أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان حكما بالأشغال الشاقة لست سنوات على الأمير السعودي عبد المحسن آل سعود ومن يِعتقد أنه أحد مرافقيه٬ يحي الشمري، وغرّمت كلّاً منهما 10 ملايين ليرة بعدما أدانتهما بجرم الإتجار بالمخدرات، لكنها أسقطت عنهما جرم الترويج لها.
وكانت الشرطة اللبنانية ضبطت كمية تقارب الطنين من حبوب الكابتاغون في طائرة خاصة للأمير في مطار بيروت، كانت تستعد للسفر الى منطقة حائل السعودية في تشرين الاول/ أكتوبر عام 2015.
ويُشكل صدور الحكم بشخصية تتمتع بهذه الصفة الاجتماعية مفاجآة بحسب بعض المتابعين للقضية، لا سيما أن محامي الدفاع عن الأمير ركَز في دفاعه على براءة موكله وعدم علمه مطلقا بمحاولة تهريب حبوب الكابتاغون، مرتكزا بذلك على المتهم الثاني في القضية لإفادته مرات عديدة في مختلف مراحل التحقيق.
وينفي الأمير السعودي أي معرفة أو علاقة مباشرة مع الشمري وأي علم له بمخططه، ما حمل بعض المتابعين على توقّع أن يُحمل الشمري وحده المسؤولية عن واحدة من أكبر عمليات تهريب الكابتاغون المكشوفة في لبنان. وكان الشمري الذي يقول إنه قام بالترتيب لعملية تهريب الحبوب المخدرة بعلم الأمير٬ قد غير أقواله مرات عدة أثناء التحقيقات.
وتقول مراسلة بي بي سي في بيروت، كارين طربيه، إن القضية تطرح أيضا إشكاليات أخرى مرتبطة بصناعة الكابتاغون في لبنان وازدهار التجارة بهذه الحبوب المنشطة التي تصنف ضمن فئة المخدرات.
فقد أدان الحكم الصادر شخصين لبنانيين هما حسن جعفر وعلي اسماعيل وآخر سوري الجنسية هو مروان كيلاني، وحكم عليهم بالسجن المؤبد غيابيا٬ بتهمة الاتجار بالمخدرات مستندا إلى اتهمامهم بإحضار الحبوب المضبوطة وتزويد المسافرين بها ونقلها إلى المطار.
وتضيف مراسلتنا، أن القضية أثارت جدلا بشأن المصدر الأساسي للكابتاغون في لبنان وحجم المافيات التي تعمل في مجال تصنيع وترويج وتهريب هذه الحبوب، وكذلك بشأن كيفية وصول المواد الأساسية لتصنيع الكابتاغون وأدوات التصنيع إلى هؤلاء.
وقد نشط تصنيع الكابتاغون في لبنان إلى حد كبير في العقد الأخير، وبات يعد من الدول الأكثر تصنيعا له. فبحسب المكتب المركزي لمكافحة المخدرات ضبطت الدولة نحو واحد واربعين مليون حبة كابتاغون من بداية العام 2018 وحتى الشهر التاسع فيه.
وتشير الأرقام المتوفرة إلى الكميات المضبوطة فقط، والتي يقدر البعض أنها تشكل نسبة صغيرة فقط من الكميات المصنعة.
وتشير كارين إلى أن قضية من يُعرف لبنانيا باسم "أمير الكابتاغون" قد شكلت منذ اللحظة الأولى لتوقيف الأمير ومعاونيه، مادة شيقة في الداخل اللبناني٬ لا سيّما فيما يتعلق بتفاصيل تلك العملية.
فقد ضبط جهاز أمن مطار بيروت الدولي، في تشرين الاول/ أكتوبر عام 2015 نحو طنين من حبوب الكابتاغون التي كانت موضوعة داخل ثماني حقائب سفر وبصناديق كرتونية وضعت عليها ملصقات تحمل اسم: "صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود". ويقدّر البعض قيمة المضبوطات وقتها٬ بنحو ثلاثة ملايين دولار.
وكانت تلك الحبوب معدّة لتحميلها في طائرة خاصة استأجرها الأمير وكان يستعد ليسافر على متنها مع أربعة أشخاص آخرين٬ جميعهم يحملون الجنسية السعودية.
وقد عُرضت أثناء المحاكمة أدوات تحقيق متعددة، من بينها بيانات اتصالات ومقاطع من كاميرات مراقبة٬ إضافة الى إفادات شهود.
وبعد صدور الحكم٬ يدرس محامي الأمير إمكانية تمييزه للنقض به. غير أنه فعليا، وبعد أن قضى كل من الأمير والشمري فترة طويلة في السجن كمتهمين٬ تُحتستب من فترة الحكم، وبما أن السنة السجنية في لبنان هي تسعة اشهر، فلم يتبق لكليهما سوى 13 شهرا في السجن لاتمام الحكم.
وسيظل الأمير السعودي محتجزا في مخفر في بيروت ولن يُنقل إلى أحد السجون المركزية. وقد علل محاميه ذلك بخوف السلطات اللبنانية على سلامته، خصوصا وأن لتجار المخدرات نفوذا كبيرا داخل السجون.