موفقاً على ذات الدرب الذي انتهجه سلفا في الإصلاح بين الناس وإشاعة الفضيلة وبناء عهد جديد سمته الأخوة وغايَتُه توطيد الرحم بين أبناء المجتمع الواحد من قبيلٍ وعشيرٍ وحتى أسريةٍ، باذلا في ذلك كلَّ جهدٍ وطاقة حتى يتحقق المنشود وتعودَ المياه إلى مجاريها التي يجب أن تكون عليها .
موفقا في السير على ذات الخطى التي رسمها الجد الأكبر وحمل لواءها صفوةُ الأبناء جيلا بعد جيل، فكانت بصماتُهم الاجتماعيةُ والعلميةُ والحضاريةُ وتأثيرُهم في تحويل مسار الأحداث وكتابة التاريخ شأواً، أهم صفحة تستلهم منها المجتمعات ويستنير بها قادة الإصلاح ودعاة الفضيلة في أقطار المعمورة والساحل العربي المغاربي على الأخص .
عظيم هو الشيخ سيدي محمد الفخامة ولد الشيخ الحكومة ولد الشيخ سيديا، فلا يكاد الرجلُ يحطُ الرحالَ من قافلة صلح بين شخصينِ أو عشيرٍ أو مجموعةٍ قبليةٍ، حتى يشدها في سبيل رحم جديدْ، ولو كلفه ذلك إنفاقَ عشرات الملايين وتطلب منه السهرَ والسفرَ ومجالدةَ الصعاب، والاغترابَ أسابيعا عن الدارِ والمحاظر التي يُشرف عليها وعن حاضرتِه العلمية "البلد الأمين"، في سبيل غايةٍ خالصةٍ لوجه الله تعالى، كانت ربوعُ لبراكنه شاهدة عليها قبل جغرافية اترارزة ومناطق واسعةٍ من هذا الوطن الحبيب، ما أريد بها غايةً سياسيةً ولا مجدا مفقودا ولا سمعةً اجتماعية، وهيهات هيهات فالأيام تتحدثُ وصفحاتُ التاريخ غَضَّةً طَريَّةً بالمُثلِ المَثيلاتِ الشاهدات المترعات .
عرجاءٌ هي الكلماتُ وشحيحٌ رعافُ فيضُ الحروفِ وقزماءُ قامةُ المقالات والخواطر، إن حاولت أن تحيط بالموضوع أو يُخَيَّلَ لك أنكَ ستفي في حقِ ودورِ شخصٍ عظيمٍ مثل الفخامة ولد الشيخ سيديا، الذي وفق خلال العِقد الأخيرِ وحدهُ في الإصلاح بين سوادٍ كبيرٍ من الناس، وطهرَ الصدورَ من الشحناءِ والتنافر، ليُجْبِلَهَا على التقارب وإشاعةِ: "حِبَّ لأخيك ما تُحب لنفسك"، ويجعلَ القاعدة الشاملة: "واعتصموا بحبل الله جميعا". هذا ناهيك عن دوره العلمي الرائد وإيثاره وإنفاقه وإعالته لمئات طلاب القرآن وعابرِ السبيل والمؤلفَةِ قلوبهم.. وأعي هنا ما أقول جيدا.. المؤلفةِ قُلوبُهُمْ !
متعنا الله بالشيخ سيدي محمد عقودا وأدام عليه الصحةَ والخيرَ والعافية، وبارك في خطواتِهِ وحركاته وجهوده، وجزاه عنا وعن الإسلام والوطن خيرا .
الشيخ ولد احميدي
إعلامي موريتاني