القمامة في بتلميت.. فشل السلطات يغلب جهد الشباب

ثلاثاء, 10/01/2017 - 13:13

تعيش مدينة بتلميت بولاية الترارزة منذ السنوات الأخيرة هزات قوية بالكاد تقف في وجهها تلك المدينة المعزولة بخصائصها وبرمزيتها وتاريخها , حيث تعيش أوضاعا مزرية على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
ومنذ قرابة 3 سنوات بدأت المدينة تحمل طابعا جديدا عنوانه المعاناة والتردي في الخدمات والإنهيار القيمي والإندثار التاريخي والحضاري , وأصبحت القمامة (الأوساخ) هي اللوحة الشائعة في مختلف شوارعها وأزقتها , والزبونية والمحسوبية والفشل في التسيير السنفونية المعزوفة كل الوقت.
مجلس بلدي متناحر , وعمدة ونائب يسيرون الشأن العام حسب الأهواء والمصالح والمردودية , وتبقى المعاناة هي سيدة الموقف .
بداية المعاناة
بدأت واجهة مدينة بتلميت تأخذ القمامة كأبرز مظهر لها وذالك بسبب الانتشار الملحوظ للقمامة في أغلب الأحياء والأزقة وخصوصا في الشوارع الرئيسية للمدينة , ويرجع البعض هذا الانتشار إلى تقاعس الجهات المعنية في مسؤوليتها إتجاه نظافة المدينة وفشلها في السيطرة على ذالك , حيث شهدت المقاطعة أيام تولي العمدة السابق يوسف ولد عبد الفتاح حملة قوية للقضاء على القمامة ولاحظ السكان التحسن الإيجابي الذي طرأ على المظهر العام للمدينة خلال الخمس سنوات الماضية.
والذي قامت فيه البلدية وقتها بوضع سياسية محكمة للحد من انتشار القمامة خصوصا في السوق المركزي , وقد تم تجهيز البلدية آنذاك بسيارات وشاحنات وعربات لنقل القمامة إلى مكب خارج المدينة , وتم إعطاء أهمية بالغة لعمال النظافة وتوفير مستحقات مالية معتبرة لهم من أجل تشجيعهم على عملهم الصعب.
وقد صار منظر القمامة المنتشرة في كل نقطة من بتلميت يثير إستياء السكان ومخاوفهم مما أدى بشباب المدينة إلى إطلاق صفارات الخطر و بدأوا يتحركون لنظافة المدينة بعد فشل وتقاعس الجهات المعنية في ذالك.
مبادرات في ظل الأزمة
كانت أولى المحاولات تلك التي أطلقها شباب المدينة بعدما أصبحت القمامة تهدد حياة المواطنين وتشكل خطرا على صحة الحيوان , وأثار ذالك الانتشار استياء الساكنة , حيث شاركت في تلك الحملة التي دامت أكثر من يوم كل شباب ونساء ورجال المدينة وواصلوا النهار بالليل , وساهم كل بما يمكن , وكللت هذه المبادرة التي لاقت استحسان الكثيرين بالنجاح , ليدخل بعد ذالك أطر بتلميت على الخط , حيث قاموا بإطلاق حملة هم الآخرون وحملت تلك المبادرة اسم أطر المقاطعة من أجل التقليل من الأوساخ والحفاظ علي المدينة بطريقة مقبولة
والتي قال حينها منسق الحملة موسي ولد بلال المشرف إن الحملة جاءت كبادرة للعمل الجماعي والقيام بجزء من المسؤولية من طرف أطر وأبناء المدينة
وقال موسي إن آليات كبيرة تم استخدامها حيث قام حاكم المقاطعة بالمساعدة بجرافة ” آكردير ” لجمع الأوساخ في أماكن معلومة وجعلها في سيارات كبيرة لإخراجها من المدينة.
لم تفلح كل هذه الجهود والحملات في القضاء بشكل كامل على المشكل , بل زادت أكوام القمامة وأنتشرت المكبات في وسط المدينة وفي ساحاتها , الأمر الذي أثبت عجزا وفشلا كبيرا , وراهن على أن هؤلاء المسؤولين لايستحقون تسيير الشأن العام .
منظمة بتلميت للتنمية الاجتماعية تحمل المشعل وتكسب الرهان
حملت بعد ذالك الجهد الكبير والدور المخلص منظمة شبابية تدعى "منظمة بتلميت للتنمية الاجتماعية" مشعل وزمام المبادرة وراهنت على أن الشباب الايجابي بطاقته وحيوته يستطيع صنع المعجزات وخدمة الوطن و"الموطن" وأشعلت الهمة في نفوس أبناء المدينة خدمة للمصالح العليا لبتلميت , وقامت بحملات متكررة لنظافة المدينة وهي الجهود التي كللت بالنجاح بالتعاون مع البلدية التي أحست بالتقصير حين تقاعست عن تحمل المسؤولية التي ترصد لها المبالغ المالية المعتبرة على كل التراب الوطني , إضافة إلى الهبات والمنح الخارجية .
حملات منظمة بتلميت للتنمية الاجتماعية غيرت من واقع المدينة وحسنت من صورتها وأزالت عن وجهها العبوس ذالك الشحوب , بعد أن قاموا بدور تطوعي يعكس النضج الثقافي والوعي الحضاري لشباب بتلميت .
إلا أن المتجول هذه الأيام في المدينة يلاحظ أن كل شيئ عاد إلى طبيعته أو زاد أكثر .
فمتى تتحمل السلطات المسؤولية كاملة ؟ أو تحافظ على الأقل على مابذله هؤلاء الشباب الخيرين حتى لاتضيع جهودهم مهب الريح.
أم أنه العجز المالي كما يبررون ؟
كيف لبلدية مركزية تثقل كاهل مواطنيها وتجارها بالضرائب ولها ميزانية سنوية وهي التي حصلت على عدة تمويلات أجنبية كان آخرها صك بقيمة 24 مليون أوقية مقدم من طرف جهة فرنسية لوضع سياج على مدارس قليلة في بعض القرى التابعة للمقاطعة تتحدث عن عجز مالي؟.
  إن عديد التمويلات والتي كاد أحدها أن يكون في حسابات مسئول الخزينة المختار ولد الجيد الذي تم توقيفه بعد محاولة توريط العمدة في ذالك المبلغ المختفي والبالغ 45 مليون أوقية لم يضف أي جديد للمدينة لا على مستوى البني التحتية ولا على مستوى الخدمات الأخرى , بل شكل حلبة للصراع بين أغلب المستشارين المحسوبين على حزب الإتحاد الحاكم والمسيطر سياسيا على المدينة في هذ الوقت .
 (قسم التحاليل "الحرة" )