بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين. وبعد فيسر المكتب الإعلامي للشيخ علي الرضى بن محمد ناجي رئيس المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدم لكم توضيحات متعلقة ببعض أمر شيخنا الشيخ علي الرضى حفظه الله ورعاه:
وُلد شيخنا الشريف –حفظه الله تعالى- الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي بن حمَّ بن محمد بن عابدين بن اباه الشريف بن سيدي محمد الشريف الصعيدي ليلة الجمعة 27 من ربيع الثاني سنة 1390 هجرية، الموافق: أوائل يوليو 1970 ميلادية، فنشأ وترعرع في حضرة علمية نقية طاهرة، فحفظ القرآن في حوالي الحادية عشرة من عمره على والده محمد ناجي الحافظ لكتاب الله العزيز والذي كان فقيها من أورع الناس، وقد نشأ محمد ناجي ناسكا وعاش كذلك إلى أن توفي يوم الاثنين 16 رجب 1428 للهجرة الموافق: 30 يوليو 2007 للميلاد رحمه الله وأغدق عليه سحائب الرضوان. درس الشيخ علي الرضا العلوم الشرعية واللغوية على عمه الشريف العلامة الشيخ ابن حم الصعيدي المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الأستاذ الرئيسي للشيخ علي الرضا، وقد دأب على حضور حِلَقِه العلمية، وقد تخرَّج من مدرسة الشيخ بن حم -العلامة الجليل الحافظ لكتاب الله العزيز- عدد من العلماء وهو من أجل علماء القطر حفظه الله تعالى ورعاه. كما أن شيخنا الشيخ علي الرضا درس على كل من العالم الكبير المعروف گراي ولد أحمد يوره العاقلي الديماني رحمه الله تعالى، والعالم الكبير بدي ابن القاضي المجلسي حفظه الله تعالى ورعاه، كما درس على المقرئ الكبير محمد عبد الله بن آبت التندغي -حفظه الله ورعاه- نظم ابن بري في قراءة نافع. ألف شيخنا كتاب تحقيق العبودية لله رب العالمين، وقد تمت طباعته ونشره أوائل 2007 ، ومن تآليف شيخنا كذلك كتاب الحراسة وقد بين فيه وجوب حراسة الإيمان والإسلام والإحسان من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان، وكان الفراغ منه كما كتب في خاتمته يوم الإثنين اليوم الأول من جمادى الثانية عام ثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية الشريفة الموافق للخامس والعشرين من مايو عام تسع وألفين للميلاد، ومنها كتاب التجديد وقد بين فيه الشيخ علي الرضى التجديد الديني من دون ابتداع أو غلو أو تقصير وأوضح الفرق بين التجديد والتغيير في الدين معددا بعض الأمثلة لذلك، وكان الفراغ منه لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية الموافق لليوم الرابع من يوليو سنة تسع وألفين للميلاد، ومنها كتاب الإرشاد في محاربة الكفر والإلحاد، وله الكثير من الفتاوى والأنظام في الأحكام الشرعية، والفوائد العلمية السنية.
وقد أسس شيخنا الشيخ علي الرضى المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 2008م، ويهدف المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى: الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته صلى الله عليه وسلم وتعزيره وتوقيره والمحافظة على سنته والتعريف بسيرته صلى الله عليه وسلم، ورعاية التعليم الأصلي من خلال دعم المحاظر، وتوجيه المجتمعات الإسلامية إلى الالتزام بمنهج الله والتحاكم إلى شريعته وكان من فضل الله علينا ورحمته أن جعل أول ظهور لهذا المنتدى في الإعلام المحلي والدولي ردا على إعادة نشر الرسوم الدانمركية المسيئة للأمة المحمدية، تلك الرسوم التي أثارت ردود فعل عظيمة رسمية وشعبية في البلاد الإسلامية والعالم أجمع.
ويتخذ المنتدى لتحقيق أهدافه الوسائل التالية: الندوات والمحاضرات العلمية التي تتناول الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، طباعة ونشر الكتب والمنشورات التي تخدم التراث الإسلامي وتحيي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإصدار النشرات الدورية لتبصير المسلمين بأمور دينهم وحل مشكلاتهم، وكشف الشبهات المثارة من قبل أعدائهم.
وبالإضافة إلى رئاسة المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم يترأس الشيخ علي الرضى كذلك معهد الفتح للعلوم الشرعية، المرخَّص سنة 2005، كما يترأس فيه العلامة الشريف الشيخ بن حم لجنة الفتوى والتدريس، وهو مسجل عند وزارة التوجيه الإسلامي، ومسجل عندها أن تمويله من طرف الشيخ علي الرضى ولا تمويل له من الخارج فيما مضى، وإذا وجد فسيتم إعلامُ السلطات بذلك، وتحدد الجهات الداعمة حسب قوانين المعاهد المعمول بها في البلد. وهذا المعهد تتفرع منه ثلاث محاظر كبرى، وهي :محظرة الشرفاء في ابير التورس، ومحظرة التيسير شمال انواكشوط، ومحظرة مسجد الفتح في تفرغ زينه.
أولا: محظرة " الشرفاء في ابير التورس" التي هي الأم والمحظرتان الأخريان فرعان لها، هذه المحظرة يُدَرِّس فيها عمُّ الشيخ علي الرضى؛ وهو العالم العلامة الشيخ بن حم الصعيدي، رئيس لجنة الفتوى والتدريس بمعهد الفتح والمفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد دَرَس فيها الشيخ علي الرضى، وهي تُدَرِّس ما معدله يزيد على مائة طالب، يكفلهم الشيخ علي الرضى.
