على مر سنوات طويلة والممارسة السياسة فعل تقليدي تحكمه الإكراهات الجهوية والقبلية، أو فعل سلطوي تؤطره السلطة وتتحكم في مخرجاته ، وعلى هذا كان المشهد وجرت العادة ولم تحدث استثناءات تذكر غير محاولة بعض الحركات الإيديولوجية الخروج بالسياسة من هذه المستنقع قبل أن تغرق في وحله إلى الودجين ، وتصبح عاملا مضافا في استمراره واستقراره .
وحتى المعارضة السياسية والتي يفترض أن تكون طرحا غير تقليدي خارج على السلطة في نمط تفكيرها وفي نمط ممارساتها، لم تنتج بديلا في هذا المجال وكانت مشاركتها بنفس النمط الذي تشتغل به السلطة وتحضر فيه الأطر الجهوية والتفاهمات القبلية كفاعل رئيسي لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه، هذا الأسلوب حول العملية السياسية لجهد ضائع لا أفق له، ولا ينتظر منه صناعة أي بدائل، وأستسلمت النخب لحالة الفراغ القائمة .
في ظل هذا الواقع برز إسم فاعل سياسي يشتغل بأسلوب غير تقليدي، ويؤسس لطرح سياسي مختلف عن السائد أو بمعنى آخر يعيد للسياسة وميضها وللفعل السياسي مسؤوليته ، برز إسم الأستاذ سيدي محمد ولد محم، كحالة سياسية بارعة تعيد الألق للسياسة من خلال توليفة مختلفة عن القائم في المشهد السياسي، توليفة مشحونة بالحضور والمسؤولية والثقافة والالتزام .
فرغم وجود الرجل في جانب السلطة وترأسه للحزب الحاكم، إلا أنه نجح في كسر المألوف والخروج على التقليد، حيث أسس لنموذج الإلتحام الشعبي في العمل السياسي وجعل من حزب السلطة مؤسسة للعمل الأهلي والإشراف على سد الثغرات التي تصاحب التسيير الحكومي، والإرتقاء بالفعل السياسي من مجرد عملية إنتخابية إلى عمل يومي وحضور في مختلف جوانب حياة الناس .
• أعاد من خلال إتقانه للغة الخطاب السياسي العلاقة بين الرأي العام والمجال السياسي والمنقطعة من دهر بعيد، حيث يندر أن تجد إهتمام الشارع بكلام أي سياسي أو حديثه لوسيلة إعلامية، بإستثناء المداخلات التي يقدمها من وقت لآخر الأستاذ سيدي محمد والتي تكون محل تطلع الجميع معارضة وموالاة وبين ذلك، لقدرتها النادرة على قراءة المشهد وتحديد ثغرات الواقع دون غلو في التحيز لموقعه، ودون سقوط في المواجهة المفترضة مع الخصوم. فتح أفق العمل السياسي الوطني ليكون على تلاقي مع الفاعلين السياسيين إقليميا ودوليا، في ظل تطور أشكال العلاقات بين البلدان لتتجاوز الدبلوماسية التقليدية، وهو الحضور الذي سجل فيه السبق حيث ظلت الأحزاب السياسية رهينة صراعاتها المحلية ونقاشاتها الداخلية بإستثناء بعض"القرابات"الإيدلوجية التي غذت بعد الأحزاب في مراحل معينة.
• توطين الحضور الحزبي في البلد حيث فرض إمتلاك عقارات بإسم الحزب، ليتحول الحزب السياسي على ذلك الأساس لحضور مستمر غير مرتبط بمواسم معينة، وهو الأمر القائم في مختلف بلدان العالم حيث تمتلك الأحزاب السياسية مكاتبها ، هذا السبق الذي يعود الفضل فيه للأستاذ سيدي محمد ولد محم، سيعني في المستقبل أن أي حزب سياسي لايمتلك عقارات ثابتة هو مجرد حقيبة موسمية .
• إشتغاله على تحصين الإنتماءات الحزبية من خلال الشروع في عملية إنتساب مربوطة بالرقم الوطني والوثائق المؤمنة، مايضع حدا لعبثية الإنتساب للأحزاب، وهو الأمر الذي سيحدد في مرحلة مقبلة نوع وحضور أي فريق سياسي في الساحة بشكل حقيقي دون أرقام منفوخة ودون قوائم إنتساب بأسماء وهمية .
النموذج الذي أسس له سيد محمد ولد محم وقعد له ميدانيا، كسر حالة الرتابة في المشهد السياسي، وكشف حقيقة أدعياء السياسة، والمقتاتين على السياسة، وملاك الدكاكين السياسية التي تزدهر مواسم الإنتخابات، أو مواسم الأزمات السياسية ، وجعل الجميع أمام حقيقة هي الأصل أن السياسة ثقافة وحضور ومسؤولية وإلتزام، وليست مجرد مواسم للصيد أو فرصا للتسلق والوصول
محمد الامين عرفه