الوهم لا يصنع التاريخ

ثلاثاء, 27/12/2016 - 17:44

عندما يتعلق الأمر بالوطن تنمحي كل أواصر التاريخ والجغرافيا وتتريث الدبلوماسية حتى إشعار آخر.
موريتانيا ظلت مرفوعة الهامة وقد رفرف علمها خفاقا منذ عهد يوسف بن تاشفين مؤسس مغرب العصور الوسطى وباني إحدى أهم حواضر المغرب مراكش والتي أعطت للمغرب اسمه ( maroc).
يوسف بن تاشفين موريتاني المولد والنشأة والتكوين مغربي المهجر والإقامة.
كما هو حال الشيخ ماء العينين وحال الكثير من الموريتانيين الذين سالت دمائهم الزكية دفاعا عن المغرب والمغاربة في وجه الأطماع الفرنسية.
إنه أقل ما يمكن أن يقدمه جار لجاره حسب تعبير المغرب التي وصفت موريتانيا ذات يوم بأنها بلد جار وغيرها شقيق .
لو عاد رئيس حزب الاستقلال الموقر إلى التاريخ لوجد أن موريتانيا هي الأصل وغيرها الفرع.
فالمنطقة التي كانت تضم المغرب والجزء الأكبر من الأراضي الموريتانية، عرفت قديما بموريتانيا ثم عرف الجزء المغربي منها خاصة بموريتانيا الطنجية.
لقد قدم الموريتانيون إلى منطقة الشمال الإفريقي عموما خدمات جليلة نذكر منها اثنتين فقط نظرا لعالم الاختصار:
أولهما الدولة المرابطية والتي أخرت سقوط الأندلس مائة عام.
عشرات الآلاف من الموريتانيين الذين لبوا دعوة الجهاد ضد المستعمر، فكم من أسرة موريتانية فقدت أبناءها وكم من قبيلة فقدت أعزائها على أرض المغرب رغم بعد الشقة وصعوبة الظروف.
من يعرف كل هذه الحقائق، والتي هي مسلمات لا تحتاج برهنة،ثم يتصور أن تكون موريتانيا جزءا من مملكة ظلت عبر تاريخها معزولة في محيطها الإقليمي ولم يكتب لدبلوماسيتها النجاح في تسيير خلافاتها مع دول الجيران حتى لا أقول أكثر.
إن ما ظهر مؤخرا من محاولات "لتقزيم" موريتانيا من بعض "النخب "المغربية أو هكذا يفترض, وتجاهل لتاريخها, إن لم يكن جهلا به،ما هو إلا إعادة لاستنساخ الأطماع التوسعية ومحاولة لتصدير المشاكل الداخلية التي تعاني منها، وهو ما يشبه حالة السيدة التي "عجزت عن حمل متاعها فقامت بزيادته".
أنا أكن الكثير من الاحترام للسيد شباط، لأنه قد يكون من أحفاد المرابطين وبالتالي فهو موريتاني حاصل على جنسية دولة أخرى، لكن أنبه إلى أن ما قاله "شباط"سبقه إليه إخوة له من قبل وكانوا بحجم تفاهته وسوء تقديره لموريتانيا الأرض والتاريخ وسوء الظروف والتوقيت الذي نفث فيه سمه, لكن هيهات أن ينال من موريتانيا الغنية بتاريخها الثقافي والقوية بشعبها وجيشها ومواردها التي تصيب بالحول.
على المغرب أن تعتذر من أعلى هرم في السلطة للجمهورية التي تستحق وتفرض شروطها وتنظر إلى مصالحها بعينها هي لا بعيون الآخرين.
إنما صدر مؤخرا من حزب الاستقلال المغربي الفاشل داخليا لن يرص صفوفه الداخلية بقدر ما سيكون وبالا وبداية للتشرذم والانقسام ومن عجز عن تشخيص الواقع المحلي وفرض نفسه على الناخب المغربي عليه أن يكون بطبيعة الحال بمنأى عن التطفل على السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية المتماسكة بسياستها الرشيدة و شعبها الأبي وجيشها الكاسر.
فمن سجية الموريتانيين أن لا ينقضوا العهد وإن قرروا السلم أعطوه وإن قرروا العكس أشفوا الغليل، فبيئتنا الصحراوية القاسية هي التي أكسبتنا رباطة الجأش وقوة التحمل والصمود والتعامل مع الطبيعة القاسية بالأحرى مع التصدي للأباطيل والأوهام التي يبتدعها بعض المرجفين والمصابين بالخور وقصر البصيرة .
موريتانيا كانت وما تزال قادرة على ضرب أي عمق يصدر إزعاجا لأي مواطن أحرى المساس من السيادة الوطنية.
الجمهورية الإسلامية الموريتانية ظلت رغم تتالي الاستفزاز المغربي لها, تتسامى على الترهات التي يبثها الإعلام المغربي وتنأى بعيدا من توتير العلاقة بين البلدين وتنزع إلى السلم وتحكيم منطق العقل والدبلوماسية, غير أن بعض المغاربة أبو إلا أن نريهم الجانب القاسي منا وقد استحقوا ذلك.
أعلم جيدا أن هناك استياء عام داخل المغرب من النجاحات الدبلوماسية التي حققتها موريتانيا في العالم, والديمقراطية التي سبقت إلها, وبذلك شهد شباط نفسه فقد قال في لقاء مع رئيس الحزب الحاكم الموريتاني إن موريتانيا استطاعت أن تؤسس لديمقراطية ناجحة " والحق ما شهد بيه الأعداء" أيها المغاربة رجاء كونوا أذكياء وأعلموا أن تصدير الأزمات تجارة بائرة ولن تعود بالنفع عليكم.
عاشت موريتانيا الكل أبية حرة.
عاشت جمهورية الأرض والتاريخ.
عاشت الشعب والقيادة الوطنين.
بقلم : سيد أمحمد أجيــــــــــون