وللشيخ بن حم مؤلفات عدة، منها كتاب مصباح الرشاد إلى هدي خير العباد، وكتاب منيل الرشاد في شرح بانت سعاد، وقد قرظهما الشيخ علي الرضى فقال في تقريظ مصباح الرشاد:
تلألأ نورُ مصباح الرشاد :: فأشرقت المعارفُ للعباد
كتابٌ فيه أبدى الشيخُ علما :: أبان لنا طريقةَ خيرِ هاد
أيا شيخي رعاكَ الله ربي ::وعشتَ معلماً طرقَ السداد
وأيدكَ العزيزُ بكل نصرٍ :: وحفظٍ في الحواضرِ والبوادي
ألا يا نجلَ حَمَّ أيا إمامي :: على رغم المعاندِ والمُعادي
تعلمتَ العلومَ بلا توانٍ :: وأنت من المكارم في ازدياد
ألا يا أيها الأستاذُ إني :: مزجتُ عُرى القرابةِ بالوداد
تعلمتُ الحروفَ عليك طفلا :: وقد قابلتَ جهلي باتئاد
فلا زجرٌ لديك ولا عتابٌ ::ونصحُك لي مدى الأيام باد
أدام اللهُ نعمتَه علــيـــنا :: ورحمتَه إلى يومِ التنادي.
وقال أيضا في تقريظ منيل الرشاد:
في منيل الرشاد نيل الرشاد :: للذي يبتغي سبيل السداد
فيه عـــلم وحكمة وبـــيان :: فيه نور من نور خير العباد
هو تألــيف عالم لا يبالي :: في سبيل الرشاد لوم الأعادي
هــمُّه سنة النبي المقــفى :: في هدوء وحكمة واتئاد
إنه قدوتي ابن حم وشيخي :: ولشيخي محبتي وودادي.
وقد تخرج من هذه المحظرة علماء أجلاء من بينهم الشيخ علي الرضى، حفظ الله شيخينا، ورعاهما وأنالهما في الدارين مبتغاهما،
ثانيا: "محظرة التيسير للعلوم الشرعية" شمالي العاصمة نواكشوط؛ يدرِّس فيها الشريف العلامة أحمدُ ابن عابدين الصعيدي، وهو خريج محظرة الشيخ بن حم في ابير التورس.
وتضم حوالي خمسة وعشرين طالبا على الأقل، وهم على كفالة الشيخ علي الرضى كذلك.
ثالثا: محظرة مسجد الفتح في تفرغ زينه، التي تدرس القرآن والعلوم الشرعية، ومدرسوها هم بالنسبة للقرآن الكريم؛ الإمام الحافظ: عبد الله ولد النانَّ التاشدبيتي. الإمام الحافظ: سيدي ولد محمدي المجلسي.
بالنسبة للعلوم الشرعية: العلامة الشريف الشيخ أحمدْ ولد أمَّ السملالي، خريج محظرة الشيخ بن حمَّ، وتضم هذه المحظرة 50 طالبا، على كفالة الشيخ علي الرضى أيضا.
وسبب تخصيصنا لهذه المحاظر بالاسم هو أن نفقتها على الشيخ علي الرضى، وإلا فإنَّ من جماعة الشيخ الرضى من يدْرس في محاظر أخرى عديدة.
وقد فتح الله على شيخنا الشيخ الرضى حين بلغ السابعة عشر من عمره فتحا مشهورا، وذلك سنة 1987 م، وقد حبب إلى شيخنا الشيخ الرضى الرقيا الشرعية بكتاب الله الأسنى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأسماء الله تعالى الحسنى. وضَرب صفحا عن الرقيا بغير ذلك، محذرا مما هنالك، بذا وصفه الإمام العلامة بداه بن البصيري رحمه الله تعالى، في تزكيته له فقال: "ممارس للكتاب والسنة، متبع لصالح سلف الأمة، ولا يخفى ما على وجهه من نور الشرف إلا على من أطمس الله بصيرته، وما يعرف به من الرقى إنما هو الشرعي منها الذي هو بالقرآن وأسماء الله الحسنى، ولا يعرف عنه شيء من الرقية بالعجمية ولا الطلاسم ولا الجداول ولا الأوفاق ولا ما في معنى ذلك، فعلى المسلمين جميعا أن يعرفوا له حقه، أطال الله حياته وحفظه من المكاره في الدنيا والآخرة".
وقال عنه العلامة محمد سالم بن عدود رحمه الله تعالى في تزكيته له: "ولا يتعاطى شيئا من الرقية إلا تنفيسا عن مكروب واستجابة لدعوة ملهوف فيدعو فيستجاب له أو يوجه همته فيظهر الله تعالى من خوارق العادة ما يظهر، وقلما يلجأ إلى الرقية وإن لجأ إليها فإنما تكون بما ذكر مما لا يختلف أهل العلم في مشروعيته".
وكتب العلامة القاضي الشريف المصطفى الملقب ابَّين بن ببانَ حفظه الله ورعاه:
" بسم الله الرحمن الرحيم . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد فإنه مما بلغ عندنا حد التواتر أن الشريف العالم العامل العارف سلالة الشرفاء المتقين والأولياء الراسخين الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي ابن عابدين شاب نشأ في طاعة الله تعالى وفتح الله له باب العلم والمعرفة وحلاه بمقامات اليقين، ونفع به كثيرا من المسلمين، فمن لقيه أنهضه حاله، ودله على الله مقاله، فقد اشتهر بالاستقامة والتمسك بالسنة والابتعاد عن البدعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى والبذل والإنفاق والزهد والتواضع ومكارم الأخلاق وكان يتحرى الورع في أقواله وأفعاله ومعاملاته خصوصا ما يتعلق بالرقى فكان يرقي المرضى بالقرآن الكريم انطلاقا من قوله تعالى: {وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمومنين}. اهـ من مجموعة تزكيات العلماء لشيخنا الشيخ علي الرضى حفظه الله ورعاه.
والشيخ علي الرضى لا يعرف سر الحرف لأنه لم يدرسه أصلا ولا يريد أن يتعلمه والشهود موجودون وفي المثل "العرب بالباب".
وكثيرا ما قال الشيخ علي الرضى: إنه لو اشتُرط العلم والولاية في الرقية لما مارسها.
