يقدم السجل العدلي خدمة هامة للعدالة بتحديد الماضي للأفراد، وتحديد حالات العود الجنائي، فهو مبني على طريقة التحقيق الشخصية التي تؤدي إلى الكشف عن سوابق المجرمين، وبهذا يخدم مصلحة المجتمع، كما انه ينظم ماضي المحكوم عليه جنائيا، و بهذا يحافظ على مصلحة المحكوم عليهم.
و لئن لم يهتم المشرع الموريتاني بتعريف السجل العدلي إلا أنه يمكن تعريفه بأنه" الوثيقة أو المستند الخاص بحفظ آثار الأحكام الجنائية "، فهو أداة لتحديد حالات العود التي تمكن القضاء من تحديد العقوبة الملائمة للمجرم العائد ، ونهج سياسة دقيقة في مجال تفريد العقاب .
فإذا كان السجل العدلي قد وضع أساسا لحماية المجتمع من خطر المجرمين، وذلك عن طريق تسجيل سوابقهم الجنائية، وضبط حالات العود ، فان رد الاعتبار جاء ليهدم تلك السوابق و ليمحوها من السجل العدلي كلَّما ثبت إصلاح المحكوم الجانح بعد إعادة التأهيل، و هذا ما جعل بعض الفقه يعتبرهما متكاملين وان كانت لهما أهداف مختلفة.
و تأسيسا على ما تقدم فانه كلما صدر حكم أو قرار وجب على الجهة التي أصدرته أن تسهر على تسجيله في السجل العدلي، وفي موريتانيا تخضع هذه المؤسسة لسلطة القضاء ، و هو نفس النهج الذي تسير عليه عديد الدول مثل هولندا وبلجيكا واسبانيا، إلا انه للأسف لا تنص المسطرة الجنائية الموريتانية على تفاصيل مهمة عن كيفية مسكه، وإنما تحيل في المادة: 692 إلى مرسوم سيحدد الإجراءات اللازمة لتنفيذ المواد من: 685 إلى 691 [المتعلقة بالسجل العدلي ] وعلى الخصوص الشروط التي بمقتضاها تعدُّ وتطلب وتسلم البطاقات رقم: 1 و2 و3 من صحيفة السوابق العدلية.
و حسب الفقه فان السجل العدلي ينقسم إلى قسمين: سجل مركزي و آخر محلي حيث يمسك السجل العدلي المركزي أحد القضاة العاملين بوزارة العدل الذي يتولى مراقبة المراكز المحلية كما يتولى مسك السجل العدلي الخاص بالأشخاص المولودين خارج البلاد من غير اعتبار لجنسياتهم، ومسك بطائق السجل العدلي الخاص بالأشخاص المعنوية ، في حين يتولى مسك السجل العدلي المحلي احد قضاة النيابة العامة ولجميع الأشخاص مهما كانت جنسياتهم المولودين بدائرة لمحكمة، و تتبنى بعض الدول نظاما مزدوجا للسوابق العدلية فبالإضافة إلى السجل العدلي نجد نظام بطاقة التشبيه الشخصي ( la fiche anthropométrique) التي تسهر على تنظيمها الإدارة العامة للأمن الوطني، و التي تحتوي على بصمات المحكوم عليه، وبعض المعلومات المتعلقة بتحديد شخصيته بدقة.
وعموما فإن السجل العدلي يتألف من ثلاثة بطائق اصطلح على تسميتها بالطاقة رقم:1، والبطاقة رقم: 2، والبطاقة رقم: 3 و سنستعرض تنظيم كل بطاقة على حده وبصورة مقتضبة.
1/ بطاقة السوابق العدلية رقم: 1.
تعتبر هذه البطاقة النموذج الأصلي لكل البطائق بسبب ما تحتوي عليه من أحكام و قرارات، فهي مجرد تلخيص لها يمكن الاعتماد عليه في تحديد لائحة الأحكام الصادرة بالإدانة ضد شخص معين، و تعتبر الدليل القاطع على حالة العود لأنها تحتوي على جميع الأحكام الصادرة بالإدانة في حق شخص معين، وقد حددت المادة: 684 من قانون المسطرة الجنائية مضامين الحالات التي تستوجب إقامة هذه البطاقة والقرارات التي تثبت فيها.
