تذكرت صباح اليوم قصة الطفل اليمني (يحيى مراد) الذي ولد على متن طائرة سعودية كانت في رحلة تجارية عادية من جدة إلى نيوبوك.
عملية الولادة الطارئة بدأت في الأجواء البريطانية ومرت بالأجواء الإيرلندية الشمالية وانتهت في الأجواء الأمريكية.
وبموجب "قانون الأرض" الذي يمنح الجنسية تلقائيا لكل مولود على أرضها، منح الطفل "المحظوظ" رسميا جنسية بريطانيا العظمى وجنسية إيرلندا الشمالية وجنسية الولايات المتحدة الأمريكية، في نفس الوقت!
ما ذكرني بهذه القصة هو قصة سيدة خليجية سمعتها اليوم على أثير إحدى الإذاعات عن تعرضها للاعتقال والمحاكمة والسجن بسبب نشاطها الاجتماعي والحقوقي. ولكنها قالت إن أقسى ما تعانيه خارج عن ذلك؛ وهو "ترحيل"، ابنها الذي ولدته (من زوج عربي غيرمواطن) وربته في وطنها، عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره؛ باعتباره "أجنبيا"؛ حيث أصبح يدخل البلاد ويقيم في "بيته" بتأشيرة سياحية، ولا يستطيع الانتساب للتعليم الجامعي...!!
لا علاقة للأمر بنشاط السيدة ومشاكلها الحقوقية أو السياسية. بل هذه قوانين بعض الدول العربية الخليجية التي تجعل ابن أم أو أب غير مواطن ـ عربيين كانا أو أعجميين ـ يولد ويعيش أجنبيا؛ محروما من كافة حقوق المواطنة، وخاضعا لقوانين الهجرة الصارمة التي قد تؤدي لمنع الدخول مدى الحياة...
وهذا أحد روافد ظاهرة "البدون" التي يندى لها الجبين، ولا تزال سمة بارزة في دول الخليج العربية... التي ـ مع ذلك ـ تعاني نقصا خطيرا في النفوس؛ حيث يشكل الأجانب نسبة قد تصل 80% من ساكنة بعضها!!!
فبأي حديث عن حقوق الإنسان، أو الحكمة، بعد ذلك يؤمنون!!