خطاب الرئيس الموريتاني يوم أمس( الثلاثاء 3 مايو 2016) فى مدينة النعمة لا يمكن إخراجه عن دائرة المنهج التعليمي الإبتدائي، حيث تُدرَّسُ مواد التاريخ واللغة العربية والتربية الإسلامية والحساب...
• لم تكن للخطاب علاقة بالتاريخ إلا من باب تزوير وقائعه ( تحويل المتحدث من منقلب على الشرعية إلى حامٍ للديمقراطية!!!)
• ولم تكن له علاقة بلغة الضاد التي حولها المتحدث إلى لغة الدال والمشتقات الشاذة (المعارَدَة- دَرُوري- توافيق-مفاهمة...)
• و لم تكن له علاقة بالتربية الإسلامية والأسلوب الحسن ( يجب الحد من نسل العبيد والحراطين...المعارِضاتُ لسْن من جنس الإناث... بعض المتاجرين بالعبودية بِعْرَيْفاتْهُمْ..)
• أحسن المخارج أن الخطاب كان حسابيا: (جمع) فيه المتحدث مستمعيه تحت شمس حارقة،و(ضرب) عقولهم بالسخرية، و(طرح)ـــــهم أرضا، و(قسَّم) عليهم الوعود، قبل أن يصفي حساباته مع من قد يقفون فى طريق مخططه المكشوف للبقاء فى السلطة.
لقد تمخَّضَ المتحدث فولد (دَرْصًا):
- ارتجل تحديد السقف الزمني لإطلاق الحوار فلم يكن دقيقا كعادته (ثلاثة أسابيع...أو أربعة)،
- أقصى نفسَه مسبقا من الأهلية للمشاركة فى الحوار المرتقب حين حصر شروط تلك الأهلية فى ثلاثة: الثقافة ، السياسة والإهتمام بشؤون البلد.
- دعا كل أطياف المعارضة إلى حوار وقال إن الباب مسدود أمامها!!!
- نهى عن خلُقٍ أتى مثلَه ولا زال يأتيه : قال إن المعارضة لا ينفعها التحسين، بينما الشعب الموريتاني كله شاهد على أن المتحدث تم "تحسينه" من انقلابي متمرد على الشرعية إلى "مالك" للشرعية.
- برر حل مجلس الشيوخ بأنه عرقلة لمسار التشريع: ومتى اعترض المجلس على مشروع قانون تقدمت به الحكومة أو حتى عرقله ساعة واحدة؟!!!. الواقع أنه لا يمكن لجم طموحات رئيس مجلس الشيوخ فى المرحلة القادمة، حتى ولو ظل محسن ولد الحاج، فانتقال السلطة الرمزية – تحت أي ظرف - إلى رئيس مجلس الشيوخ يعني خروجها من دائرة السيطرة ، وهذا ما يحاول المتحدث فى النعمة منْع وقوعه.
- نفى المتحدث وجود أي سجين سياسي : فهل أدخل بيرام السجن بتهمة الإنتماء لداعش، أو بيع المخدرات؟ أو تشكيل عصابة للسطو على المنازل؟ ألم يهيئ له حزب المتحدث أفضل الظروف لينافسه فى انتخابات الرئاسة الأخيرة ويحل ثانيا بعده فى الترتيب؟ وهل تم اعتقال الشباب من حركتيْ "ماني شاري غازوال" و "25 فبراير" فى النعمة بتهمة الإنتماء إلى جماعة (بوكو حرام)؟
- نفى المتحدث قيام نظامه بحرب بالوكالة فى جمهورية مالي واتهم المعارضة بالإرتماء فى أحضان فرنسا : يعرف المتحدث فى قرارة نفسه أن فرنسا قد استغنت عن دوره فى شبه المنطقة وأمسكت –مع بعض حلفائها- زمام المبادرة على الأرض (عندما كان المتحدث يحشر بعض مواطنيه تحت لفح الشمس فى النعمة كان وزيرا خارجتيْ فرنسا وألمانيا يجتمعان مع الرئيس النيجيري فى نيامي بعد أن اجتمعا فى باماكو مع الرئيس المالي وزارا ليبيا قبل ذلك، فى رسالة واضحة أربكت حسابات المتحدث فجاء كلامه خارجا عن سياق اللباقة الدبلوماسية ).
لقد كان خطاب النعمة الحسابي تفكيرا بصوت عالٍ فى مأزق ليست حساباته مضمونة النتائج، والمتحدث لا يحب حسابات لا توضعَ فى الجيب.