لم يعد في موريتانيا للعفة ولا للوفاء الزوجي محل من الإعراب، وأضحى الجميع إلا من رحم ربك ـ وهم قليل ـ منقادا خلف غرائزه وهو يعلم يقينا أنها تقوده إلى مدارج الهلاك وغضب الرب، ورغم علمنا جميعا أنه في موريتانيا يشكل الإسلام الديانة الوحيدة ويعتنقها كل الموريتانيين، إلا أن البغاء والدعارة المنظمة أضحت مسلكيات شائعة في هذا المجتمع المفتوح.. نحاول في هذا الموضوع أن نتحدث عن الممارسات الجنسية الخاطئة المنتشرة في موريتانيا بشتى صنوفها وخصوصا الدعارة المنظمة، ونعرج قليلا على ما أورثته تلك الممارسات المشينة على المجتمع الموريتاني من ويلات وكوارث
لعنة "الليالي الحمراء"
في بعض الأوساط لا حديث إلا عن الجنس فهو الغاية والهدف فمن أجله فتحت مواخير تمارس فيها العهر ليل نهار نساء موريتانيات من مختلف الأعراق والأعمار، ومن الوافدات إلى أرض الوطن الباحثات عن عمل مدر للدخل، فلم يجدن أمامهن في ظل ليبرالية التجارة إلا المتاجرة بأجسادهن، تلك المهنة التي قد لا تكون هي الحلم بالنسبة لهن لكنهن درسن السوق بالتأكيد وانتبهن لثنائية العرض والطلب واكتشفن أن الطلب على الجنس من طرف الرجال الموريتانيين هو الأكثر، فآثروا الانصهار في هذا الميدان.. ولأجل الجنس فتحت بيوتات منفردة بـ"عامل واحد" داخل أسر محترمة ظاهريا أو على الأقل تملك من الاحترام ما تغطي به على فعلة ابنتها أو أمها أو ضيفتها خفيفة الظل والأخلاق، لتظل مهنتها خافية إلا على مرتاديها و زبناءها.. ولأجل الجنس فتحت شقق مفروشة مزودة بكافة وسائل الراحة لاثنين قررا بمحض إرادة الأنثى، وبمحض نقود الرجل، أن يبحثا عن مكان منعزل بعيدا عن أعين الرقباء، ويتعاطيا فيه ما شاء الله لهما وما شاءت رغبتهما الجامحة وعواطفهما التي يؤججها الانفراد بعنصر من الجنس الآخر، ولـ"إبليس" طبعا دخل كبير في الموضوع.. ولأجل الجنس فتحت بارات وملاهي ليلية توفر الجو والمناخ فمن بين خدماتها المتاحة خدمة "الدهاليز السرية" والغرف ذات الاستخدامات المتعددة، ومن بين هذه الاستخدامات بالطبع الاستخدام لأغراض رذيلة فبعد أن تأخذ الخمر المعتقة برأس السيد المحترم ويدب دبيبها في أضلعه تتحرر النشوة المستترة من عقالها فيتوزع الحاضرون تلقائيا مثنى مثنى وينتهي كل شيء.. ولأجل الرذيلة فتحت فنادق وشاليهات وفيلات.. ولأجلها جند المخنثون والقوادون والعجائز الضالات المضلات، وحيكت الفضائح والسقطات في حق مسؤولين كبار وموظفين سامين ورجالات كانوا بعيدا عن مظنات السوء وأوكار العهر، لكن لعنة "الليالي الحمراء" ظلت تلاحقهم حتى استبان انحرافهم.. ولأجل الجنس أجرت منازل و بيوت، وحطمت أسر وزيجات، ماتت أنفس لا تحصى وتخلت أخرى اختياريا عن نعمة الصحة وآثرت أخرى استبدال عمر بأكمله بلحظات شبق قد يكون الندم سيد الموقف بعدها تماما، وهل يجدي الندم؟
وسطاء الشيطان: مخنثون ومخنثات..