وللرقيا شروط ذكرها العلماء قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند باب الرُّقى: "وقد أجمع العلماء على جواز الرُّقى عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
وكانت الرقية فيما مضى هي المصدر الوحيد للكسب عند الشيخ علي الرضى، والتكسب بالرقية جائز ففي صحيح البخاري: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ ، أَوْ سَلِيمٌ - فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ ، فَقَالَ : هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلاً لَدِيغًا ، أَوْ سَلِيمًا فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ.
والشيخ علي الرضى لا يدَّعي العصمة لنفسه ولا يدعيها أصحابه له لأن العصمة مخصوصة بالأنبياء عليهم السلام والأنبياء ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والشيخ علي الرضى لا يدعي "التزبوت" ويقول في مجالسه في عدم ادعائه للولاية:
"الوَلاَيَ مَانِ مدَّاعِيهَ واعْلَ ربِّ مَـتْمَنِّيهَ".
ويقول دائما بأنه فقير إلى الله تعالى، قال الله عز وجل:
( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)
بل هو على قدر عظيم من التواضع وإظهار العبودية والفقر لله رب العالمين، وهو القائل حفظه الله ورعاه:
بِـطَـاقــةُ تَـعْـريفي المــذلَّـةُ والفَـقْـــرُ
لربِّـي تَعـالى مَـن لهُ الخَــلقُ والأمْـرُ
أيا ربَّـنا إنِّــي لعـفْــــــــــوكَ أرتَــجي
وأنتَ الذي تَـعفُو لكَ الحَمدُ والشُّكْـرُ.
وتتسم جماعة الشيخ علي الرضى بسمات سنية منها عدم الرد بالمثل، على أهل الإساءة التزاما منهم بتوجيهات بينة من الشيخ علي الرضى حفظه الله ورعاه.
ومن سماتهم كذلك أنهم يرحبون بالنصيحة ويحبون أن يسمع منهم الجواب إن كان حقا قُبِلَ منهم وإن كان باطلا رد عليهم ليتوبوا إلى الله تعالى، ولا يعتبرون أنهم فوق النقد فشيخهم الشيخ علي الرضى هو الذي يقول:
إخوتي سادتي شباب الندي*لست أبغى تقبيلكم لليدي
لست أرضى استخدامكم في أمور*تافهات فعل الغبي الدني
لست أرضى الغلو في المدح إني*لبريء من الغلو البذي
كلُّ ما أرتجيه مـــنكم دوامـــا*هو عوني على الصراط السوي
ذكروني إذا نسيت إلهي ** وازجروني عن كل ذنب وغي
وإذا ما استعنتم فاستعينوا ** بإله الكون القوي العلي
كل شيء إلى الإله فقير ** من يرجى سوى الكريم الغني
احذروا الدهر كل شرك جلي*واحذروا الدهر كل شرك خفي
يا إلهي فاشهد بأني بريء ** من سوى سنة الرسول النبي
وعلى المصطفى النبي صلاة ** وسلام على النبي الأبي.
وتتعدد اهتمامات ونشاطات ووظائف جماعة الشيخ علي الرضى حفظه الله ورعاه، فمن ضمن جماعة الشيخ الرضى مثلا من يمتهنون التجارة كسائر من يمتهنها من الناس، ويمارسون عملهم داخل البلاد وخارجها، يبيعون ويشترون ويأخذون الدين ويقضونه، وذلك وفق الشريعة الإسلامية فهم يرجعون في معاملاتهم إلى العلماء العاملين الراسخين في العلم من الجماعة ومن غيرها، ويستفتونهم في كل نازلة فقهية، وإن هذه المجموعة هي أبعد ما تكون من الربا الذي هو من الموبقات السبع نعوذ بالله منها، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَ امَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (279).
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ.
ومن جماعة الشيخ علي الرضى كذلك العلماء وأئمة المساجد والأساتذة المحاضرون والشعراء الذين ظلت حناجرهم تصدح بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم والمنافحة عنه ويهجون الإلحاد والملحدين على العموم دون أن يتهموا شخصا بعينه بالإلحاد.
ويتسع باع هذه الجماعة وتنشرح صدورها لمن يمد لهم يد العون والمساعدة ويشاركهم في إصلاح المجتمع ومحاربة الخمور والمخدرات، وجميع المنكرات، والتصدي للإلحاد والملحدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انطلاقا من قول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
ومن المعروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شيم هذه الأمة،
قال الله تبارك وتعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) وقد وصف الله تعالى بني إسرائيل بأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، قال الله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79)
ومما يبشر على الأمة الإسلامية تناهيها عن المنكر أو ما يظن أنه منكر حتى يظهر خلاف ذلك.
