كان حاميدو بابا: إذا خان ولد عبد العزيز يمينه ولم يحترم المادة 28 من دستورنا سيتولى الله والشعب الأمر

جمعة, 02/06/2017 - 02:30

مقابلة حصرية مع السيد حاميدو بابا كان، رئيس الحركة من أجل إعادة التأسيس
السيد حاميدو بابا كان (الحائز علي الدكتوراه في الاتصالات والرجل السياسي)، غني عن التعريف. فهو عضو مؤسس لاتحاد القوي الديمقراطية /عهد جديد و لتكتل القوى الديمقراطية و نائب سابق في الجمعية الوطنية، قبل أن يتولي زعامة حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس.
 
سؤال: لا يزال النظام مصر علي تمرير التعديلات الدستورية، رغم عدم اعتمادها من طرف أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ. تري، ما هم رأيكم في الخطة التي يجب علي المنتدى الوطني من اجل الديمقراطية والوحدة، القوة الرئيسية للمعارضة، تبنيها من اجل إفشال الاستفتاء المرتقب؟
 
حاميدو بابا كان : دعونا نتفق أولا أن تعنت السلطة من خلال ذلك الإصرار، الذي ذكرتهم، لا يبشر بأي خير. تعنت يحدث في سياق يتميز بانتهاك صارخ للقانون الأساسي للدولة، في حين أن الإجراء الدستوري، في أي استفتاء، مستوحى من رئيس الجمهورية أو البرلمان، يتم تمريره حسب مواد محددة (99، 100 و101)
 مما يعني أن الاستفتاء،  الذي يصعب تنظيمه، باطل من الجانب القانوني،علاوة للتحدي الذي يمثله تسيير البعد السياسي.
فالمعركة التي يجب علي المنتدى اعتمادها من اجل إفشال الاستفتاء، لا يمكن حصرها في نتائج صناديق الاقتراع، بل تتجاوز التسلسل الفني والزمني لاقتراع، يحاول النظام التلاعب به حسب ما يراه مناسبا. و الحقيقة، أن الاستفتاء قد فشل بالفعل و خطة المنتدى تتمثل في هذه الحالة بتمديد موته البطيء.

سؤال : ما الذي يقلق المنتدى في التعديل الدستوري المثير للجدل
 
حاميدو بابا كان : لست ممن يعتقدون أن التعديلات الدستورية سيئة من حيث المبدأ. وكذلك بالنسبة لموقف المنتدى. ومما لا شك فيه، أن هنالك ضرورة في نقاش بعض أمور مؤسساتنا والترتيبات الدستورية للبلد.
فكان لرئيس الدولة، الوقت الكافي لتمرير تلك التعديلات في مأموريته الأولى. يا لها من خسارة.
وعلاوة علي ذلك، فاني من الشخصيات السياسية القليلة التي طالبت باستمرار وفي وقت مبكر للغاية، بالقيام بإصلاحات دستورية. وجاء في هذا الإطار، إصرارنا، في يناير 2012، على ضرورة تعزيز الحوار، معتبرين  أن مفاوضات سبتمبر وأكتوبر 2011، لم تكن كافية كما أنها تفتقر إلي توافق عام.
فحظيت آنذاك نداءاتنا بالاهتمام دون أن تصل إلي مرحلة التطبيق.
ويقينا، لا يفوتكم أن ذلك، كان سببا هام من بين أسباب عدة في خروجنا من الأغلبية الرئاسية و من التحالف الوطني الذي أسسنا.
فمن الواضح إذا،  أن هذه التعديلات المتأخرة، التي يسعي نظام في نهاية مأموريته لتمريرها، كانت نتيجة لحوار غير توافقي، يهدف فقط إلي تكييف الدستور لأغراض غير معلنة، في الوقت الذي لا تحظي فيه المسائل الأساسية بأي اهتمام. وعليه، لم تخضع تلك التعديلات الدستورية لأي نقاش جاد و عميق و محفز.
وقد تم التلويح بمسألة إنشاء مجالس جهوية  كفخ تحاشي الشيوخ أن يقعوا فيه، حيث أن الأمر لا يسلم من الشك، لكون تلك المجالس غير مؤهلة لتحل محل غرفة الشيوخ، ما دامت الغاية و المسؤوليات، بنفس الهيئات مختلفة!
من يستطيع اليوم أن يقول لي، ما هي الأقاليم التي ستتم عليها ممارسة سلطة المجالس الجهوية المثيرة للجدل؟ ما هي مجالاتها، صلاحياتها و مواردها ؟ كيف ستكون علاقتها و مدي فعاليتها بالنسبة للدولة و البلديات؟  إنما الأمرلايعدو كونه نسيج من الخيال السياسي.!
الأمر نفسه ينطبق علي النشيد الوطني. حقا، فأنه من المشروع أن نتساءل عن قيمة نشيد، لا يستطيع أبنائنا و لا نستطيع نحن أن نؤديه معا، ولذا، فكان من اللازم إخبارنا بالنشيد البديل؟
 هل سيكون آليا فقط، أي مجرد موسيقي أو يتضمن أغاني ؟ ما هو مضمونه  وبأي لغات في بلد متعدد الثقافات، يواجه صعوبة في تحمل مسؤولية جميع تلك الموروثات؟ الأمثلة كثيرة.
أن الأمر الذي يقلق المنتدى، هو الظرفية الحالية التي تتميز باستفتاء غير توافقي  وغير شرعي في صيغته الحالية، مجهول الأهداف و في النهاية، بدون فائدة في المستقبل.
إن تكلفة الاستفتاء، في فترة تتسم بحدة الأزمة التي نعيش ، مع ركود الاقتصاد والنمو الصوري،  ستكون باهظة على مواردنا الشحيحة، وفي كل الأحوال، حسب اقل تقدير،  خمس أضعاف  الميزانية السنوية لمجلس الشيوخ، نريد إلقائه بحجة مبدأ التسيير المحكم.

