قدّم البنك الدولي تقريره السنوي عن الوضعية الاقتصادية لموريتانيا، وذلك خلال مؤتمر صحفي ترأسه الممثل المقيم للبنك الدولي في نواكشوط لوران ميسلاتي.
ميسلاتي قال إن البنك الدولي يصدر النسخة الثانية من تقريره السنوية عن الاقتصاد الموريتاني بعد أن أصدر النسخة الأولى في فبراير من العام 2018. وأضاف أن الخبر الجيد الذي تحمله نسخة هذا العام أن الاقتصاد الموريتاني حقق نموا معتبرا سنة 2018 بلغ 3.8 بالمائة مقارنة مع 3 بالمائة سنة 2017. غير أن سوق العمل شهدت تراجعا حيث انتقلت نسبة المشاركة في النشاط الاقتصادي من 44.3 بالمائة سنة 2012 إلى 41.5 بالمائة سنة 2017 كما ارتفعت نسبة البطالة من 10.1 بالمائة إلى 11.8 بالمائة في نفس الفترة. كما شهد العام المنصرم ارتفاعا في حجم العجز في ميزان المدفوعات منتقلا من 14.3 بالمائة سنة 2017 إلى 18 بالمائة سنة 2018.
وأبرز ميسلاتي أن التقرير اعتمد نفس المنهجية التي اتبعها في نسخته الأولى حيث احتوى على محورين: محور عن وضع الاقتصاد الموريتاني ومحور يتناول أحد القطاعات الاقتصادية، حيث تناول هذا العام موضوع مناخ الأعمال في موريتانيا مبرزا بعض التقدم الذي أحرزته الحكومة في مجال تحسين مناخ الأعمال مؤكدا في الوقت نفسه الحاجة لمزيد من الإجراءات لظهور قطاع خاص ديناميكي.
بعد ذلك أحال الكلام لمعديْ التقرير سامر متى وتيودور آنتونيوز حيث تحدث الأول-وهو اقتصادي/باحث بالبنك الدولي- عن الرسائل الأساسية للتقرير في ما يتعلق بواقع الاقتصاد الموريتاني؛ فالنمو وإن كان يستمر في التصاعد إلا أنه لا يزال غير كاف بالمقارنة مع النمو الديمغرافي السريع، والقطاع غير الاستخراجي (النقل والاتصالات والزراعة والصيد والثروة الحيوانية) شكل عماد تحقيق هذا النمو المتوسط. أما سوق العمل فقد تدهورت خلال السنوات الخمس الماضية وهي معاقة بسبب التمييز ضد النساء وتهميش الشباب والقطاع غير المصنف. وقد ارتفع الضغط الخارجي على ميزان المدفوعات بسبب التبادل غير المواتي وتباطئ القطاع الاستخراجي (الحديد والنحاس والذهب والبترول). وقد تحسّنت وضعية الميزانية حيث ارتفعت نسبة الفائض من 0.2 بالمائة إلى 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي كما نجحت الحكومة في مواصلة سياستها الحذرة. لكن الدين العام ارتفع هذه السنة (دون احتساب دين الكويت) ووصل إلى 81.9 بالمائة مقارنة مع 75.7 بالمائة بسبب اعتراف الحكومة بديون البنك المركزي. أما الآفاق على المدى المتوسط فتبدو واعدة حيث يتوقع أن يحقق الاقتصاد الموريتاني متوسط نمو في حدود 6.2 بالمائة خلال الفترة بين 2019 و2021، متغلبا على المخاطر الداخلية المتمثلة في احتمال تحمل الحكومة لخسائر الشركة الوطنية للصناعة والمناحم (اسنيم) والمخاطر الخارجية خصوصا ارتفاع أسعار البترول وانخفاض أسعار المعادن وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أما تيودور آنتونيوز- وهو متخصص في تنمية القطاع الخاص- فقد استعرض الجزء الخاص بتحسين مناخ الأعمال في موريتانيا، والذي جاء فيه أن التحدي الآن أمام موريتانيا يتمثل في رفع العوائق الهيكلية أمام تطور القطاع الخاص الذي يواجه جملة من المعيقات من بينها الحضور القوي للدولة والمنافسة غير المتكافئة والولوج المحدود لمصادر التمويل وضعف مستوى تكوين اليد العاملة وكذلك الرشوة والبيروقراطية. وقد مثل تطوير القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال أحد أولويات الحكومة في استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك حيث نفذت الحكومة جملة من البرامج التي تهدف لتحسين مناخ الأعمال وأنجزت 17 إصلاحا مسّت 8 من أصل 10 من مؤشرات تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي مما أسهم في تحسين موقع موريتانيا على المؤشر العام للتقرير حيث انتقلت من المرتبة 176 إلى المرتبة 148 من أصل 190 اقتصادا. كما نفذت الحكومة إصلاحات أخرى على مستوى العدالة والنصوص القانونية. ومع ذلك فلا تزال أمامها تحديات كبيرة حتى يكون هناك مناخ ملائم بشكل حقيقي لنمو القطاع الخاص، خصوصا فيما يتعلق بتسهيل دفع الضرائب والربط بالكهرباء والولوج للتمويل وتسوية وسداد الديون، كما أن الاقتصاد الموريتاني يحتل موقعا متدنيا من حيث التنافسية في المرتبة 131 من أصل 140 دولة. في السنوات القادمة يتعين أن تتم معالجة مشكلة الولوج للتمويل وفتح حوار بين الحكومة والقطاع الخاص وتبني استراتيجية إعلامية شفافة ومبتكرة علاوة على ضرورة محاربة الرشوة والفساد وتحسين مستوى قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الولوج للصفقات العمومية.
وقد رد مسؤولوا البنك الدولي بعد ذلك على أسئلة الصحفيين.