ومن المناكر التي عمت بها البلوى وترغب الجماعة في مشاركتها في إنكارها ظاهرة الربا المستشرية في بلادنا وغيرها، وأكثر البنوك في موريتانيا وغيرها من البلدان الإسلامية بنوك ربوية أعاذنا الله من الربا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وبسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر فضائله في مجالس الشيخ علي الرضى وجماعته في العاصمة انواكشوط وغيرها وقعت سنة 1993 م شكوك أمنية حول الشيخ علي الرضى وجماعته ، وكثرت التقارير الأمنية المتعلقة بالجهاد وارتباط الشيخ علي الرضى وجماعته بالجهاد بعثت الأجهزة الأمنية رجلا بغرض مقابلته في نواكشوط ليشرح لهم علاقته بالجهاد في سبيل الله، فجاء الرجل إلى الشيخ على الرضى بكل احترام وتقدير، وبلغه الرسالة، والشيخ علي الرضى إذ ذاك في البادية، فجاء الشيخ علي الرضى إلى العاصمة، ولقي بعض رجال الأمن الكبار، وكان اللقاء طيبا أكرمت فيه ضيافة الشيخ علي الرضى، وشرح لهم أمره، ثم استدعاه رئيس الجمهورية في ذلك الوقت معاوية ولد الطايع، ورحب به وقابله مقابلة حسنة، وانتهى بعد هذا اللقاء الاشتباه المتعلق بعلاقة الشيخ وجماعته بالجهاد حتى سنة 2003 م، حيث وقعت وشاية لبعض أجهزة الأمن مضمونها أن الشيخ يدعو للإرهاب في موريتانيا استدلالا بقصيدتين كان الشيخ علي الرضى قد أنشأهما سنة 1988م تقريبا في الدعوة إلى الله تعالى والجهاد في سبيله سنوردهما في هذا المنشور إن شاء الله، وقد تم استجواب الشيخ علي الرضى بسبب هذه الوشاية من قبل رجل من قادة الجيش الكبار في ذلك الوقت فشرح له الشيخ أنه لا يريد الإرهاب وأن الجهاد وإن أمر به في القصيدتين فمن المعلوم عند الفقهاء أنه مرتبط بقرار أعلى سلطة في الدولة المسلمة إذا توفرت جميع شروطه الشرعية، ويتعين الجهاد على عامة المسلمين، أفرادا وجماعات إذا اقتحم المشركون أرضهم، قال الشيخ خليل ابن إسحاق المالكي رحمه الله تعالى: "وتعين بفجء العدو وإن على امرأة" . وكان الحوار وديا بين الشيخ علي الرضى والرجل، وكان سببَ صداقة بينهما، وقبل سنة تقريبا من الآن دعاه الشيخ علي الرضى للعشاء معه في التيسير، وأثناء الحديث أخبره الرجل بأنه كان له جد من كبار المجاهدين الموريتانيين الذين استشهدوا في ولاية آدرار عند دخول المستعمر الفرنسي أرض الوطن، ومازحه الشيخ قائلا: لو كنت أعلم أنك حفيد ذلك الرجل المجاهد المقاوم لرددت بها في ذلك الحوار الأول، ولنبهت الإدارة عليه، فقال له الرجل على سبيل المزاح: الحمد لله على أنك لم تطلع على أن جدي كان من المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي.
وللشيخ علي الرضى ديوان شعري في التوجيه والدعوة إلى الله والثناء عليه والاستغاثة به ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقل جودة عن شعر أشعر الشعراء، وهي مزية من مزايا شيخنا فما طرق ميدانا من ميادين الخير إلا كان مجليا فيه بارك الله فيه وله وعليه.
فمن شعر شيخنا الشيخ علي الرضى حفظه الله ورعاه في المديح النبوي قصيدة البيعة المشهورة التي قالها في زيارة لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك إبان عمرته بربيع الأول سنة 1408 للهجرة:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَعُودُ زَمَانِيَا ::وَهَلْ تَنظُرُ العَيْنَانِ بَرْقًا يَمَانِيَا
وَهَل لِّي إِلَى نَجْدٍ هُنَالِكَ مَنزِلٌ :: فَأَدْنُو لِلَيْلَى بَعْدَ مَا كُنتُ نَائِيَا
وَهَلْ أُنشِدُ الأَشْعَارَ حَولَ خِبَائِهَا :: سُحَيْرًا وَتُدْنِينِي فَأُصْبِحَ دَانِيَا
أَرَانِي إِذَا غَنَّى الحَمَامُ عَشِيَّةً :: يُذَكِّرُنِي لَيْلَى وَمَا كُنتُ نَاسِيَا
وَأَذكُرُهَا إِن لاَحَ بَرقٌ وَإِنَّنِي :: عَلَى ذِكْرِهَا أُمْسِي وَأُصْبِحُ غَادِيَا
فَمَا أَنسَ أَزْمَانًا مَضَيْنَ بِذِي الغَضَا :: لَقَد طِبنَ أَيَّامًا وَطِبنَ لَيَالِيَا
لَيَالِيَ مِن لَيلَى تُسَاعِدُ بِالمُنَى :: صَفَا ودُّنَا فِيهَا وَلَم نَخشَ نَاهِيَا
تُعَلِّلُنِي بِالوَصلِ مِنهَا وَأَجتَنِي :: ثِمَارَ التَّصَابِي وَالغَوَايَةِ لاَهِيَا
وَكُنتُ إِذَا مَا الليلُ أَرْخَى سُدُولَهُ :: أُعَلِّلُهَا بِالوَصلِ وَهْيَ كَمَا هِيَا
وَلَمَّا رَأَيتُ الوَصلَ مِنِّي سَفَاهَةً :: وَلَيسَ لِمِثلِي أَن يَزُورَ الغَوَانِيَا