سؤال: هل من تأثير لخطابكم (المنتدى)، علي كيفية تسيير الأموال العامة في بلدكم ؟

حاميدو كان بابا: إننا نقوم بدورنا ألتنبيهي و نشجب انتهاكات السلطة في تسييرها  للأموال العامة. على أي حال، إذا ما تأملنا الفضائح المتكررة وصفقات التراضي و المخالفات في إبرام و أعطاء الصفقات،  يمكننا القول أن التحذيرات و التنبيهات التي نقوم بها، بدون جدوى. وهي وضعية تذكرنا بما كانت عليه موريتانيا في الثمانينات، مع سياسات التكيف الهيكلي؛ من خلال خوصصة الاقتصاد، حيث تمت عمليات بيع الشركات العامة!
واليوم، ها نحن نعيش نوعا جديدا من خوصصة اقتصادنا، التي تبدو جليا للأعيان من خلال البقايا الأخيرة للممتلكات ألعامه للدولة، التي تمثل المدارس العمومية احد ابرز معالمها.
وفي الوقت نفسه، تبدو خيبة الأمل علي وجوه الفقراء الذين يتساءلون أين ذهب "رئيس الفقراء"؟
ولكن هذه الأخطاء وحالات سوء التسيير تثقل كاهل الدولة وتتطلب منها دفع الثمن الباهظ لتصحيح ذلك الاختلال.
 ففي الوقت الذي يتراوح فيه متوسط النمو الاقتصادي في أفريقيا بين 5 و 6٪، يميل النمو الاقتصادي الوطني إلي الصفر إن لم يكن  سلبيا.
فإذا كان التحدي المطروح لبلدنا في الماضي، يكمن في سوء توزيع ثروتنا، لقد تبخرت اليوم تلك الثروة، لصالح زمرة صغيرة، حتى أنها أتت علي أموال أغنياء سابقين، فبالحري ضحايا الحرمان

سؤال: هل لا يزال الحوار ممكنا بينكم الحكومة؟
 
حاميدو كان بابا: جوابي هو نعم! ولكن الحوار يشترط طرفين علي الأقل ... وأخشى أن تلجأ السلطة إلي الخيار الأسوأ، "أنا ومن بعدي الطوفان "
إن المواقف المتخذة من طرف السلطة منذ "الحوار" المثير للجدل، في سبتمبر 2016، تشير إلى أن حسابات رئيس الدولة كانت جانبية، في الوقت الذي كنا علي مقربة من الهدف، أي الحوار مع المنتدى.
لكن السلطة و "صقورها" فضلوا المضي في طريق مخالف. وحسب تحليلي لردة فعل رئيس الدولة، خلال مؤتمره الصحفي بتاريخ 22 مارس 2017، فان فرص الحوار باتت بعيدة .
فعلا، لقد تم تنظيم ذلك المؤتمر غداة موجة الغضب التي اجتازت رأس السلطة، بعد تصويت أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الرافض للتعديلات الدستورية وللاستفتاء.
ورغم كل ذلك، أكد المنتدى استعداده للحوار الذي مازلنا نطالب به من اجل الحد من المآسي التي يعيشها المواطن و لكي نحدد معا قواعد اللعبة الديمقراطية. إننا مطالبون في الحاضر وفي المستقبل بتحقيق هذا الهدف.

