوطني بإضافة شريطين أحمرين له تخليدا لدماء الشهداء وتكريما لهم وأخص بالذكر هنا أبناء الشهيد العقيد محمد الأمين ولد انجيان وشهداء تورين والغلاوية ولمغيطي وحاسي سيدي:
وأكد أن هذه أمثلة حية من أبناء الشهداء الذين خصصت لهم ميزانية بلغت السنة الماضية مائة مليون أوقية وستتم زيادتها مستقبلا من أجل حل مشاكل أبناء الشهداء والاعتناء بهم دون أن ننسى أبناء ضحايا الحرب المؤلمة سنة 1975 الذين نعكف الآن على البحث عنهم والاعتناء بهم وحل مشاكلهم وهي الخطوة التي لم تلق لها الأنظمة السابقة بالا.
وقال سيادة الرئيس: "هذه هي موريتانيا المتصالحة مع نفسها، موريتانيا التي تخلد شهداءها في علمها وتعترف بهم وتعتني بأبنائهم، وفي هذا الإطار يصب تحسين العلم المقترح للاستفتاء الذي ندعوكم جميعا للتصويت عليه تشجيعا للأجيال القادمة على الدفاع عن الوطن واستحضارا لتضحية الشهداء وشحذا لهمم أبنائهم واحتراما للعلم الوطني وشعورا بأننا جميعا شاركنا في صياغته وتبنيه والتصويت له.
وأضاف أن العلم الحالي علم مشبوه لأننا لم نشارك في اختياره ولم نجد مواطنا موريتانيا شارك في ذلك أو يفهم مبررات اختياره بل إن البعض يصفه بأن علم دولة أجنبية.
وأوضح أن المقاومة التي نريد تخليدها مقاومة من شقين أحدهما ثقافي والآخر عسكري، يتعين علينا جميع تثمينها،دون أن ننسى بعض الأفراد الموريتانيين الذين عملوا مع المستعمر وساهموا من خلال تضليله في خدمة استقلال بلدهم.
وأكد أن الشعب الموريتاني يقف صفا واحدا من عين بنتيلي إلى فصاله ومن كرمسين إلى وامبو مع هذه التعديلات.
وقال إن الملحق الثاني يتعلق بإلغاء مجلس الشيوخ ووضع حد لتكاليفه الباهظة التي زادت على 15 مليار أوقية منذ نشأته في 1992، في الوقت الذي لا تتجاوز تكاليف المستشفى الوطني 9 مليارات في هذه الفترة فيما لم تتعدى تكاليف المدرسة العليا للأساتذة 4 مليارات أوقية منذ نشأتها في بداية السبعينات ومدرسة تكوين المعلمين ما يزيد على ملياري أوقية فقط.
وقال إن تبني نظام الغرفتين لا قيمة له وهو فقط محاكاة لبعض الدول، علاوة على ما يكتنف انتخاب غرفة مجلس الشيوخ من عدم الشفافية وشراء الذمم والرشوة.
وأضاف أن هذه التعديلات "تم تمريرها بأغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية وبـ 20 شيخا من الشيوخ النبلاء الذين اختاروا وطنهم وانحازوا له، في الوقت الذي عارضته 33 شيخا، لم يعد أحد يجهل الملايين التي اقتسموها بينهم غنيمة ومقابل مصادرة رأي الشعب الموريتاني، وهذا باعترافهم هم وبروايتهم التي أصبحت حديث كل أحد وحقيقة لا مراء فيها".
وأبرز سيادة الرئيس، أن ذلك "من بين الأسباب التي جعلتنا نقترح عليكم وضع حد لهذا المجلس الذي أصبح مشوها لصورة البلد ويتعاطى ممارسات غريبة على شرف الأمة وعاداتها وآدابها".
وطالب رئيس الجمهورية الشيوخ المعنيين بهذا النهج المؤسف بالاعتذار للشعب الموريتاني برمته، وأنه شخصيا لا يملك إلا أن يقول لهم:
"اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا ولا بذنوب غيرنا ولا بما فعل السفهاء منا".
وقال إن استمرارية هذا المجلس مستحيلة بعد سجله الذي أصبح معروفا لدى الجميع وأصوات هذه الثلة التي لا تتجاوز 15 شخصا، ستطمرها أصوات شباب موريتانيا وشيبها ونسائها وجميع فعالياتها".
ورفع رئيس الجمهورية صوته وسط الجماهير وبمباركة منها قائلا:
"ألغينا مجلس الشيوخ من أجل المواطن الموريتاني البسيط ومن أجل مجالس منتخبة محلية تمثلكم جميعا وتعبر عن آمالكم وآلامكم".
وأكد أن هذا المجلس ستتم الاستعاضة عنه بمجالس جهوية منتخبة تعنى بتسيير الولايات والدفاع والبحث عن حلول لمشاكلها وتعزيز اللامركزية.