تَدَارَكَنِي الحِلمُ الذِي أَنَا أَهلُهُ :: فَأَصْبَحْتُ عَن جِيرَانِهَا مُتَجَافِيَا
أُيَمِّمُ مَنجَى الخَائِفِينَ مِنَ الرَّدَى :: وَمَلْجَأَ مَن خَافَ الأُسُودَ الضَّوَارِيَا
وَذَاكَ رَسُولُ اللهِ خَاتِمُ رُسْلِهِ :: إِمَامُ الهُدَى مَن كَانَ للدِّينِ حَامِيَا
لَقَدْ قَامَ يَدعُو بِالرِّسَالَةِ جَهرَةً :: وَقَدْ كَانَ مَهدِيًّا إِمَامًا وَهَادِيَا
دَعَا وَحدَهُ أَهْلَ الضَّلاَلَةِ وَالعَمَى :: وَجَاهَدَهُم حَتَّى أَبَادَ الأَعَادِيَا
يُقَاتِلُهُم بِالسَّيْفِ مُسْـيًا وَبُكْرَةً :: ويُرسِلُ فِي الهَامَاتِ سُودًا عَوَالِيَا
يَصُولُ بِجُرْدٍ فِي الأَعِنَّةِ كَالقَنَا :: عَلَيهَا أُسُودٌ لاَ تَهَابُ التَّلاَقِيَا
جَهَابِذَةٌ شُوسٌ إِذَا حَمِيَ الوَغَى :: تَنَادَوْا عَلَى قَتْلِ العُدَاةِ تَنَادِيَا
يُرَوُّونَ مِن فَيضِ الدِّمَاءِ سُيُوفَهُم :: وَيَرمُونَ بِالنَّبْلِ العَدُوَّ المُدَاجِيَا
أَوَدُّ لَوَ انِّي حَاضِرٌ بِزَمَانِهِم :: وكُنتُ لَهُم قِدْمًا خَلِيلاً مُصَافِيَا
ولَكِنَّنِي يَمَّمْتُ وَجْهَ مُحَمَّدٍ :: أُرَجِّي بِهِ أَن لاَّ يَخِيبَ رَجَائِيَا
فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي فِي المَدِينَةِ رَاجِلاً :: وَأَنظُرُ مِن حَولِ النَّبِيِّ نَوَادِيَا
فَأَيْقَنتُ بِالمَامُولِ حِينَ أَتَيْتُهُ :: وَأَن سَيُزِيلُ اللهُ مَا كُنتُ خَاشِيَا
وَيَكْلَؤُنِي بِالحِفْظِ وَالعِزِّ دَائِمًا :: عَسَى اللهُ رَبِّي أَن يُتِمَّ الأَمَانِيَا
لَقَد جِئْتُ طَهَ خَيْرَ مَن وَطِئَ الثَّرَى :: وَخَيْرَ إِمَامٍ كَانَ للهِ دَاعِيَا
أُبَايِعُهُ أَن لاَّ أُخَالِفَ أَمْرَهُ :: وَأَن أَلْبَثَ الأَيَّامَ فِي الحَقِّ سَاعِيَا
هُوَ البَحْرُ جُودًا إِذْ يُقَاسُ بِغَيْرِهِ :: وَمَن يَرِدِ البَحْرَ اسْتَقَلَّ السَّوَاقِيَا
أَلاَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنتَ شَفِيعُنَا :: وَأَنتَ الذِي حُزْتَ العُلاَ والمَعَالِيَا
إِلَيْكَ مَدَى الأَيَّامِ مِنَّا تَحِيَّةٌ :: تُجَدِّدُ ودًّا كَانَ فِي الْقَلْبِ خَافِيَا.
ومن شعره في الدعوة إلى الله تعالى والجهاد في سبيله:
أَيقِظْ شُعُوبَكَ بَعْدَ طُولِ مَنَامِ :: وَارفَعْ بِكفك رَايَةَ الإِسْلاَمِ
يَا لَلعُرُوبَةِ ظَلَّ عِزُّ جُدُودِهِمْ :: يَبلَى عَلَى مَرأًى مِنَ الأَقْوَامِ
تَرَكُوا قَوَانِينَ الشَّرِيعَةِ جَانِبًا :: وَقَفَوْا نِظَامَ الغَربِ فِي الأَحكَامِ
اللهُ أَكْبَرُ لاَ نُحَكِّمُ غَيْرَهُ :: وَالغَربُ أَضْغَاثٌ مِنَ الأَحْلاَمِ
تَحْيَا الشَّرِيعَةُ فِي ظِلاَلِ نُمُوِّهَا :: وَالنَّصْرُ تَحْتَ لِوَائِهَا المُتَسَامِي
هَيَّا نُوَحِّدْ شَعبَنَا مُتَمَاسِكًا :: تَحْتَ الشَّرِيعَةِ ثَابِتَ الأَقْدَامِ
تَسمُو حَضَارَتُنَا وَينجَحُ سَعيُنَا :: مُستَقبَلاً فِي غَايَةِ الإِحكَامِ
مَا لِي أَرَى مجموعة غربية :: لَمْ تَرْعَ فِي الإِسْلاَمِ أَيَّ ذِمَامِ
زَعَمَتْ بِأَنَّ العدل يَخْدِمُ سَعيَهَا :: فَلتَبْقَ فِي صَرْحٍ مِنَ الأَوْهَامِ
الدِّينُ يَصلُحُ للشُّعُوبِ جَمِيعِهَا :: وَيُقِيمُ دَولَتَهَا بِحُسنِ قَوَامِ
أَينَ الذِينَ بَنَوْا قَوَاعِدَ دِينِنَا :: حَتَّى استوى فِي نَهضَةٍ وَنِظَامِ
حَانَ المَسِيرُ فَسِرْ عَلَى نَهْجِ الهُدَى :: بَينَ الكَتَائِبِ رَافِعَ الأَعْلاَمِ
نَادِ الدُّعَاةَ وَقُدهُمُ مُتَوَشِّحًا :: قَبْلَ اللِّقَاءِ بِسَيفِكَ الصَّمْصَامِ
قَاوِم بِنَفْسِكَ فِي الجِهَادِ محاربا ::وَاضْرِبْ رِقَابَ الكفر ضَرْبَ حُسَامِ
بُثَّ المَبَادِئَ تَستَرِحْ مِن كَتمِهَا :: فَلَطَالَمَا أَخفَيْتَ كُلَّ مَرَامِ
آلَيتُ أَنِّي لاَ أَزَالُ مُجَاهِدًا :: حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الأَعْلاَمِ
يَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ هَذَا دِينُكُمْ :: يَشْكُو إِلَيكُمْ صَولَةَ الأَيَّامِ
تَرَكَتْ نُفُوسُكُمُ السِّيَادَةَ وَالعُلاَ :: يَا لَيْتَ شِعْرِي أَينَ نَفسُ عِصَامِ
كَيْفَ المَنَامُ وَقَدْ بَدَأْتُ مُنَاصِرًا :: للدِّينِ بِالإِجْلاَلِ وَالإِعْظَامِ
دِينِي سَأَنصُرُهُ وَأَحْمِي حِزْبَهُ :: حَتَّى أَرَى يَومَ المَمَاتِ حِمَامِي.
