نواكشوط – «القدس العربي»: لا صوت الآن في موريتانيا يعلو على صوت التحضيرات الجارية على قدم وساق لاستضافة القمة العربية السابعة، التي اقترب موعد انعقادها المقرر في نواكشوط أواخر تموز/ يوليو الجاري.
فهناك شبه إرجاء لجميع الأجندات السياسية الأخرى وبخاصة أجندة الحوار السياسي التي كانت الشغل الشاغل للحكومة «حتى لا تضيع، حسب تأكيدات مصدر من داخل لجان التحضير، أية دقيقة في إحكام الإعداد لقمة تشكل تحدياً كبيراً».
ويؤكد هذا المصدر «أن اللجنة الوطنية الكبرى المكلفة بتحضير القمة والتي يرأسها رئيس الوزراء السابق مولاي محمد الأغظف الأمين العام الحالي للرئاسة، تتحكم، معتمدة على تراكم لتجارب سابقة، بجميع مفاصل العملية التحضيرية وبخاصة تهيئة مواقع الضيافة وحفلات الاستقبال وأنشطة الحفاوة وتغطية القمة وتأمينها».
وتتولى لجنة فرعية مكلفة بالإعلام يقودها الدكتور محمد اسحاق الكنتي المستشار المكلف بالاتصال في رئاسة الجمهورية، تنسيق التغطية الإعلامية للقمة عبر مركز إعلامي خاص مفتوح بقصر المؤتمرات وعبر تقديم رخص العمل والتسهيلات للفرق الإعلامية التي ستتولى تغطية المؤتمر.
وتحدثت مصادر أمنية موريتانية عن تولي الجيش الموريتاني ابتداء من الأسبوع الجاري تأمين مداخل ومخارج وطرقات العاصمة نواكشوط وذلك ضمن خطة أمنية محكمة يشارك فيها ستون ألف عسكري، وتتألف من سبع دوائر مغلقة تتفرع لعشرات الدوائر الأمنية المصغرة والمركزة في مواقع معينة، ينسقها الجيش ويساهم فيها الدرك والشرطة والحرس ويقودها الجنرال محمد غزواني قائد أركان الجيوش. وحسب الخطة التي يجري تنفيذها الآن، حسب مصادر «القدس العربي»، فستتولى الشرطة العسكرية تأمين المطار الدولي والطرق التي تربطها بعمق العاصمة وتأمين قصر المؤتمرات حيث ستجري أعمال القمة، إضافة لتأمين الضيوف والمقار الرسمية، وحركة المرور وغير ذلك من النقاط الحساسة.
وفيما تواصل السلطات تحضيراتها للقمة، واكب عدد من كبار الكتاب الموريتانيين مناسبة القمة بالتوجيه والإشادة أحياناً وبالتخوف أحياناً أخرى، من فشلها الذي أدى لتخلي المغرب عن استضافتها في ظرف عصيب.
وتحت عنوان «نصيحتي للقمة»، حذر وزير خارجية موريتانيا الأسبق محمد فال ولد بلال في تدوينة كتبها أمس «حكومة موريتانيا مما سماه «الوقوع في فخ «الكبــار».. مؤكدا «أن الدور الطبيعي لبلد بحجم موريتانيا وموقعه الجيوسياسي يقتضي ضرورةً السهر على تضييق الهوة بين الأشقاء بدل توسيعها، وتضميد الجروح بدل تعميقها».
و قال «بحسب ما تداوله بعض الصحف والمواقع، فإن جهات عربية وازنة تعتزم طرح موضوع «القوة العربية المشتركة ضد الإرهاب» لإحراز تقدم و إنجاز شيءٍ ما على الأرض بهذا المعنى في قمة نواكشوط، وقيل أيضاً بأن الجهات نفسها ربما تسعى لاستصدار قرارٍ يمهد لمطالبة الأمم المتحدة بالعمل تحت البند السابع الذي يتيح لمجلس الأمن استخدام القوة العسكرية لتنفيذ قراراته المتعلقة بملفات المنطقة، وهو ما يفتح الباب، حسب الوزير بلال، أمام غزو محتمل لسوريا واليمن وليبيا».