سؤال: لماذا، لا يزال الحوار الوطني يقتصر علي الحكومة والأغلبية والمعارضة "السلمية"؟
 
 
حاميدو كان بابا : لأن الأزمة قد استمرت لمدة طويلة كما توقف عمل الدولة منذ فترة. فراح الكل ينشط في  السياسة عن ما سواها.
أقول صراحة هنا، احتراما للواقع المعاش، انه، إذا كانت السياسة في أفريقيا هي التي تحدد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الرياضية ، فان بلدنا قد فشل في المضي قدما في النظام  الديمقراطي. . لذلك، لم نشهد تنظيم انتخابات هادئة منذ عام 1992.
كما أن دستور 1991، تم وضعه بشكل غير مضبوط، في مكاتب سرية، قبل تقديمه إلى الاستفتاء، دون نقاش!
 و على الأرجح ، هذا ما جعله ناقصا منذ البداية. فضاعت الديمقراطية في  تلك الفترة  حتى 2005،  حيث كانت السياسة أشبه بلعبة للصغار، يمارسها الكبار
فرغم انه أضاف بعض التحسينات المهمة على الدستور، كتحديد الفترة الرئاسة بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط،، ترك النظام الانتقالي (2005 - 2007)، أسئلة كثيرة ومعقدة، لما بعد المرحلة الانتقالية. فلم تكن نتائج صناديق الاقتراع شفافة و إن كانت عكست المؤشرات الأولي لإعادة تشكيل المشهد السياسي، كانت تتضمن أيضا، بعض التردد إضافة إلي عوامل نزاعية.
تأملوا بأنفسكم:  في 2007، في نهاية الانتخابات العامة، كان أمامنا شرعيتين متوازنتين، مع رئيس للجمهورية، تم انتخابه بعد النواب، حاول أن يتأقلم مع دعمهم غير المستقر.
كما كانت تضم الجمعية الوطنية، أغلبية من النواب المستقلين. وكان الحزب الأكثر تمثيلا بوصفه حزب سياسي، حزب المعارضة. كما أن الجيش كان يريد ترك السلطة دون التخلي عنها.... ما جري بعد ذلك نعرفه جميعا
هل تغيرت جذريا تلك الوضعية؟ علي كل خال، إن الثورات الطبقات الحاكمة، التي تطرقتم لها، تعكس جليا شعور المجتمع بالاستياء.

سؤال: الفترات تتعاقب وتتشابه في موريتانيا. المظاهرات و التوترات والاعتقالات: ما سبب ذلك الاستياء المتكرر ؟
 
' حاميدو كان بابا : حظر مسيرة الشباب التي انتهت بالقمع ثم الاعتقالات والمحاكمة و إضراب سائقي سيارات الأجرة و أعمال الشغب والاعتقالات والمحاكمات، ومطالبة الطلاب بالمنح الدراسية والمعلمين بالتعويضات المواطنون بالمياه الشروب  وحل المشاكل المستعصية للأراضي

أقل ما يمكن قوله هو ملاحظة تصاعد العنف في المطالب المشروعة، التي تتجلي من خلال  كثرة حالات التظاهر و الاعتقالات و القمع. مما ولد إحساسا عاما بالملل، المرتبط أيضا بالإقصاء وعدم نظر الحكام في ما يحدث من تجاوزات.
لقد شاهدنا مظاهرة سلمية وغير سياسية، نظمها بعض الشباب، للمطالبة بحقوقهم الأساسية، يتعرض أصحابها إلي القمع العنيف و الاعتقالات والمحاكمة الدرامية.
أما بالنسبة لإضراب سائقي النقل، فإنه سرعان ما تحول إلى أعمال شغب مرفقة بعمليات تخريب، تجب إدانتها، ولو كانت تعكس مدى انتشار الفقر في الأحياء التي تحيط بالعاصمة..
ونقول هنا بصراحة، بان الظلم الاجتماعي هو مصدر تلك الفوضى.
أما بالنسبة للقضايا الأخرى التي ذكرتم والتي تمثل أيضا مصادر للتوتر، كالاستيلاء على الأراضي مع التواطؤ النشط  لأصحاب السلطة، و الحالة المدنية و تضييق الحريات كما حدث في الآونة الأخيرة، كمنع المواطنين من التحرك في مناطق من البلاد (ايرا) و ظروف الاحتجاز / الإفراج لعضو مجلس الشيوخ السيناتور محمد ولد غده، فان النظام يدوس قوانينه بقدميه،  كما ابدي نقصا حادا في ضبط النفس وضعف الكفاءات. وقد أدرك  قبله الأوتوقراطي (بسمارك) ، انه من الممكن صنع كل شيء  بالحراب إلا الجلوس عليها.