ومن شعره في الدعوة إلى الله تعالى والجهاد في سبيله أيضا:
جَاهِدْ بِكُلِّ صَرَامَةٍ وَبَيَـــــــانِ :: مُتقَدِّمًا فِي سَاحَةِ المَيْدَانِ
تَختَالُ فِي حُلَلِ السِّلاَحِ مُكَلَّلاً :: بِالنَّصْرِ وَالتَّمكِينِ وَالإِذْعَانِ
حَانَ الجِهَادُ وَحَانَ تَوجِيهُ النِّدَا :: لِشُعُوبِنَا فِي السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ
نَادِ الشُّعُوبَ بِدَعْوَةٍ حنفيــــــة :: بَنَّاءَةٍ للدِّينِ وَالأَوْطَانِ
مرحى بمن لَبَّى النِّدَاءَ مُجَاهِــــدًا :: وَمُشَمِّرًا عَن ساَعِدٍ وَبَنَانِ
يَا شَعْبَنَا جَاهِدْ بِنَفْسِكَ بَانِيًـــا :: أُسُسَ الشَّرِيعَةِ أَحكَمَ البُنيَانِ
هَلاَّ اتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا فِي سَعيِهِ :: بَطَلَ الجِهَادِ مُكَسِّرَ الأَوثَانِ
مَا زَالَ وَالنَّصرُ العَزِيزُ أَمَامَهُ :: يَقضِي عَلَى التَّدْجِيلِ وَالطُّغيَانِ
وَسَعَتْ عَلَى آثَارِهِ تَقتَصُّهَا :: قَومٌ أُولُو الإِصْلاَحِ وَالإِحْسَانِ
فَبَنَوْا شَرِيعَةَ أحمدٍ حتى اسْتَوَتْ :: فِي قِمَّةِ التَّشْيِيدِ وَالإِتقَانِ
وَاليَومَ قَدْ أَسْلَمْتُمُوهَا ذِلَّةً :: وَرَضِيتُمُ بِالعَيشِ تَحْتَ هَوَانِ
نَاشَدتُّكُم بِاللهِ سِيرُوا سَيرَهَا :: لاَ تَترُكُوهَا يَا بَنِي الإِنسَانِ
قُومُوا بِتَنظِيمٍ كَصَفٍّ وَاحِدٍ :: مُتَلاَزِمِ الأَعْضَاءِ وَالأَركَانِ
اللهُ أَكبَرُ إِنَّنَا فِي سَعيِنَـــــا :: وَجِهَادِنَا أَبَداً عَلَى اسْتِيقَانِ
سَتَدور دَائِرَةٌ عَلَى أَعْدَائِنَا :: تَسعَى بِهَا الرُّكْبَانُ للرُّكْبَانِ
بَشِّرْهُمُ بِمَعَارِكٍ دَمَوِيَّـــةٍ :: عَبْرَ الجِهَادِ مَوَاسِمَ الأَحْزَانِ
إِنَّ الجِهَادَ أَظَلَّ وَقْتُ زَمَانِهِ :: وَمَضَى زَمَانُ الزَّيْغِ وَالبُهتَـــانِ
هَذِي الطَّلاَئِعُ وَالعَتَادُ أَمَامَهَا :: وَالنَّصْرُ يَحدُو حِزبَهَا بِأَمَانِ
وَالشَّعبُ مُلتَفٌّ أَمَامَ لِوَائِهَا :: فِي نصرة الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ
تِلكَ المَبَادِئُ مَنهَجِي وَمَبَادِئِي :: حَتَّى تُوَارِيَ صُحبَتِي جُثمَانِي.
ومن شعره في الثناء على الله والاستغاثة به قوله:
إِذَا أَيَّدَ الْقَهَّارُ بِالنَّصْرِ عَبْـدَهُ :: فَلاَ غَالِبٌ مِن بَعْدِ ذَلِكَ غَالِبُهْ
وَإِن نَّظَرَ الرَّحْمَنُ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ :: إِلَى عَبْدِهِ نَالَ الذِي هُوَ طَالِبُهْ
وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ وَيَخْتَشِي :: وَكَانَ لَهُ عَوْناً عَلَى مَنْ يُحَارِبُهْ
إِلَهِيَ مَن يَرْجُو عُبَيْدُكَ مَن لَّهُ :: سِوَاكَ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِ مَذَاهِبُهْ
إِلَهِيَ فَاحْفَظْنِي بِحِفْظٍ مُلاَزِمٍ :: يُصَاحِبُنِي فِي رِحْلَتِي وَأُصَاحِبُهْ
إِلَهِيَ أَكْرِمْنَا بِفَضْلــِكَ دَائِمًا :: فَفَضْلُكَ جَمٌّ لاَ تَغِيضُ مَوَاهِبُهْ
عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وأَنْــــتَ وَلِيُّنَا :: لَكَ الأَمْرُ كُلاًّ بَدْؤُهُ وَعَوَاقِبُهْ.
وقوله في الاستغاثة بالله:
رَبُّنَا الْقَهارُ الْقَوِيُّ الْجَلِيلُ :: بَارِئُ الْكَوْنِ مَا لَهُ تَمْثِيلُ
يَخْلُقُ الأَمْرَ بَيْنَ كَافٍ وَنُونٍ :: حَسْبُنَا اللهُ وَهْوَ نِعْمَ الْوَكِيلُ.
