للحروب ضحايا كثيرون، والحروب التجارية ليست استثناء، فقد أقر كبير المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض لاري كودلو -في حوار تلفزيوني يوم الأحد- أن "كلا الطرفين سيعانيان من تأثيرات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين".
إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتقد أن الضرر سيقع على الصين، فقد ذكر في تغريدة له أن "التعريفات الجمركية على ما قيمته 250 مليار دولار من البضائع القادمة من الصين، تدفعها الصين".
العائلات تدفع الثمن
أظهرت دراسة تطرقت إليها صحيفة واشنطن بوست أن العائلات الأميركية هي التي ستدفع ثمن تلك الحرب، وستكون أكثر الضحايا تأثرا بها. ويتوقع أن يصل متوسط الزيادة الشهرية إلى 64 دولارا شهريا أو 768 دولارا سنويا.
وتكتظ المحال التجارية في مختلف الولايات الأميركية بمنتجات صينية متنوعة.
وخلال زيارة قامت بها الجزيرة نت لأحد متاجر "وول مارت" (Walmart) العملاقة في ولاية ميريلاند المجاورة للعاصمة واشنطن، كانت أغلب المنتجات صناعة صينية.
ويعرض وول مارت -وهو أكبر المتاجر في الولايات المتحدة- منتجات رخيصة تناسب الطبقة الدنيا والوسطى من الأميركيين، كالأجهزة الإلكترونية والملابس والأحذية والمنتجات المنزلية والأجهزة الكهربائية وغيرها من الصناعة الصينية.
وقالت متسوقة أميركية من أصول لاتينية للجزيرة نت "أشتري معظم احتياجاتي المنزلية لعائلتي المكونة من أربعة أشخاص من وول مارت، وأغلب ما أشتريه صيني الصناعة"، وأضافت "حتى الآن لم ألحظ أي زيادة في الأسعار".
من داخل متجر وول مارت في ولاية ميريلاند الذي يعرض منتجات صينية عديدة (الجزيرة)
وفرضت واشنطن رسوما جمركية الاثنين الماضي بنسبة 25% على آلاف المنتجات الصينية، وقيمتها السنوية 200 مليار دولار. وردت الصين بفرض تعريفات على ما قيمته 60 مليار دولار على منتجات أميركية في خطوة انتقامية.
وأكدت إدارة ترامب أنها بصدد فرض تعريفات على ما قيمته 300 مليار دولار حال فشل التوصل لاتفاق جديد.
أضرار للمصنعين
أصابت الحرب التجارية بين بكين وواشنطن بطريقة مزدوجة، فمن ناحية زادت تكلفة استيراد بعض المواد الخام المهمة -مثل الألمونيوم والحديد- للكثير من المصانع الأميركية، ومن ناحية أخرى جاء فرض الصين تعريفات على منتجات أميركية ليرفع تكلفة إدخالها السوق الصينية الواسعة.
وطبقا لرئيس مجلس الأعمال الصيني الأميركي جاك باركر، فقد خسرت المنتجات الأميركية ميزة تنافسية مهمة تتعلق بارتفاع التكلفة.
الضرر يصل الأميركيين في الصين
وفي حواره مع الإذاعة القومية الأميركية، أشار باركر إلى أن فئات مثل رجال الأعمال والمزارعين والمستهلكين هم ضحايا لسياسة الرئيس ترامب.
وأشار إلى أن ضحايا الحرب التجارية يتمثلون في فئات ثلاث مهمة، منح أغلبهم صوته الانتخابي للرئيس ترامب خلال الانتخابات الأخيرة.
وتخسر فئة رجال الأعمال ممن أقاموا مصانعهم في الصين للاستفادة من رخص الأيدي العاملة المحلية واتساع السوق الصينية، إضافة لرخص المواد الخام الأميركية خاصة الزراعية والغذائية.
وقال باركر إن هذه الفئة تتريث في التوسع في أعمالها انتظارا لما ستسفر عنه هذه الحرب. والخروج من السوق الصينية يعد خيارا حال استمرار الحرب لصالح المكسيك أو فيتنام والهند.
أميركا والصين تبادلتا رسوما جمركية على بضائع بمئات المليارات من الدولارات (الجزيرة)
المزارعون أيضا
ونال الضرر فئة المزارعين الأميركيين، حيث تعد الصين أكبر مستورد لفول الصويا وغيره من المنتجات الزراعية الأميركية، وتتجه الآن الكثير من الشركات الصينية للبحث عن موردين آخرين من البرازيل أو الأرجنتين أو كندا.
وفاز الرئيس ترامب بأغلب الولايات الزراعية الأميركية، مثل أيوا ومونتانا وكانساس والولايات الجنوبية المحافظة.
وعبر الكثير من المزارعين من تضررهم من سياسة ترامب.
وغرد ترامب مدعيا أن "المزارعين الوطنيين سيكونون من أكبر المستفيدين مما يجري الآن مع الصين. نتمنى أن تحترم الصين تعهداتها وتستمر في شراء منتجات مزارعنا العظيمة".
إلا أن الوضع ازداد سوءا واضطرت الكثير من المزارع الكبيرة لتخفيض أسعار منتجاتها كي تتغلب على الزيادة التي سببها فرض تعريفات إضافية. ويأمل جون ويزلي بويد -وهو مزارع من ولاية فيرجينيا- أن تنتهي الحرب التجارية، حيث إنه يعيش مثل آلاف آخرين من بيع كميات كبيرة من فول الصويا للصين.
المصدر : الجزيرة