لمن يخالجهم أدنى شعور بأن طغمة عسكرية فاسدة تحكمنا ، فليسمعوا بتهديد الجنرال الأغر المعتز بنفسه لصحفي بسيط لاحول له ولاقوة ولا سلاح إلا قلمه ، وعلى عكس الجنرال الذي يمتلك الكثير من المواقع في طول البلاد وعرضها على الأرض وتحت الشمس لايملك الصحفي المسكين سوى موقع متواضع في هذا الفضاء الافتراضي ينشر فيه بعضا من غسيل هذه العصابة، وهو مالم يعجب الجنرال المعتد بنفسه فقرر تسوية هذه القضية كما تعود هو ورفاقه بطريقة احتقار هذا الشعب والدوس على كرامته " بالبوط العسكري الغليظ" مهددا بالضرب والقتل والسحل فقط لأن الصحفي المسكين خالفه الرأي ونشر خبرا عن استقالة ضابط في القطاع الذي يديره الجنرال كمحمية إقطاعية طبيعية يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ٠
لاتستغربوا ففي أرض الجنرالات ومنتبذهم القصي يضرب بالعصى كل من عصى ولايساوي الناس شعرة في الشوارب المفتولة للجنرال الأغر، هكذا كانت صولاتهم في ماضينا وهكذا يديرون حاضرنا ويرسمون بعناية مستقبلنا ويدوسون ويدعسون على آمالنا وطموحاتنا.
في النهاية مانحن سوى شعب فقير مسكين يسليهم ويأثث لهم دولتهم ويملئها ضجيجا حتى لايحسوا بالملل، ومن يكسر الحواجز التي يرسمها الجنرال فمصيره محتوم، ومستقبله غامض، وعليه أن يلعن اليوم الذي ولدته فيه أمه.
حتى صفتنا الآدمية لاتعجبهم، فقد سمعت أن بعضهم يسمي الناس بالصراصير ويمتعض من كثرتهم، وحتى في هذه ليس علينا أن نغضب أو نشمئز من وصفنا بالصراصير، بل يجب أن نبحث عن جانب مشرق في هذا التشبيه كصبر الصراصير وتكاتفها ، حتى نطابق الوصف الذي يصفنا به الجنرالات.
تجاوز الصحفي كل الخطوط الحمراء لأنه فكر وكتب دون إذن الجنرال المحكم في رقاب العباد والبلاد ويستحق بالتأكيد ما سيجري له لأنه أزعج جنرالا ولو لطرفة عين وشغل فكره العظيم وشغله عن الدوس على كرامة شعب مسحوق ولو لبضع لحظات.
بالنسبة لي ليس في قصة الجنرال والصحفي أي جديد أو مفاجئة طالما أننا موجودون في هذه البلاد لنحرز رضاهم ونستمتع بامتهانهم لكرامتنا فلماذا الامتعاض؟ لماذا الرفض لسلوك طبيعي لمن تشرب احتقار الناس ودرسه وتدرب عليه ؟
عزيزي الصحفي تذكر دائما الجنرال يمارس حقه الطبيعي والبديهي في تهديد من يشاء وبالطريقة التي يريد طالما أنه موجود على هذه الحوزة الترابية المخضوبة بصولات الجنرالات والعقداء اللذين تشربوا عقيدة احتقار الشعوب، في النهاية هذه أرضهم أرض الجنرالات هي هبتهم لنا فلنشكرهم أو لنصمت كما تعودنا على مر التاريخ.