وقوله في الاستغاثة بالله والاستعانة به:
دَأْبِي إِذَا وَرَدَتْ عَلَيَّ هُمُـــومُ ** نَادَيْتُهُ يَا حَيُّ يَا قَـــيُّـــــومُ
أَدْعُوهُ بالإسم الْعَظِيمِ تَضَرُّعًا*فَيُجِيبُنِي الْوَهَّابُ وَهْوَ كَرِيمُ
حَاشَاهُ مِن نِّدٍّ وَمِنْ شَبَهٍ لَــــهُ* كَلاَّ لَعَمْرِي مِثْلُهُ مَعْــــدُومُ
ومما نصح به نفسه:
تَعَلَّقْ بِرَبِّ العَرشِ دُونَ الخَلاَئِقِ*وَلاَ تَشْتَغِلْ عَنْ ذِكْرِهِ بِالعَوَائِقِ
وَفَوِّضْ إِلَيْهِ الأَمْرَ أَمْرَكَ كُلَّهُ *لِتُدْرِكَ بِالرَّحمَنِ مَعنَى الحَقَائِقِ
وَفِرَّ إِلَى اللهِ المُصَوِّرِ وَاتَّكِلْ*عَلَى اللهِ فِي الجُلَّى وَفِي كُلِّ دَانِقِ
خذ العُروَةَ الوُثْقَى وكن مُتَوَكِّلاً * تَوَكُّلَ عَبْدٍ بِالمُهَيْمِنِ وَاثِقِ
وَلاَ تَلتَفِتْ مِن بَعْدِ ذَاكَ لِغَيْرِهِ* فَإِنَّ التِفَاتَ العَبْدِ لَيْسَ بِلاَئِقِ
ومنه قوله في الرضا بقضاء الله والتسليم لأمره:
سَلِّمْ لِمَوْلاَكَ المُهَيمِنِ مَا قَضَى*فَبِمَا قَضَى فِي مُلكِهِ يَجِبُ الرِّضَا
هُوَّ الحَكِيمُ العَدلُ فَارْضَ بِحُكْمِهِ*يَقْضِي وَحُكْمُ قَضَائِهِ لَن يُنقَضَا
ومن ذلك في نفس المعنى:
فَوَّضتُّ أَمْرِي إِلَى الرَّحْمَنِ فِي الْحَالِ*وَفِي الـمَـآلِ وَهُوَّ الحَافِظُ الوَالِي
حَسْبِي الْمُهَيْمِنُ رَبِّي لاَ شَرِيكَ لَهُ*فِي الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالأَهْلِينَ وَالمَالِ
ومما قال في الثناء على الله والاستعانة به:
الله حسبي وهو نعم المفزع:: ملك تذل له الملوك وتخضع
قهر الجبابرة الذين تكبروا::فتساقطت أركانـهم وتصدعوا
هو الإله القاهر الصمد الذي::دانت لعزته الخلائق أجمع
ومنه قوله في الحض على التوكل على الله:
توكل على الرحمن في السر والجهر
ولا تخش ضَرا من سواه مدى الدهر
ولا ترج نفعا من ســـــواه وسلــمن
له الأمر إن الأمر عن أمــره يجري
ومنه قوله في الاستغاثة بالله تعالى والاستعانة به:
خزائن ربي ليس ينقصها الدهر*وليس لها حد وليس لها حصر
فيا رب فافتح لي خزائنك التي*بها اليمن والخيرات والبشر واليسر
وقد حمل شيخنا الشيخ علي الرضى لواء الذب عن الشريعة والحض على التمسك بالسنة النبوية التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وتشهد لذلك البيانات والمنشورات التي ما فتئ شيخنا الشيخ علي الرضى ينشرها مواكبة لمستجدات أمور المسلمين ومسائل الدين، وللتمثيل نورد هنا بعض البيانات بتواريخها:
1- كلمة رئيس المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي حفظه الله تعالى ورعاه في التنديد بالرسوم المسيئة 3 ربيع الأول 1429 هـ11 مارس 2008
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) .
و صلوات الله وسلامه و بركاته على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم خير الأولين والآخرين المبعوث رحـمة للعالمين الذي يقول في شأنه رب العالمين (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا) ويقول الله عز و جل في شأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) و يقول الله عز و جل في شأن أمة محمد صلوات الله وسلامه عليه (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) .
و يقول الله عز و جل في كتابه العزيز في شأن أعداء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكافرين برسالته (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
وقد تبين لنا من خلال هذه الآيات العظيمة أن الله عز وجل ضمن النصر في الدنيا والآخرة لرسله وللمومنين وضمن الله عز وجل الفتح المبين والنصر العزيز لنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وضمن الله عز وجل الفلاح للذين آمنوا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظموا محمدا صلى الله عليه وسلم ونصروا محمدا صلى الله عليه وسلم واتبعوا القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وضمن الله عز وجل الاستخلاف في الأرض والتمكين والأمن للذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وضمن الله عز وجل ظهور دين الإسلام على سائر الأديان والله غالب على أمره .
وفي هذه الأيام تلقت الأمة المحمدية ببالغ الأسف والأسى ما حدث في دولة الدانْمرك من رسوم فيها سوء أدب مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإننا لنعلن باسم المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه و سلم إنكارنا الشديد بقلوبنا و ألسنتنا ما جاء في تلك الرسوم لا زال رسامها مخذولا تبت يداه وكفت عيناه ، بل ونعلن باسم الأمة المحمدية جمعاء إنكارها لتلك الرسوم و لا أدل على ذلك من أصوات أمة محمد صلى الله عليه وسلم الثائرة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في مشارق الأرض ومغاربها .
و بهذه المناسبة أتوجه بالشكر و الاحترام إلى الذين تحركت مشاعرهم نصرة لرسول الله صلى الله عليه و سلم حيث ما كانوا ومن هم كانوا.
و في الختام أقول : اللهم أبرم لهذه الأمة المحمدية أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك و يذل فيه أهل معصيتك و اجعلنا من أهل طاعتك بفضلك و رحمتك مع السلامة والعافية ولا تجعلنا من أهل معصيتك و اجعلنا للمتقين إماما و حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
2 بيان حول حرمة الترحم على الكفار والسحر والتحذير منهما 5 صفر 1435 هـ 8 دجمبر,2013
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فأريد أن أنبه في هذا البيان المختصر على ثلاث نقاط.
النقطة الاولى:
حرمة الجنة على المشركين وحرمة الاستغفار لهم والترحم عليهم لأن مغفرة الله لمن مات مشركا مستحيلة شرعا لدليل قول الله تبارك وتعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقال الله تبارك وتعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } وعليه فإن الاستغفار والترحم على نيلسون مانديلا وجميع المشركين لا يجوز شرعا إلا لمن علم موتهم على الإسلام والمشهور عن مانديلا أنه غير مسلم وان كان من كبار رجال السياسة في بلده ومن أراد أن يمدحه فلا يتعد حدود الله في ذلك قال الله تبارك وتعالى{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا }
النقطة الثانية:
يجب على المسلمين جميعا محاربة السحر والسحرة لأن السحر كفر والعياذ بالله تعالى قال الله تبارك وتعالى مخبرا عن اليهود في كتابه العزيز : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلَكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) الآية.