«ونظراً إلى خطورة هذه المواضيع، يضيف الوزير في نصيحته، على حاضر وعلى مستقبل بلدنا كبلد مضيف، فإني أتمنّى على الحكومة الموريتانية أن تعمل على تفادي مثل هذه القرارات، وأن تنأى بنفسها عن النزاعات والحروب بين الأشقاء؛ نعم، أتمنّى صراحة، يضيف الوزير، أن تكون قمتــنا «قمة تسوياتٍ ناعِمة»…لا «قمة قراراتٍ صادمة»، برجاء ألاّ يرتبط اسم نواكشوط بقرارات أو إجراءات عدائية أو عدوانية ضد هذا الطرف أو ذاك في دائرة الأسرة العربية الواحدة».
«وبناء عليه، يقول الوزير الأسبق ذو التجربة الواسعة، فإنني أنصح بأن، تركز قمة انواكشوط على تصويب البوصلة باتجاه القضايا الأساسية التي هي محل إجماع، مثل قضية فلسطين والأقصى والحيلولة دون تمييعها وتذويبها في قضية «صد المد الشيعي»، ومحاربة «الإسلاموفوبيا» التي بدأت تنتشر بشكل مخيف، وإعادة الروح إلى المبادرة العربية، والنظر في المبادرة الفرنسية المطروحة حالياً، ومحاربة الإرهاب بمعناه الصحيح، وخطر الهجرة، ودفع التعاون العربي الإفريقي».
ونصح الوزير الموريتاني كذلك بأن «يتم انتخاب الأمين العام الجديد للجامعة، والبت في الملفات الإدارية المتعلقة بآليات العمل العربي المشترك والقضايا المالية، والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة، مثل ربط الموانئ، والسكك الحديدية، والخطوط الكهربائية، ومحاربة البطالة في صفوف الشباب، وترقية المرأة، ومحاربة الهجرة السرية، والمخدرات وغير ذلك». وأكد الوزير حرصه الشديد على «أن تتصدر حكومة موريتانيا عملاً عربياً مؤازراً ومكملاً لجهود الأمم المتحدة في البحث عن التهدئة والتسوية في سوريا واليمن وليبيا، خاصة وأنّ موريتانيا محظوظة لكونها حتى الآن تُحسب من الدول العربية القليلة القادرة دبلوماسيا على مخاطبة كل الأطراف المؤثرة في النزاعات المعنية عبر سفاراتها في نواكشوط، أعني السعودية، وإيران، وتركيا، ومصر، وسوريا، واليمن، وليبيا، بالإضافة طبعاً إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن». وفي مقال آخر حول استضافة موريتانيا للقمة، أكد الكاتب اجيه ولد سيدي هيبه «أنه من حشو الكلم وصف قرار موريتانيا احتضان القمة العربية المباركة في هذا الظرف العصيب والبالغ التعقيد بالقرار الشجاع، وإعلانها التحدي باستقبال القمة بعد أسابيع قليلة على رمال أرض المنارة والرباط تحت شعار « قمة الأمل». وقال «إن شعار قمة الأمل يلزمنا جميعاً كعرب أن نستشرف من خلاله مستقبلاً زاهراً لأمتنا العربية رغم المعاناة والألم الذي يئن تحت وطأته المواطن العربي اليوم، ولا شك بان استشراف مستقبل أفضل في تحقيق رغبات وطموحات أمتنا العربية والتمكن من نشر رسالتها الانسانية النبيلة، لكونه سيدفع بنا نحو المزيد من التضامن والتعاون المشترك لمواجهة تحديات شتى والتغلب عليها».
وزاد «إن لموريتانيا أن تفخر بأنها دأبت خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من أي وقت مضى على تكريس سياستها الخارجية للوقوف موقف النصير الدائم لكل قضايا أشقائها العرب، بل وتعتبر قضاياهم قضاياها المحورية، وأنها حرصت دائما على أن تكون الداعم والمؤيد لجهود المواقف العربية تحت يافطة الجامعة العربية التزاماً منها بمواثيق الشرف والانتماء، وخصوصاً ما تعلق منها بقضية العرب المصيرية، القضية الفلسطينية، وما قرار 6 آذار/مارس 2009 التاريخي والقاضي بطرد جميع موظفي السفارة الإسرائيلية في نواكشوط وإمهالهم 48 ساعة لمغادرة الأراضي الموريتانية منا ببعيد».
واختتم قائلاً «إن مؤازرة الاشقاء العرب لسعي موريتانيا تنظيم القمة العربية السابعة والعشرين بنواكشوط يومي 25 و26 تموز/يوليو الحالي، إنما هو تتويج وتثمين لمكانتها المستحقة بفعل الحضور الدبلوماسي القوي، ولدورها الرائد والمطرد على جميع الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية».