أعربت أوساط أوروبية عن قلقها من التوتر الذي قد تشهده موريتانيا مستقبلا جراء تفاقم الحديث عن تعديل دستوري يمهد الطريق نحو ولاية ثالثة للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، مما قد يؤثر على استقرار منطقة الساحل ومحاربة الإرهاب في وقت يزداد خطر هذه الظاهرة بسبب ما يجري في ليبيا ونيجيريا مع بوكو حرم.
ورغم المدة الزمنية التي تفصل عن الانتخابات الرئاسية المقبلة هي طويلة نسبيا، إلا أن موريتانيا بدأت تعيش نقاشات سياسية حادة عل خلفية ما تعتبره المعارضة وجزء كبير من الرأي العام العام بنية غير معلنة للرئيس محمد ولد عبد العزيز الترشح لرئاسة ثالثة بعد الإعلان عن تعديل الدستور المعمول به في الوقت الراهن.
وكان الرئيس قد أعلن مؤخرا نيته تعديل بعض بنود الدستور دون الحديث مباشرة عن ولاية ثالثة. لكن الإعلان دفع بالمعارضة الى التوحد والتشكيك في نوايا الرئيس خاصة بعدما بدأ يصفها ب “أعداء الوطن” في خطوة لإقصاء رأيها، وبدأت وسائل إعلام مقربة من السلطة تلمح الى ضرورة ولاية ثالثة للرئيس الذي وصل في بادئ الأمر عبر انقلاب عسكري وقام لاحقا بانتخابات تشريعية للحصول على الشرعية.
والمفارقة أن موريتانيا التي كانت قد تقدمت منذ سنوات بما فيها إبان خلال الفترة الأولى لحكم محمد ولد عبد العزيز في التقارير الدولية حول حرية التعبير والتقدم الديمقراطي، تسجل وابتداء من سنة 2015 تراجعا مستمرا، مما يؤكد بدء سيادة مناخ غير صحي للتطور السياسي.
وكشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى من الاتحاد الأوروبي لجريدة القدس العربي سيادة نوع من القلق وسط المؤسسات الأوروبية التي تهتم بالمغرب العربي ومنطقة الساحل، وذلك جراء الجدل السياسي المتفاقم حول ولاية ثالثة. وتؤكد هذه المصادر “معظم النقاشات والقرارات في الدول الإفريقية حول تعديل الدستور من أجل ولاية جديدة للرئيس تنتهي سلبا وآخر مثال حالة رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري”. وتتابع “الوضع الحالي لا يدعو الى القلق طالما لم يعلن الرئيس تعديل الدستور للاستمرار في السلطة”.
ويعود هذا القلق الى السياق العام في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الصحراوي نتيجة تداعيات الربيع العربي ونتيجة انتشار الإرهاب تدريجيا في هذه المناطق نتيجة وجود بوكو حرام في نيجيريا وتعاظم قوة الإرهابيين في ليبيا علاوة على وجود حركات أخرى في الساحل مثل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
ويرى المراقبون أن الرئيس الموريتاني قد يترشح الى ولاية ثالثة بحكم طموحاته السياسية منذ رئاسته للاتحاد الإفريقي وكذلك نهجه سياسة ترمي الى الابتعاد عن التأثير السياسي لأكبر شريكين للبلاد المغرب والجزائر والرهان على تجمع دول الساحل بديلا عن المغرب العربي.
وتلعب موريتانيا دورا رئيسيا في محاربة الإرهاب في شمال غرب إفريقيا، وهذا ما يفسر الدعم المالي واللوجيستي الذي توصلت به من طرف الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا واسبانيا. ويحرص الغرب على دعم الجيش الموريتاني لتفادي وصول الحركات الإرهابية الى الساحل الأطلسي.
المصدر