مؤسسات الإعلام الرسمي في موريتانيا، تعاني جميعاً من "تقليدية" قاتلة، تجعل الجمود مسيطراً عليها، وهذا سبب تخلف مخرجاتها ورداءتها وعدم رضا الجمهور عنها!
يكفي أن تعلموا أن هذه المؤسسات التي يعمل فيها مئات الموظفين، وفيها عشرات الإدارات والقطاعات، وتنفق عليها سنوياً ميزانيات بمليارات الأوقية، تتفوق عليها مؤسسات مستقلة يعمل فيها بضعة موظفين بميزانيات متواضعة جداً!
لكن هذه المؤسسات المستقلة التي يعمل في كل واحدة منها بضعة أفراد، يعدون على أصابع اليد الواحدة، تنتج مخرجات إعلامية أكثر جودة وأفضل قيمة وأكبر مصداقية مما تنتجه نظيراتها الرسمية التي تملك ميزانيات ضخمة وموظفين بمئات الأفراد!
سبب ذلك، هو أن مسيري هذه المؤسسات الرسمية مجتمعين، قلما تكون لديهم الشجاعة على التغيير الجذري الذي يمس الجوهر، بدل الشكل فقط، ويواكب التطور الكبير الحاصل في الإعلام، بدل اتباع النهج التقليدي السائد، بل كل ما يهم أي مدير جديد هو السعي إلى هدفين؛ الأول أن ترضى عنه الجهات الرسمية التي ساعدته في الوصول لهذا المنصب وضمان ولائها، والثاني تشكيل "لوبيات" عمالية داخل المؤسسة نفسها لضمان سيطرته عليها، ومنع حدوث أي تمرد يمكن أن يهز الاستقرار داخل المؤسسة.
وفي سبيل هذين الهدفين، تُمنح علاوات غير مستحقة، وتعلن تعيينات على أساس زبوني، وتعطى صلاحيات لمن لا يستحق، فتسيطر على الجميع أجواء من المجاملات القاتلة!
وبهذه الطريقة، تتغير الأشكال أحياناً، لكن الجوهر السيئ يبقى على حاله!
والغريب، أن المتضرر الأول من ذلك هو صورة النظام نفسه، الذي تسيء له هذه المؤسسات بهذا الأسلوب أكثر مما تنفعه، وإن كانت من حيث الشكل تظهر له أنها تخدمه!
وأعتقد بكل الأمانة أن الإعلام الرسمي بهذه الطريقة إنما هو هدر للمال بدون أن يحقق ما ينتظر منه، فمتى يتم تغيير ذلك، لنرى إعلاماً رسمياً متطوراً نسبياً يتعامل مع الأمور بذكاء ومهنية وديناميكية أكثر؟!!
الله أعلم!