ما بال الثواني فينا جامدة كدموع المهاجرين!.. سواجع، في صمت، يبكين شلل الزمن الموريتاني الرتيب.. ناطحات السحب في مدينة ابن تاشفين، ملاعب كأعاجيب ألف ليلة وليلة في قرية عجوز النُّحَاة سانغور، طرق سريعة كالبرق في مملكة البمباره، أحياء تُهدم وعلى أنقاضها تتأسس الفِلل المنيفة في بلاد الزيريين.. والزمن فينا جاحظة عيناه، فاغر فمه، باخع ذراعيه، ينتظر حراكا بدا عنقائيا، للأسف الشديد.
ويتساءل الزمن الموريتاني عن المسؤول: من هو؟ كيف فعل؟ لِمَ فعل؟ إلى متى يفعل؟.. ويبقى الجواب معلقا لأن الموضوعية قُتلت في سوق النخاسة السياسية، ولأن التحليل الواعي أصابته الجلطة على المنابر الإعلامية، ولأن حب الوطن مذمة لا يقبل بها غير قلة من التعساء الراكضين خلف دندنة المبادئ البراقة وطنطنة الشعارات اللماعة.. ثم تتحرك الأمم من حولنا، وتمضي الشعوب في خطى واثقة إلى غدها المأمول، ويبقى الزمن الموريتاني متحجرا، "كأنما الأرض فرّت من ثوانيها". وبغتة، هنا وهناك، يشبُّ حريق هائل يؤجّجه حطبُ الاتهامات: تتهم الأنظمةُ، كلُّ الأنظمة، عقليةَ الرعية فينا، وتتهم الرعيةُ أنظمتَنا، وتتهم النخبةُ رعاعَنا، ويتهم الرعاعُ نخبتَنا، ومن ثم تموت الحقيقة في مهدها، وتظل عقارب الساعة الموريتانية كسحاء، هامدة، خامدة. ويعود الزمن الموريتاني المُقْعَدُ إلى التساؤل ساكبا دموع المهاجرين. وعلى حين غرة، يلتفت إلى الوراء، كعادته، ويقول في تمتمة شاردة: "المهم أن صنهاجة من صميم العرب العاربة"!!.