حزب الصواب المعارض يكتب افتتاحيته عن : " أحجية الديمقراطية الموريتانية"

أربعاء, 25/12/2024 - 10:21

افتتاحية الأربعاء  25/12/2024
(أحجية الديمقراطية الموريتانية) مولود بلغ من العمر ثلاثا وثلاثين سنة، ولم يزِدْ مليتمتراً واحدا.. لا في الطول، ولا في العرض.. ولم يتغير قَيْدَ شعرة، لا في الوزن، ولا في اللون، ولا في الطعم، ولا في الريح.
واضحٌ أنها أُحجِيةٌ، ولكن حلها سهلٌ،  لأنها مُعاشةٌ للجميع.
إنها الديمقراطية الموريتانية التي ما زالت في "المَشِيمَة" التي وُلِدت بها.
الفوزُ في الانتخابات - في جميع ديمقراطيات العالم - هو الأصلُ.. وعن هذا الأصل تتفرع الأحقّية في السلطة.. أما في موريتانيا فالقضية معكوسة: يجب أن تفوزَ بالسلطة أولاً، لتكسب الانتخابات ثانيا.
فَعَلَها معاوية "غيرَ مَرة" مع الرئيس أحمد ولد داداه وأوصل  الحالمين بالتغيير الديمقراطي وهم غالبية من الشعب الموريتاني إلى  حافة "الجنون" وإلى ساحة "التوحُّد".
وفعلها ولد عبد العزيز "مرةً" مع سيدي ولد الشيخ عبد الله، فأوصله إلى "المُعتَكف الصُّوفي"، ومرةً مع نفسه، فأثبَتَها حيث كانت، قبل أن يصير إلى ما هو عليه اليوم!! ومرةً ثالثة مع "خَلَفِه" ليَحْسِم له - ولنفسه لاحقاً - مأمورية أولى وثانية ومآل الثالثة لم يحسم بعد..
السلطةُ أولا.. والفوز في الانتخابات ثانيا. 
هذه "سُنَّة" ديمقراطيتنا وعلى قاعدتها البائسة  ينتظر  أن فخامة الرئيس، طائعا أو مُكرها، سيختار خليفةً، ويُؤَمِّنُ له السلطة بالسلطةِ.. وتجري الانتخابات لاحقا لـ"تَبْصِمَ" على الواقع.
الفرق "مرعبٌ" بينَ سُلطة الديمقراطيةِ وديمقراطيةِ السُّلطة.
السلطة إذا سبقت الديمقراطية في الوجودِ، صار لزاماً أن تكون السلطة سَيداً، والديمقراطية خادماً لهُ لا لِغيره.. بل في مواجهة غيره، بِحسَب طبائع الأشياء.
المُحيِّر حقيقةً هو هذا القحط الحاصل في بلدنا وبقية البلدان العربية من غياب ولو نموذج واحد من القيادات التي تحمل ولو قدرا يسيرا من مشاريع التغيير السياسي كما جرى في عدد من البلدان انتقلت من أنظمة شمولية إلى أنظمة سياسية منفتحة: نهرو في الهند ومهاتير في ماليزيا  وفاونسا في بولندا، وأكينو في الفلبين
ثم عَلاَمَ يَدُلُّ هذا العقمُ، والقحطُ، والتّصحُّر، والإفلاس الشامل المطبق على النخب في خطوات  فرارها الجماعي نحو اليأس ورفع الرايات البيضاء خلال السنوات الماضية  إنه يدل على أن طبعاتها السابقة  لم تعد ترى - للأسف - في هذا الوطن وطنا، ولا في المواطن مواطنا.. هي ترى وضعا انتقاليا مجهول المآل.. ينبغي للعاقل أن لا يتعب فيه، إلى أن تَتَمَيَّزَ مَعَالمُه.
هناك حِكمَةٌ مأثورةٌ تقول:
ما يحجم الناسُ عن قوله، هو في الغالب ما ينبغي أن يقال.