رصدت الإدارة العامة للغابات بتونس، خلال الأيام الأخيرة، 80 حريقا، اندلعت بشكل متتابع في غابات الشمال الغربي و الوسط، في مشهد صار متكررا في السنوات الأخيرة و كلما ارتفعت درجات الحرارة.
و تواصل فرق الحماية المدنية و أعوان الغابات و الأهالي في مناطق الكاف وباجة وجبال القصرين وسليانة، العمل على إخماد النيران التي طالت الغابات وأفزعت الأهالي وأضرت بمورد رزقهم، حيث أتلفت الأشجار الغابية وأشجار الزيتون وبيوت النحل، ونفقت بسببها عدد من الحيوانات، وكلها تمثل مورد الرزق الوحيد لسكان القرى والتجمعات السكنية المتاخمة للغابات .
وتعتبر جبال بلوط و السلوم و الشعانبي وجاردو و تكرونة وغيرها في تونس، مهددة بنيران حرائق مجهولة الأسباب حتى اللحظة، رغم أن مصادر أمنية كشفت لوكالة تونس إفريقيا للأنباء عن القبض على 3 متورطين في حرائق جبال الكاف، حيث تم العثور على وثائق شخصية وبقايا مأكولات، مما يرجح وجود أشخاص كانوا في مكان اندلاع الحريق.
ويقول شكري، أحد سكان المناطق المتضررة بمحافظة باجة، إن ليلة الأحد كانت "طويلة و حزينة" بالنسبة لهم، فالحرائق أكلت الأخضر و اليابس، بين عمدون ونفزة، وأن الكثيرون خسروا دوابهم و هي مورد رزقهم الوحيد.
أخبار ذات صلة
تونس.. دعوة لإغلاق مطار قرطاج خوفا من تفشي كورونا
عالم تونسي يساهم في إطلاق مركبة "ناسا" للمريخ
وأشار الطبيب البيطري ماهر شريط إلى أن حريق جبل بوكحيل تم إخماده بفضل تضافر جهود الحماية المدنية والأهالي، لكنه كان كارثة كبرى لحقت بالمنطقة حتى أن مشهد ألسنة النيران على قمة الجبل كان شبيها بالبركان وقد وصل الدخان إلى مناطق السكان، و أثار ذعر الجميع و خوفهم من أن تصل النيران للمنازل؛ مشيرا إلى أنهم عاشوا أوقاتا صعبة.
و قد كان النشطاء في المجتمع المدني و الأهالي أول من تصدى للحرائق، و طالبوا السلطات بالتدخل للسيطرة عليها، خاصة و أنها تزامنت مع عطلة عيد الأضحى، وهددت الثروة النباتية و الحيوانية بعدد من المناطق الغابية.
من جهتها، قالت منيارة مجبري، عضو فريق العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن الثروة الغابية تتعرض للانتهاك في ظل انشغال الحكومة، وإن هذه الاعتداءات بالحرق ليست الأولى، فقد سبقتها اعتداءات بالقطع في أبريل الماضي، طالت أشجار الزان المعمرة في غابات الشمال الغربي.
وأضافت منيارة في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هناك من يستغل هشاشة الاستقرار الاجتماعي و السياسي لاستغلال الغابات بطرق مختلفة عبر إضرام النار و القطع، والتي يستفيد منها تجار الفحم والخشب، أو عبر التوسع العمراني أو تحويل الغابات لمصب للفضلات.
كل هذه الاعتداءات تهدد الغابات التي تمتد على أكثر من 5 مليون هكتار، أي 34 بالمائة من مساحة تونس، كما أنها تأوي مليون ساكن.
من جهته قال المهندس البيئي و المختص في الشأن المناخي، حمادي حشاد، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ما يحدث أمر مخيف، فقد رصد القمر الصناعي 37 حريقا بعضها تجاوز مساحة 100 هكتار من حيث رقعة الانتشار .
وأضاف حشاد أن المؤشرات تشير إلى التهام الحرائق لأكثر من 1400 هكتار سنويا
ونبه إلى أن تدهور الغطاء الغابي وصل مرحلة حرجة قد تؤدي في حال تواصله على هذه الشاكلة إلى فقدان الغطاء الغابي خلال العشرين سنة المقبلة في تونس.
و بخصوص أسباب هذه الحرائق رجح حشاد أن يكون بعضها بفعل فاعل، فرغم أن ارتفاع درجات الحرارة يجعل الغابات سهلة الاحتراق إلا أنه لا يمكن أن تكون كل الأسباب طبيعية.
و اتهم الخبير البيئي التخييم العشوائي بالإضرار بالغابات بعد أن تحول إلى نقمة على الطبيعة وفق تعبيره لأنه أصبح نشاط تجاري وجب تأطيره.
كما أشار إلى وجود شركات تتعمد حرق الغابات بالتواطؤ مع جهات نافدة من أجل استغلال فخم الغابات دون وجه حق.
و طالب حشاد وزارة الفلاحة بالتدخل السريع و الجاد لدعم قطاع أعوان و حراس الغابات و توفير الإمكانيات ووقف الجرائم في حق الطبيعة؛ مشيرا إلى أن الغابات كانت تمثل 11 بالمائة من مساحة البلاد قبل الثورة و أصبحت اليوم 4 بالمائة فقط.