منذ ما يقارب تسعة أشهر بأيامها ولياليها يعاني عمال النظافة في بتلميت من أزمة خانقة تتمثل أساسا في تأخر الرواتب , وضعف الأداء العملي بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلدية .
بداية المعاناة
بدأت واجهة مدينة بتلميت تأخذ القمامة كأبرز مظهر لها وذالك بسبب الانتشار الملحوظ للقمامة في أغلب الأحياء والأزقة وخصوصا في الشوارع الرئيسية للمدينة , ويرجع البعض هذا الانتشار إلى تقاعس الجهات المعنية في مجال نظافة المدينة , حيث شهدت المقاطعة أيام تولي العمدة السابق يوسف ولد عبد الفتاح حملة قوية للقضاء على القمامة ولاحظ السكان التحسن الإيجابي الذي طرأ على المظهر العام للمدينة خلال الخمس سنوات الماضية.
حيث قامت البلدية بوضع سياسية محكمة للحد من انتشار القمامة خصوصا في السوق المركزي , وقد تمم تجهيز البلدية آنذاك بسيارات وشاحنات وعربات لنقل القمامة إلى مكب خارج المدينة , وتم إعطاء أهمية بالغة لعمال النظافة وتوفير مستحقات مالية معتبرة لهم من أجل تشجيعهم على عملهم الصعب.
وقد أعلن قبل فترة قصيرة عمال النظافة في بتلميت من خلال بعض وسائل الإعلام عن استهجانهم للمعاملة التي يحظون بها من طرف العمدة الجديد وذالك من خلال تأخر رواتبهم قرابة9 أشهر .
وقد صار منظر القمامة المنتشرة في كل نقطة من بتلميت يثير استياء السكان ومخاوفهم مما أدى بشباب المدينة إلى إطلاق صفارات الخطر و بدأوا يتحركون في شكل كتيبات لنظافة المدينة بعد فشل وتقاعس الجهات المعنية في ذالك.
مبادرات في ظل الأزمة
كانت أولى المحاولات تلك التي أطلقها شباب المدينة بعدما أصبحت القمامة تهدد حياة المواطنين وتشكل خطرا على صحة الحيوان , وأثار ذالك الانتشار استياء الساكنة , حيث شاركت في تلك الحملة التي دامت أكثر من يوم كل شباب ونساء ورجال المدينة وواصلوا النهار بالليل , وساهم كل بما يمكن , وكللت هذه المبادرة التي لاقت استحسان الكثيرين بالنجاح , ليدخل بعد ذالك أطر بتلميت على الخط , حيث قاموا بإطلاق حملة هم الآخرون وحملت تلك المبادرة اسم أطر المقاطعة من أجل التقليل من الأوساخ والحفاظ علي المدينة بطريقة مقبولة
والتي قال حينها منسق الحملة موسي ولد بلال المشرف إن الحملة جاءت كبادرة للعمل الجماعي والقيام بجزء من المسؤولية من طرف أطر وأبناء المدينة
وقال موسي إن آليات كبيرة تم استخدامها حيث قام حاكم المقاطعة بالمساعدة بجرافة " آكردير " لجمع الأوساخ في أماكن معلومة وجعلها في سيارات كبيرة لإخراجها من المدينة
من عملية النظافة وتركز العملية في مرحلتها الأولي علي وسط المدينة والشوارع الرئيسية في انتظار أن تعم المدينة كلها
وتركز العملية في مرحلتها الأولي علي وسط المدينة والشوارع الرئيسية في انتظار أن تعم المدينة كلها
ويشكوا سكان المقاطعة من الأوساخ التي جاءت فجأة وغيرت معالم المدينة دون أي تحرك من البلدية المسئولة عن النظافة .
أزمة الرواتب والأوساخ أبرز ملامح الصراع بالبلدية
منذ فترة ليست بالطويلة وبعد اجتياح القمامة لأغلب شوارع وأزقة المدينة الصغيرة وضعف الأداء العملي لعمال النظافة ليس فقط بسبب تأخر الرواتب وإنما بسبب العجز المالي الحاصل في ميزانية البلدية والتي حصلت على عدة تمويلات أجنبية كان آخرها صك بقيمة 24 مليون أوقية مقدم من طرف جهة فرنسية لوضع سياج على مدارس قليلة في بعض القرى التابعة للمقاطعة , إلا أن عديد التمويلات والتي كاد أحدها أن يكون في حسابات مسئول الخزينة المختار ولد الجيد الذي تم توقيفه بعد محاولة توريط العمدة في ذالك المبلغ المختفي والبالغ 40 مليون أوقية , لم يضف أي جديد للمدينة لا على مستوى البني التحتية ولا على مستوى الخدمات الأخرى , بل شكل حلبة للصراع بين أغلب المستشارين المحسوبين على حزب الإتحاد الحاكم والمسيطر سياسيا على المدينة في هذ الوقت .
حيث أقدم العمدة المساعد لبلدية بوتلميت السيد محمد ولد إسماعيل ولد الشيخ سيديا على الاستقالة بسبب عدة أمور من أبرزها الفساد الإداري والمالي في البلدية
وأضاف محمد ولد إسماعيل في صحفي حينها أن من أسباب الاستقالة الأوساخ المتراكمة في المدينة وأوضاع العمال وسمعة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
كما صاحب ذالك سحب الثقة التي وقع عليه المستشارون البلديون في بوتلميت , حيث قدم أربعة عشر مستشارا بلديا رسالة إلي حاكم المقاطعة من أجل حجب الثقة عن عمدة المدينة السيد محمد ولد أحمد لعبيد
وقد توزع المستشارون علي النحو التالي
الحزب الحاكم 7 مستشارين
تواصل 6 مستشارين
الحراك الشبابي 1 مستشار
وبحسب القوانين المنظمة فإن مسار الملف يمر بالحاكم الذي يرفعه للوالي والوزير الذي ينظر في وجاهة المبررات ومن ثم يدعو لاجتماع المجلس البلدي إن اقتنع الوزير بها لحسم سحب الثقة من العمدة بنسبة الثلثين.
وكشفت مصادر لـ صحيفة صوت العمال أن الملف وصل إلى مرحلته النهائية وهو الآن داخل أروقة وزارة الداخلية .
وفي ظل هذا الصراع والمد والجزر يبقى عمال النظافة في أزمة مستمرة ,بل تتفاقم يوما بعد يوم بسبب الإهمال الحاصل من طرف السلطات البلدية في بتلميت , وذالك ناتج عن قوة الصراع المحتدم بين جميع الأطراف , والحديث عن تجاهل العمدة لأصوات هؤلاء العمال الذين يعانون بسبب هذه الأزمة الخانقة , والتي أدت إلى تخلي العديد منهم عن عمله بسبب الوضع المزري , الشيء الذي يبرهن على سوء تسيير العمدة الحالي وعدم قدرته على تسيير الشأن العام .
فهل يصمد عمال النظافة في بتلميت أمام هذه الأزمة ؟ ويواصلون في صمتهم ؟ أم أن الهدوء ماقبل العاصفة ؟
وهل سيصمد عمدة المدينة وهندسها أمام هزات مستشاري بلديته ؟ أم أن معاول عمال النظافة ستكون الأقدر على إسقاطه.
العدد 431 من صحيفة صوت العمال بتاريخ 10/02/2016