و توكل مهمة انجاز هذا النوع من البطاقات أساسا إلى القضاء ، وأحيانا إلى السلطات الإدارية بصفة خاصة، حيث يحررها كاتب الضبط بالمحكمة التي بتَّت في القضية أو التي يقع بدائرتها مقر الهيئة التأديبية التي اتخذت القرار التأديبي، ويشترط لكي يكون التسجيل بالبطاقة رقم: 1 صحيحا أن يقوم رئيس مركز السجل العدلي بإمضائها ،و يتم ترتيب البطائق رقم: 1 بطريقين مختلفين:
1\ ترتيب عام وفق الترتيب الأبجدي الذي يتم في كل مراكز السجل المحلي عن طريق تخصيص ملف ورقي مقوى لكل فئة من الأسماء العائلية للمحكوم عليهم التي تبتدئ بنفس الحرف.
2\ ترتيب خاص يتعلق بكل محكوم عليه على حدة حيث يتم ترتيب البطائق المتعلقة بشخص واحد حسب التسلسل الزمني للقرارات و الأحكام الصادرة بالإدانة وذلك عن طريق الأخذ بعين الاعتبار تاريخ صدور الحكم أو الإدانة.
وتتوقف حياة البطاقة رقم: 1 على وجود حالات محددة في القوانين على سبيل الحصر، هي تلك الحالات التي تؤدي إلى سحبها وإتلافها إما تلقائيا من طرف كاتب الضبط المكلف بمسك السجل العدلي المحلي الموجود بمحكمة دائرة الازدياد ، أو القاضي المكلف بمركز السجل العدلي الوطني وذلك كلما توفرت شروط عملية السحب ، وإما بطلب من وكيل النيابة العامة في بعض الحالات المحددة في المادة: 685/3 من قانون المسطرة الجنائية الموريتانية.
2/ بطاقة السوابق العدلية رقم: 2.
تمكِّن هذه البطاقة الجهات الرسمية من تكوين فكرة جد دقيقة عن سلوك وشرف واستقامة الفرد المعني بها و بالتالي إمكانية الاعتراض على تسليمه رخصة أو إذنا لممارسة نشاط وظيفي أو مهني، كما أنها منبر للتعرف على الماضي الجنائي للمتهمين ، وتلعب دورا إعلاميا هاما من خلال إفشاء السوابق الجنائية لفائدة مختلف الجهات الرسمية ، وتعين على مطاردة و إلقاء القبض على المجرمين الفارين.
و تتضمن بصفة أساسية كل المعلومات القضائية المسجلة بالبطاقة رقم: 1 و بهذا تكون على العكس من البطاقة رقم:1 التي تتضمن كل ما صدر من أحكام وقرارات بحق نفس الشخص فقد استقر الفقه على أن البطاقة رقم: 2 تتضمن البيان المجمل مرتبا ترتيبا تاريخيا حسب البيانات التي تضمنتها البطاقة رقم: 1، غير أن القرارات المتعلقة بالأحداث الجانحين لا يُنص عليها إلا في البطائق رقم: 2 التي تسلم للقضاة ، ومصلحة الحرية المحروسة، وتحرر هذه البطاقة بعد التحقق من الحالة المدنية للشخص من طرف كاتب الضبط المكلف بمسك السجل العدلي المحلي بعد طلب أحد الجهات الرسمية التي سمح لها القانون بالحصول على البطاقة رقم: 2 ، و قد جاءت قائمة تلك الجهات التي تسلم لها هذه البطاقة على سبيل الحصر في المادة: 689 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يفيد أن هذه البطاقة لا يمكن في حال من الأحوال أن تسلم إلى الأشخاص العاديين مهما كان الباعث إلى ذلك ، وكذلك لا تسلم إلى الأشخاص المؤذون لهم بذلك بصفة خاصة إلا في الحالات والبواعث المشار إليها في القانون.
3/ بطاقة السوابق العدلية رقم: 3.