وتحدث رئيس الجمهورية في هذا الصدد عن تجميع مؤسسات مجلس الفتوى والمظالم والأعلى الإسلامي ووسيط الجمهورية في مؤسسة واحدة وإلحاق البعد البيئي بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ترشيدا للنفقات وتوجيها لها إلى خدمة المواطنين وإلى مجالات تنموية أقرب منهم".
وقال: "هذا ما سنصوت عليه جميعا بنعم، يوم السبت القادم، حماية للشعب الموريتاني من أخطار الماضي والمستقبل، من أجل موريتانيا الجديدة الرحيمة بأبنائها، التي ترحم الصغير وتعطف على الفقير وتتسع لجميع أبنائها",
وذكر بأنه لأول مرة في موريتانيا، تكتتب الوظيفة العمومية مئات الأطر الشباب امتنانا لهم وحرصا على مشاركتهم في التنمية الوطنية، كما أعطيت عناية كبيرة للتعليم وتكييفه مع حاجات سوق العمل".
وأوضح أن موريتانيا ستكون خلال السنوات القادمة من أغنى دول المنطقة، وستوفر فرصا لجميع أبنائها وتشجع التكوين المهني في المجالات الجاذبة للعمل، مذكرا في هذا الصدد باستخراج الغاز وتوسع إنتاج المعادن وتشجيع التصنيع.
وحذر رئيس الجمهورية من مخاطر الإرهاب المنتشر في بعض الدول العربية ومن انعكاسات عدم الاستقرار، داعيا إلى المحافظة على موريتانيا من محاولات رجال الأعمال الفاشلين الساعين إلى تفكيكها وتوتيرها.
وتطرق رئيس الجمهورية إلى الفائض الذي تحقق في السنوات الأخيرة من خلال مضاعفة مردود بعض المؤسسات كمؤسسة الكهرباء التي استغنت عن دعم الدولة والتي كلفتها في السابق مئات المليارات وأصبحت تربح سنويا 500 مليون أوقية، وكذا مضاعفة مداخيل مينائي نواكشوط ونواذيبو وإنشاء شركة وطنية للطيران لأول مرة، تمتلك أسطولا جويا من أقوى الأساطيل في المنطقة، بعد أن فشلت الدولة في الماضي في بقاء شركة من هذا النوع.
وقال رئيس الجمهورية إن الاقتصاد الوطني في حالة جيدة بعد أن تمت السيطرة على سندات الخزينة التي سببت عبئا في السابق على الخزينة العمومية، مستعرضا في هذا الصدد تشييد مينائي تانيت وانجاغو وتعزيز شبكة الطرق والمستشفيات والمؤسسات المدرسية والمطارات والمنشآت المائية، التي تجاوز إنتاجها 150 مترا مكعبا يوميا، في الوقت الذي لم تصل شركة الماء إلى نصف هذه الكمية في الماضي.
وأبرز سيادة الرئيس أن من ضمن هذه الجهود، مشروع توفير الماء الشروب لولايات الشمال انطلاقا من النهر، بالإضافة إلى الفائض في الطاقة الكهربائية.
وفند رئيس الجمهورية الأكاذيب التي تقول إن وراء هذه التعديلات محاولة من الرئيس للاستمرار في السلطة وإلغاء محكمة العدل السامية وتغيير الحالة المدنية، مبرزا أن كل هذه تلفيقات عارية من الصحة يحاول من ورائها دعاة التفكيك والتوتير زعزعة أمن الشعب الموريتاني والقضاء على مكاسبه التي حققها في السنوات الماضية.
وقال إن المقترح المتعلق بالمحكمة السامية والذي لم يعرض للاستفتاء بعدما أصبح مثار جدل، لكنه لا يعني سوى إبعاد هذه المحكمة عن الجدل السياسي والإيعاز بصلاحياتها إلى المحكمة العليا حفاظا على فصل السلطات.
وتطرق رئيس الجمهورية لجو حرية التعبير الذي تنعم به البلاد في كنف الأمن والاستقرار، داعيا إلى التصويت بنعم لموريتانيا جديدة آمنة ومزدهرة ومستقرة، مبينا أن موريتانيا بين أيادي أمينة وعازمة على شق طريقها نحو المستقبل بخطى ثابتة خدمة لمشروعها الحضاري القائم على الحوار وعلى إرساء قواعد تنمية متوازنة.
وتحدث رئيس الجمهورية عن ملفات خطيرة في مجال شراء الذمم سيتم الكشف عنها في الأسابيع القادمة، مؤكدا حرص الحكومة على حماية الشعب الموريتاني وتحصينه في وجه مثل هذه الممارسات التي تتنافى مع الأخلاق والقيم المتوارثة عن الأجداد.