يبدو وأن حرارة الصيف قد أفرزت الكثير من الواعظين.. يلومون إكرام وقدور ويرجعون الإنحراف والضياع بسبب انتشار الفسق في أمريكا، ويحذرون المحجبات والملتحين من إغراءات أضواء لاس فيغاس ووحشية الغربة.
حقيقة الأمر أن محاكمنا وشوارعنا وبيوتنا تعج بألف قدور وألف إكرام، ولا تحتاج السفر إلى أمريكا لتجد فيديو هوارية وقدور، ففي بلادنا تقع آلاف الفضائح والتلاعبات.
يقولون “أجمع المال وما تسافرش وتزوج أربعة”، تشريع جديد لجعل كل بيت محل الأهواء، وفي اليوم الثالث يصبح المتزوج المستمتع زبون محاكم.
الأمر معقد وليس مسألة زواج وعنوسة، بل هي مشكلة مجتمع هش وإنسان يبحث عن هويته ووطن فقد بوصلته واقتصاد منهار، وعندما يجد علماء الدين والاجتماع والاقتصاد حلولا لهاته المعضلات، ستبدأ الأمور بالعودة إلى نصابها وطريقها الصحيح.
لا يجب أن نقيس على حالة فردية وشاذة وقد تكون من نسج خيال وسخ، فهناك آلاف إكرام وعبد القادر من جعلوا من الإغتراب منفذا وحلما جميلا عجزت جزائر الاستقلال عن تحقيقه لهم، بعدما استولى حثالة القوم وبرجوازية البلد على كل حلم جميل
هناك الكثير ممن أعرفهم ضحوا وتعبوا وساعدوا زوجاتهم الجزائريات على خوض جو المنافسة في الغرب، تعلّمن اللغة والعلم وأصبحن طبيبات وأستاذات.
محمد العامل المهاجر في لندن تزوج عائشة في العاصمة وأخذها لتشاركه تجربة الاغتراب، محمد ليس جامعيا لكنه مبدع ونشيط، سجل زوجته إبنة جامعة باب الزوار في مدرسة لتعلم الانجليزية في ضواحي لندن، وبعدها تقدمت لمسابقة الأساتذة ونجحت، وأصبحت بعد سنتين مدرسة فرنسية ورياضيات وساعدت في تحسين ظروف معيشة زوجها إلى حد كبير، بل شرعت في إرسال مساعدات مالية إلى عائلتها في الجزائر.
أنجبت عائشة ثلاثة أطفال أكبرهم أمال سنها الآن قارب العشرين، وفي السنة الماضية كانت من أحسن عشرة تلاميذ في مدينتها قرب كمبريدج، وتحصلت على البكالوريا من ثانوية كمبريدج وتقدمت إلى مسابقة للحصول على مقعد لدراسة الطب في الكلية الملكية بجامعة لندن، كانت المنافسة عالمية لشهرة الكلية والجامعة، ورغم ذلك إفتكّت الطالبة الجزائرية آمال إبنة المهاجرين مقعدا، ونافست أبناء الأغنياء والرؤساء، وهي الآن تدرس الطب هناك..
هاته قصة نجاح.. أما قصة عبدالقادر وإكرام التي قُدّمت لنا في وجه تراجيدي لا أكثر، فهي تُبرز الوجه البشع للفاشلين.