يعتبر هذا النوع من البطائق نسخة جزئية غير كاملة من السجل العدلي إذ أن كل الإدانات التي تشملها البطاقة رقم: 1 والمنقولة بصفة مجملة في البطاقة رقم: 2 لا تدرج في البطاقة رقم: 3 ، والغاية من ذلك هي التستر و إخفاء مشمولات البطاقة رقم: 1، والبطاقة رقم: 2 عن الجمهور؛ ولذلك فان المشرع نص على أن البطاقة رقم: 3 تتضمن بيان العقوبات الصادرة بالحرمان من الحرية من لدن لمحاكم المتعلقة بجناية أو جنحة ، ولا يمكن إدراج غير تلك العقوبات وعليه فإن انمحت العقوبة بسبب إعادة الاعتبار، أو كانت موقوفة فإنها لا تدرج إلا في البطاقة رقم: 3 ، ومن خلال هذا نرى أن المشرع أحاط هذه البطاقة بضمانتين هما:
أولا: التحقق من الهوية حيث ألزم الموظف المكلف بمسك السجل العدلي بالتحقق من الحالة المدنية للشخص الذي يتقدم بطلب للحصول على البطاقة رقم: 3 قبل أن يقوم بتحريرها.
ثانيا: التحقق من البيانات الواجب تضمينها بالبطاقة رقم: 3 عن طريق العودة الإلزامية إلى البطاقة رقم: 1 التي تعد المرجع الأصيل لكل الأحكام والقرارات والعقوبات الصادرة بالإدانة في حق المحكوم عليه، وذلك لاختيار ما يجب تسجيله بالبطاقة رقم: 3 .
وأخيرا فان توقيع البطاقة رقم: 3 يتم من طرف كاتب الضبط الذي تولى تحريرها و يؤشر عليها قاضي النيابة العامة أو القاضي المكلف بمركز السجل العدلي الوطني ويضع عليها طابعه، ولا بد لهذا التوقيع أن يكون مصحوبا بتحديد تاريخ تحريرها الذي يجب أن يكون مطابقا ليوم تسليمها وليس ليوم طلب الحصول عليها ، ذلك أن تحديد هذا التاريخ قد يكون له أهمية قصوى سيَّما إذا علمنا أن الأحكام الصادرة بالإدانة تستوجب إقامة البطاقة رقم: 1 في آجال تم تحديدها بدقة من طرف بعض التشريعات سواء في حالة الأحكام الحضورية أو الغيابية كما جاء في المادة: 659 المسطرة الجنائية المغربية.
وتسلَّم هذه البطاقة للمعني بالأمر بعد إدلائه بما يثبت هويته ولا يمكن تسليمها إلى غيره إلا بتوكيل رسمي خاص ، المادة: 668/1 المسطرة الجنائية المغربية.
و لم يأخذ المشرع الموريتاني بهذه الاستثناء حيث نصت المادة: 690/3 من قانون المسطرة الجنائية على انه" يمكن للشخص الذي تعنيه البطاقة رقم: 3 من صحيفة السوابق العدلية أن يطلبها، ولا تسلم للغير بأي حال من الأحوال"، وان كان واقع العمل اليوم في موريتانيا على خلاف ذلك؛ إذ تمنح هذه البطاقة لكل طالب ولو بالنيابة، كما أنها قد تمنح لغير المولود في محكمة دائرة الازدياد لماماً ويوقعها في هذه الحالة المدعي العام لدى محكمة الاستئناف ، و إذا كان في هذا تيسير أو منَّة لا يقرُّها المشرع الموريتاني فإنه كذلك سبب في الفوضى العارمة التي يشهدها السجل العدلي في موريتانيا من حيث الضبط والتنظيم وتفعيل النصوص القانونية التي تحكمه مما يجعلنا اليوم ننادي من هذا المقام بضرورة إنتشال السجل العدلي من تلك الوضعية المؤسفة .
