استضافة موريتانيا لمؤتمر القمة العربية السابع والعشرين هو شرف يستحقه بلدنا بفضل الثقة بالنفس والاعتزاز بالمكتسبات والقناعة والاعتماد على الذات، وفضلا عن ذلك تشكل هذه الاستضافة تتويجا لمسار طويل من النجاحات الدبلوماسية التي حققتها موريتانيا، ونتيجة طبيعية لتصدر موريتانيا المشهد الإقليمي والدولي خلال السنوات الأخيرة، عندما استلم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ملف الوساطة في العديد من نزاعات المنطقة، وهو جهد كان بالتوازي مع نجاحات أخرى في ساحة أخرى من ساحات العمل الدبلوماسي الجدي والمثمر هو رئاسة المنظمات الإقليمية والدولية مثلما هو الحال مع تجربة قيادة الإتحاد الإفريقي، واحتلال الشخصيات الموريتانية لمراكز القرار في العديد من الهيئات الدولية والإقليمية ممثلين وأعضاء بارزين أو حتى مبعوثين ورسل سلام لأكبر هيئة دولية هي الأمم المتحدة.. وهي اختيارات كان من ورائها الدبلوماسية الموريتانية بثقلها وسمعتها الحسنة في المحافل الدولية..
النتائج التي حققتها الدبلوماسية الموريتانية، يعززها أيضا قدرة دبلوماسيتنا وحنكتها في أخذ موقف متوازن من القضايا المطروحة على الساحة، مما جعل موريتانيا موضع ثقة كل الأطراف، وبوأها للعمل من موقع قوة نحو هدف تنظيم قمة عربية ناجحة تحقق "الأمل" المنشود في تعزيز الوحدة العربية وتحقيق التكامل بين الأشقاء، وتعيد ترتيب البيت العربي وفق ما تمليه مصلحة الشعوب وواقع التحديات المحيطة بالمنطقة، ويجعل من السهولة نسبيا التعاطي مع الملفات المطروحة أمام القادة في ظل أجواء نواكشوط المهِيّأة لحالة الإجماع العربي، والمحفزة للتفاعل الأخوي الايجابي بين الأشقاء الذين ستُظِلهم الخيمة الموريتانية بروحانيتها على أرض "شنقيط".. أرض المنارة والرباط.. منارة العلم ورباط التقوى.
قصة النجاح الدبلوماسي التي يجسدها- أخيرا وليس آخرا- استضافة موريتانيا للقمة العربية المنتظرة بعد أيام قليلة في العاصمة نواكشوط، هي أيضا ترجمة لمستوى الثقة بنجاح مقاربتنا الأمنية، وصك اعتراف بكون موريتانيا واحة أمن وسلام عز نظيرهما في شبه المنطقة والعالم، بفعل التحديات الأمنية التي تعصف بالعديد من الدول، وهو أيضا مكسب يعزز من فرص نجاح القمة في تدارس الملفات وأخذ القرارات المتعلقة بمصير العمل العربي المشترك، في أجواء تروِ وطمأنينة يحتاجها مثل هذا النوع من مؤتمرات القمة، التي تعد محط رهانات القوى الدولية، وينتظر نتائجها الإيجابية أكثر من ثلاثمائة مليون عربي.
وتبقى قمة نواكشوط فرصة لنا كموريتانيين لإبراز خصوصية موريتانيا، كبلد مثّل عبر تاريخه منارة إشعاع علمي وثقافي وروحي بفضل علمائه الإجلاء الذين كان لهم حضورهم في العالم كأفضل سفراء لبلاد "شنقيط"، حاملين راية العلم إلى ربوع بلاد الله الواسعة في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وتركوا لنا أرثا حضاريا ومجدا تليدا نود أن تكون فرصة استضافة القمة مناسبة لنستعرض أمام مع وفود القمة العربية هذا ونتقاسم مع أشقائنا العرب هذا المجد الذي يجسد عظمة الإنسان الموريتاني، وهو يكرس حسن الضيافة الذي اشتهر به مجتمعنا وقيم المحبة والتآخي مع جميع الأشقاء.. فأهلا وسهلا بالعرب في الخيمة الموريتانية الأصيلة..
جريدة "الشعب" – العدد 11000 بتاريخ 14 يوليو 2016