والكفر المنفي عن سليمان عليه الصلاة والسلام في الآية هو السحر وتعاطيه كما في تفسير الجلالين وغيره, وفي الحديث الذي ورد في صحيحي البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» واللفظ للبخاري.
ويقول الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى، في مختصره في باب الردة أعاذنا الله منها "الردة كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه: كإلقاء مصحف بقذر وشد زنار وسحر وقول بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك أو بتناسخ الأرواح أو في كل جنس نذير أو ادعى شركا مع نبوته صلى الله عليه وسلم أو بمحاربة نبي أو جوز اكتساب النبوة أو ادعى أنه يصعد للسماء أو يعانق الحور أو استحل: كالشرب لا بأماته الله كافرا على الأصح وفصلت الشهادة فيه واستتيب ثلاثة أيام بلا جوع وعطش ومعاقبة وإن لم يتب فإن تاب وإلا قتل"
النقطة الثالثة:
يجب علينا جميعا ان نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن نؤمن باليوم الآخر ونؤمن بالقدر خيره وشره ، كما يجب علينا أن نؤمن إيمانا كاملا أن دين الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه هو الدين الحق الذي لا لبس فيه ولا مراء ولا شك فيه وانطلاقا من هذه العقيدة الصحيحة يجب علينا أن نتبع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويجب علينا عند الاختلاف أن نتحاكم إلى شرع الله الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}. صدق الله العظيم، ويجب علينا جميعا أن نعلم علما جازما أن الشريعة المحمدية حاكمة على جميع خلق الله الأبيض والأسود والعالم والجاهل والولي الصالح والمرأة والرجل والحاكم والمحكوم فلا يمكن لأحد من المسلمين أن يخالف الشريعة المحمدية إلا لضرورة معتبرة شرعا، وفي هذا السياق أمر يجب التنبيه عليه لغلط بعض عامة المسلمين فيه تارة عن حسن نية وتارة عن غير ذلك ، وهو دخول أولياء الله في عموم الخطاب الشرعي كسائر المسلمين فلا يجوز لولي من أولياء الله مهما بلغت كراماته وكثر أنصاره أن يبدل حكما من أحكام الله عز وجل بفراسته أو مرائيه فالولي عبد من عباد الله المسلمين لا يجوز له أن يحكم فراسته أو خواطره في دين الله عز وجل، ولا يجوز له أن يسقط واجبا أو سنة أو مندوبا عن نفسه ولا عن غيره ولا يجوز له أن يرخص في محرم أو ممنوع أو مكروه لنفسه ولا لغيره ولا يجوز شرعا قياس أولياء الله على الخضر عليه السلام في تصرفاته التي وردت في القرآن العظيم لأن الخضر عليه السلام مختلف فيه على أربعة أقوال: قيل هو نبي مرسل وقيل نبي فقط وقيل ولي من أولياء الله وقيل هو ملك من ملائكة الله كما في فتح الباري. فعلى القول بأنه نبي مرسل لا يمكن قياس أولياء الله على الأنبياء المرسلين لأن الأنبياء يوحى إليهم وأولياء الله لا يوحى إليهم وعلى القول الثاني بأنه نبي غير مرسل فكل نبي يوحي الله إليه مرسلا كان أو غير مرسل، والأولياء كما أسلفنا لا يوحى إليهم وعلى القول الثالث على أنه ولي من أولياء الله فمن المحتمل عقلا أن يكون أمره نبيه الذي يتبعه الخضر في زمانه بجميع تصرفاته التي استشكلها عليه موسى صلوات الله وسلامه عليه لأن الخضر عليه السلام أجاب موسى صلى الله عليه وسلم بقوله في القرآن العظيم {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ومن المحتمل عقلا أيضا إذا كان الخضر وليا من أولياء الله فقط أن يكون الدين الذي هو عليه في ذلك الزمان يبيح التصرف بالإلهام أو يفرضه على الملهمين بحكم إلهامهم وعلى هذا القول لا يمكن قياس أولياء الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الخضر لأن الخضر إن كان متبعا لنبي في ذلك الزمان وأمره بذلك فهذه الأمة المحمدية هي آخر الأمم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، قد أكمل الله به الدين قال الله تبارك وتعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ولم يكن الإلهام من مدارك الشريعة المحمدية وعلى القول الرابع بأن الخضر عليه السلام ملك من ملائكة الله عز وجل فبطلان قياس أولياء الله على ملائكة الله أوضح من أن يبين لأن ملائكة الله هم السفراء بين الله ورسله وسكان السماوات وهم معصومون من الصغائر والكبائر قال الله عز وجل في وصف ملائكته { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وقد ذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى حكاية عن الخضر {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} قال القرطبي: يدل على نبوته وأنه يوحى إليه بالتكليف والأحكام، كما أوحى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير أنه ليس برسول. إلى أن قال: كرامات الأولياء ثابتة، على ما دلت عليه الأخبار الثابتة، والآيات المتواترة –إلى أن قال– قال شيخنا الإمام أبو العباس: ذهب قوم من زنادقة الباطنية إلى سلوك طريق يلزم منه هدم الأحكام الشرعية، فقالوا: هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يُحْكَمُ بها على الأنبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النصوص، بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم، ويحكم عليهم بما يغلب عليهم من خواطرهم. إلى أن قال: وهذا القول زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب، لأنه إنكار ما علم من الشرائع، فإن الله تعالى قد أجرى سنته، وأنفذ حكمته، بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه، وهم المبلغون عنه رسالته وكلامه المبينون شرائعه وأحكامه، إلى