ولئن كان منح تلك البطائق للشخص الطبيعي العادي لا يثير استشكالا ولا إشكالا فان منحها للشخص المعنوي يثير في الذهن تساؤلا كبيرا بحجم التساؤل المبدئي عن إمكانية ملاحقة الشخص المعنوي أصلا، والتي تكفلها غالبية التشريعات التي تتبنى مبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، إلا أن تنظيم السجل العدلي الخاص بالأشخاص المعنوية لم تهتم به التشريعات التي بين أيدينا، ومنها التشريع الموريتاني الذي و إن نص على مسؤولية ذلك الشخص في القانون التجاري والقوانين الفرعية الأخرى كقانون رقم: 048- 2005 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، والذي نص على ذلك في فصله الخامس المخصص للمسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتباريين [المواد: 60/61] ، إلا انه لم ينظم هذا السجل العدلي الخاص بالأشخاص المعنوية مثل ما فعل المشرع المغربي الذي أحكم تنظيم هذا النوع من السجلات و حدد في المادة: 682 من قانون المسطرة الجنائية المغربية، أجلا أقصاه 15 يوما يتعين خلاله على كل هيئة قضائية أو كل سلطة أصدرت عقوبة أو تدبيرا ضد إحدى الأشخاص المعنوية أو أحد مسيريها أن تعلم بها القاضي المكلف بمركز السجل العدلي الوطني بوزارة العدل ، و هو فراغ يجعل بعض الفقه والقضاء الموريتاني يستوحي من عمومية السجل العدلي مقتضيات للتطبيق على الشخص المعنوي لسد هذا الفراغ العالق نظرا لضرورة جمع المعلومات المتعلقة بالعقوبات، والتدابير الصادرة سواء في حق الأشخاص المعنوية أو في حق الأشخاص الذاتيين المسيرين لها، وتشمل تلك الأحكام والقرارات الصادرة بالإدانة ضد الأشخاص المعنوية والتي يجب تسجيلها في بطائق الشركات والمقاولات: كل حكم بعقوبة جنائية أو تدبير أو إغلاق ولو كان جزئيا أو مؤقتا ، أو كل تدبير يقضي بالمنع أو بالتصفية القضائية أو سقوط الأهلية التجارية، أو انعدامها ، أو كل مصادرة تطال شخصا معنويا ولو كانت نتيجة لعقوبة حكم بها على شخص ذاتي مسير له.
كما يخضع مسيرو الأشخاص المعنوية لأنواع أخرى من العقوبات تستوجب إقامة بطائق خاصة في بطائق الشخص المعنوي، و هي العقوبات الصادرة بمعاقبة مسيري الأشخاص المعنوية و لو بصفة شخصية في قضايا مخالفات التشريع الجنائي والجمركي والاقتصادي أو من أجل مخالفة قانون الصرف و كذلك الأحكام الصادرة بسبب ارتكابهم لجنايات أو جنح السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة أو الشيك بدون مؤونة (رصيد) أو التزوير أو اختلاس الأموال العامة أو الغش، وبصفة عامة كل جريمة تتعلق بالأموال [ المادة: 679/5 من قانون المسطرة الجنائية المغربية].
وإذا كان السجل العدلي للأشخاص الطبيعيين يتألف من ثلاثة بطائق فان السجل العدلي للأشخاص المعنوية يتضمن بطاقتين فقط:الأولى تكون خاصة بالشخص المعنوي ، أما الثانية فتكون خاصة بالمسير أو المسيرين المزاولين لمهامهم في يوم ارتكاب الجريمة، وبالإضافة إلى ذلك فإننا نلاحظ أن محتوى هذه البطائق وترتيبها يختلف حسب طبيعة الشخص الذي أقيمت البطاقة بشأنه.
ونظرا لاختلاف طبيعة الأشخاص الذين تقام البطائق في شأنهم نرى ضرورة ترتيب هذه البطائق بصفة تمكن تمييز الشخص المعنوي عن الشخص الطبيعي الذي يسيرها، وتنبغي الإشارة إلى أن ترتيب هذه البطاقة يتم إما عن طريق الترتيب الصنفي، أو الترتيب الأبجدي، أو الترتيب بحسب الأقدمية، و لا يتم الاطلاع على محتوى هذه البطائق إلا من طرف السلطات التي اعترف لها المشرع بحق الحصول على نسخة من بطائق الأشخاص المعنوية، وهي تلك الجهات التي حصرت في بعض التشريعات في: السلطة القضائية بحكم طبيعة عملها كلما دعت الضرورة لذلك ، وبفضل هذه البطائق يمكن لقضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق ورؤساء مختلف الهيئات القضائية الوقوف عند الوضع الجنائي للشخص المعنوي وسوابقه القضائية الشيء الذي يكون من شأنه كفالة التطبيق السليم للقواعد القانونية المنظمة لحالات العود.