سؤال: هل أنتم واثقون أن الرئيس سلتزم باحترام المادة 28 من دستورنا وبيمينه؟
 
حاميدو كان بابا: قد يكون من الأفضل طرح هذا السؤال علي رئيس الجمهورية نفسه. ما هو أكيد، هو أنه صرح مرارا و تكرارا وفي عدة مناسبات، عزمه الامتثال بالأحكام الدستورية في شأن المأمورية.
وتلقينا ذلك في كل مرة بجدية.  فإذا خان يمينه، وهو ما استبعده شخصيا، سيتولى الله والشعب الموريتاني الأمر.

سؤال: إلي أين وصلتم في اختيار مرشح موحد للمعارضة ؟ هل ذلك يعتبر حلا لقطع الطريق أمام مرشح يدعمه الرئيس محمد ولد عبد العزيز

حاميدو كان بابا:   قلتم مرشح موحد للمعارضة؟  لاشك إن هذا المنظور، مرغوب فيه فلسفيا، لكن،  هل هو ممكن من الناحية الفنية و هل هو فعلي علي الصعيد السياسي.
لم يتم التطرق إلي هذا الموضوع  بالتحديد، في جزب الحركة من أجل إعادة التأسيس، لكون الطابع العملي لمقاربتنا.
يبدو أن المنتدى يعمل في هذا الاتجاه، الذي يمثل أولا، صياغة عرض سياسي من اجل إحداث التناوب في أفق 2019. و هو ما يتطلع له أيضا الموريتانيون. لا تجعلونا نضع العربة أمام الحصان. فكل يوم له متاعبه. فلنأخذ الوقت أولا لإقناعنا.

سؤال: ما هي الحالة الصحية لحزب الحركة من أجل إعادة التأسيس الذي شهد مؤخرا سلسلة من الانضمامات الهامة
 
حاميدو كان بابا:  كما تعلمون، يقاس في المقام الأول كل حزب ببرنامجه ثم بإدارته وأخيرا بقواعده.  إن موجات الانضمام التي ذكرتم، تأتي ثمرة لبرنامج الحزب الذي يهدف إلي توحيد الموريتانيين.
إن حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس يجعل من الاندماج الوطني واجب ملح كما أن صميم إعادة التأسيس، مبني على السعي الحثيث لميثاق وطني جديد لمواجهة المخاطر التي تهددنا.

فمنذ إنشائه (09-09-2009)، واصل الحزب، دعوته المتكررة، من أجل وضع عقد جديد من الثقة بين الدولة والمواطن من جهة (القضايا المؤسسية والديمقراطية)؛ وبين الدولة والمجتمعات من جهة أخرى ، (القضايا الوطنية والاجتماعية).
 و لن أذهب هنا إلي تقديم تشخيص يدركه الكل حف الإدراك. هذا ما يفسر إصرارنا  علي حوار حقيقي وجاد. وهو ما فهمه الكثيرون من الموريتانيين.
أما في ما يخص إدارة الحزب، أعتقد أنها قامت بدورها.
وما يؤسفني فقط، هو الغياب لفترات طويلة عن البلاد بسبب التزاماتي المهنية الدولية. وهنا، أهنئ  الرفاق الذين حافظوا على الشعلة مضاءة وعملوا جاهدين على توسيع القاعدة الشعبية للحزب.
لقد فضلنا خيار حزب الجماهير وليس حزب "ألأطر". وهو ما يفسر الأهمية التي نوليها لتنويع الانضمامات في صفوف الشباب والنساء.
ونحن نوجد اليوم في ديناميكية اللامركزية لهياكلنا، من اجل ترسيخ أكثر للقرب من القواعد الشعبية..

لذا فإنني أوجه نداء إلي جميع الموريتانيين الذين يشاركوننا المثل العليا للسلام والوحدة والديمقراطية، للمشاركة معنا في عمل مفيد لإعادة التأسيس المتواصل.
وأخيرا، أوجه نداء إلي جميع الموريتانيين، للتسجيل المكثف علي اللوائح الانتخابية  والمشاركة  القوية في الاستفتاء،  بالتصويت مرتين " بلا "
.
اجري المقابلة
ابوبكرن سيدي

رابط المصدر :
http://tawary.com/fr/index.php?option=com_content&view=article&id=4678:interview-exclusive-de-hamidou-baba-kane-president-du-mpr&catid=3:interviews&Itemid=4