في كل مرة أحاول فيها الكتابة عن واقع مدينة بتلميت أصطدم بجدار المناعة الجهوية مخافة أن تترك حروفي أثرا سيء في أحد أبناء تلك المدينة بشرط أن يكون كم المشاعر التي يكنها لتلك الربوع أكثر من طوق المعنى الذي أحسه عندما يذكر اسمها .
وأنا في عمر الزهور كنت أردد بيتا من الشعر الحساني (كاف ) أتحفني به أستاذي وأخي العزيز محمد لمين ولد المبروك "بكين " :
لعادِتْ دشره ترفع صيت @ أتزيد احفول لشمن الدول
أمغرَّشْ عن بولتميت @ الموريتان أتعود أحفول
كان لهذا المونولوج أثرا نفسيا وقشعريرة ترافقه أين ما حكيَّ ..
الآن وقد بُحتُ بهذه المشاعر الصادقة .. أودُ أن أكشفَ الستار عن الوجهِ الآخر لهذه المدينة .. ليسَ وجهُ بتلميت المعطاءة ولا وجهها العلمي لا بتلميت المعرفة وطبعا ليس شعبها المناضل المضياف .. بل سأتحدث بتلميت التطبيل و النفاق السياسي وروائح النفايات النتنة ..
أول صورة تظهر لك وأنت على مشارف " الديار المقدسة " هي كومة من النفايات مكدسة عند المدخلين ..وحتى على قارعة الطريق الجديد .. يتبادر لك للوهلة الأولى أنك عرجتَ بالغلط على مكب النفايات في "تفريت" لا أنك في مدينة الثفافة السباقة للرقيِ والإتكييت ..
ما السبب ؟!
هل هو ضعف الساكنة من تجار ومؤسسات وأسر بسيطة عن دفع الإتاوات التي تفرضها البلدية مقابل التنظيف ؟!
أم هو تراجعٌ ثقافي أدى إلى تخلف الساكنة وغياب المسلكيات المدنية ؟!
طبعا .. لا هذا ولا ذاك ..
بل هو شغفٌ سياسي ماديٌ أدى إلى وصول الأشخاص الخطأ لأماكن تتطلب روحاً وطنية وإنسانية عالية ..
أحيكت لعبة سياسية خبيثة من داخل المدينة نفسها قبل أن تكون خارجية .. يعني من أبناء المدينة ومن لها أفضال كثيرة عليهم ..
وصل لبلدية بتلميت عمدة ومجلس بلدي لا يسمنون ولا يغنون من جوع .. وما فتؤو حتى بدأ إضراب عمال النظافة وبدأ جباية الضرائب وصاروا يعللون بميزانية البلدية الضئيلة .. إلى أن فضحهم الله وذاع صيتهم وكتبت الأقلام عن أختفاء 45 مليون أوقية من الميزانية !!
الآن يمكننا القول أن بتلميت المسكينة يتيمة الأبوين .. لا بلدية تمنحها توئمة .. مع أخرى خارجة كما كان في السابق ولا نائب يدافع عن حقوق الساكنة ..
شخصياً .. جانفتُ ذاك الصراع السياسي منذ الاستحقاقات الماضية ولم أدخله ولم أكتب عنه لأنني كنت على يقين تام أن أطرافه سيدمر بعضهم بعض .
لم تكن تصريحات العمدة السابق – عن تكتل القوى الديمقراطية الذي صبئ سياسيا – يوسف ولد عبد الفتاح عشية إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الماضية بخصوص الموثق الأستاذ إسحاق ولد أحمد مسكه ببادرة خير على المدينة ..
إسحاق – كباقي الأحلاف السياسية – لم يعجبه اختيار البارون أحمد سالم ولد بونه مختار لأبنه كمرشح لتمثيل بتلميت في البرلمان وميلان إدارة الحزب في نواكشوط لهذا القرار .. فغضب الأستاذ ولاح لأهله وسكان قريته " آرشان " بضرورة انتخاب مرشح حزب الإصلاح والتنمية نكاية في جماعة الحزب الحاكم .. من ما أثار حفيظة يوسف و كانت تلك البداية الفعلية للنسخة البوتلميتية من صراع الموالاة .. وتوالت الأحداث والتحق – للأسف – أساتذة وأطباء وأطر بالركب حيث شُكلت أربعة أطراف انتهجت الحقد على الساكنة و تغييب معاناتها .. وأتخذ كل طرف لنفسه درعا بشريا يتمثل في شخص ذو احترام عند الساكنة كأداة لجذب الأصوات ..
مربط الفرس من هذا الاسترسال في الحديث هو مقارنة جزئية بين صورة ظهر بها " أطر " بتلميت في كرنفال روصو ولافتة رفعها أبناء الأسر العريقة كتب عليها : ( ساكنة بوتلميت يطالبون الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالبقاء في السلطة ) وصورة أو تحفة فنية تسجد التراث وتبعث في القلب ألياف الماضي لتوصله بالحاضر ( تجمهر شبه يومي في شارع جان بور في قلب المدينة وصراع على أول من أتى باكرا.. وتراشقٌ بسهام الإتهمام بالغش بين البالغين غالبا من أجل ماذا ؟
من أجل الحصول على كيلوغرام من السمك الرديء ب100أوقية أي ما يعادل 0.28 دولار .. !!)
هل هناك تباين في الصورتين ؟
أم أنا صبيٌ تختلط عليه الألوان .. لا يفقه شيء في فن الصورة ..
تحياتي من خارج الإطار
و لنا عودة ..
موسى سيدي محمد لبات
.jpeg)
.jpeg)