و أخيرا فان اعتبار المجرم برئ الذمة تجاه المجتمع بعد تحمله إيلام العقوبة ووفائه بدينه قِبَله، يتعين معه الإقرار في المقابل بأن على السلطات العامة ، بل على المجتمع بحكم مسؤوليته عن بعض عوامل الإجرام ومصلحته و واجبه في إعادة المجرمين إلى حياة التكيُّف والتوافق معه، المبادأة بإعادة إدماج المجرم السابق في المجتمع أو الامتناع عما من شأنه أن يعوق ذلك.
وليس بكافٍ لتحقيق هذا الإدماج مجرد إبداء المشورة والنصح أو تقديم عون مالي فحسب لمن يخلى سبيله بعد تنفيذ العقوبة، وإنما يستلزم الأمر معاونته على استعادة توافقه واسترداد مكانته ، وتمكينه من أن يحيا من جديد حياة طبيعية له فيها عمل منتظم وعلاقات اجتماعية غير مهددة دائما بذكرى إدانته السابقة .
لهذا ترى بعض الأنظار الفقهية في السجل العدلي عقوبة معنوية لا تفتأ لاصقة بجبين المحكوم عليه حتى بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة أو سقوطها مما يجعله مماثلا للعلامات الجسمانية التي ظل المجرمون في قديم التاريخ العقابي يدمغون بها كدليل مادي لسابقية الحكم عليهم في جريمة معينة حتى أواخر القرن التاسع عشر.
ويتحتم لذات الأسباب صون سرية السوابق العدلية كيلا تقف حجر عثرة في سبيل عودة المحكوم عليه السابق للحياة الشريفة المنتجة والاندماج من جديد في المجتمع، مع أن فريقا آخر من الفقه يقف موقف المعارض لهذا الرأي السابق، ويستند في ذلك إلى أن لغير المذنبين من أعضاء المجتمع الحق في الاستعلام عن السوابق العدلية المحتملة لأصحابها، وهو رأي لا تستقيم أسانيده ، و لا تقوى على تأييد حظر الاستعلام عن الماضي الإجرامي للأشخاص ، فالتخوف من العود الذي يرتكز عليه هذا الرأي مبالغ فيه لدرجة كبيرة ولا يمكن أن يفوق من حيث المنفعة المترتبة على مراعاته المزايا التي تعود على المجتمع والمجرم السابق نفسه من وراء إلحاقه بعمل شريف يناسبه.
وإذا أضفنا إلى هذه الحالة سوء تنظيم هذه المؤسسة القانونية وكل ما يعتريها من نقص وعيوب في موريتانيا، فانه بلا شك يكون من المنطقي المطالبة بالتخلي عنها أو بإصلاحها إصلاحا جذريا ..
وانطلاقا من هذا فإننا نرى أن يكون للسلطات القضائية وحدها حق الاطلاع على السوابق باعتبار ذلك لازما لتطبيق أحكام العود، فإذا لم يكن الأمر متعلقا بهذه السلطات فان حدودا يجب تعيينها لمدى إظهار الماضي الإجرامي للمحكوم عليه في صحيفة السوابق.
كما نرى ضرورة الاستفادة من عمل الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة المنشأة بموجب المرسوم رقم:150\2010 بتاريخ:06 يوليو 2010 و المحدد في الإطار القانوني لتقييد السكان في هذا السجل طبقا للمرسوم رقم:110\2011 بتاريخ:12\04\2011 ، وهو ما يمكن من ضبط السجل العدلي الموريتاني باعتماد النظام البيومتري لتسهيل استصدار بطائق السوابق العدلية عن طريق تخزين الإدانات على بطاقة التعريف الوطنية للمحكوم عليهم، وتعزيز التعاون بين القضاء وهذه الوكالة للقضاء على الفوضى والتساهل والتهاون في منح بطائق السوابق العدلية، كما انه داع إلى حث وزارة العدل على تأسيس سجل عدلي وطني محكم .
هارون ولد عمار ولد إديقبي