وحسب ما حصلنا عليه من معلومات فإن من أبرز الوسطاء في هذه العمليات القوادون ـ هم المخنثون ـ فتلك الفئة تستغل علاقاتها مع الوسط الفني وما يتيحه ذلك من معرفة بكل أصناف البشر مؤنثا ومذكرا، إلى محاولة جني المال من استثمار هذه العلاقة بتسهيل اللقاء بين الطرفين، وحتى تسهيل الحصول على المكان واقتراح الزمان، وقد تطور فكر بعضهم في هذا المجال فأنشأ مؤسسته الخاصة ذات النفع العام، والتي تعنى بكل ما يتعلق بالدعارة من قول أو عمل، يلي ذلك الوسيط حضورا العجائز وبعض من سيدات "الأعمال" ، وتشتغل هذه الفئة بأسلوب آخر تلعب فيه التكنلوجيا دورا بارزا فبعضهن تحتفظ بصور الفتيات المنضويات تحت سلطتها لتعرضهن في المجالس الراقية والمنتديات "الفكرية" و"الصالونات" الأدبية، لينتخب كل ذي رغبة فريسته وتحدد الوسيطة الثمن سلفا، هذا الثمن الذي يتماشى في العادة مع مركز الراغب ومكانته الاجتماعية وكرمه، كما يتماشى أيضا مع سن المحظوظة وما وهبها الله من جمال وسحر وأنوثة، وبعضهن يستعملن الصور الرقمية محفوظة في أجهزة الكومبيوتر المحمولة الخاصة بهن، بينما تكتفي بعض الوسيطات بالصور الملتقطة بواسطة الهواتف النقالة المزودة بكاميرات، أما بعض "القوادات" فإنهن قد تطورن وطورن أساليبهن في هذا المجال ودخلن مجال الاستيراد والتصدير، الاستيراد للرجال و الرساميل، وتوريد بضاعتهن من بنات حواء إلى الدول الأوروبية للعمل في مجال "السينما الإباحية "، وإلى دول الخليج لممارسة الدعارة بأسلوبها التقليدي.
الحصاد المؤلم.. نسب وأرقام
نشر خلال سنة 2006 تقرير رسمي من الحكومة الموريتانية جاء فيه أن 5.3 من الرجال المتزوجين الذين شملهم الاستطلاع قد خانوا ازواجهم مع شريكين أو ثلاثة خلال سنة، وأن 1.9% من غير المتزوجين قد انجرفوا في الرذيلة مع أكثر من شريك. وهو ما يؤكد أن البغاء ينتشر بشكل كبير وإن بصفة سرية، ومن أكثر مقاطعات الوطن احتضانا لهذه الظاهرة مقاطعة الميناء إذ تتمتع المومسات فيها بحماية مباشرة من بعض رجال الأمن ـ على غرار أغلب المشتغلات في هذا الميدان ـ تسمح لهن بالعمل دون مضايقة وفي وضح النهار، بل إن بعضهن تنفذ عمليات احتيال ونصب في حق ضحاياها آخذة في الحسبان مكانتها المميزة في قلب مفوضية الشرطة. الأمم المتحدة دقت هي الاخري ناقوس الخطر حيث أصدرت أواخر القرن الماضي تقريرا على موقعها الإلكتروني يتخذ من البغاء في موريتانيا موضوعا له أشار إلى أن مقاطعة الميناء تحتوي وحدها على 200 بائعة هوى تتوزع على أكثر من 30 ماخورا، ومع علمنا أن العدد قد يكون أكبر من هذا بكثير ، إلا أننا سنكتفي بهذا العدد لإجراء عمليات حسابية بسيطة تبرهن على انتشار "السيدا" في المجتمع الموريتاني؛ إحدى المومسات صرحت في إطار التقرير الآنف الذكر أن زبناءها أحيانا يبلغون 15 زائر في الليلة الواحدة لكنها أردفت أنه في مواسم كساد تجارتها ـ في رمضان مثلا ـ لا يقل زوارها عن خمسة أشخاص في الليلة الواحدة، فلو أخذنا بأصغر قيمة في المجال [5 . 15] لوجدنا أن هذه المومس تمارس الجنس سنويا مع 1800 رجل على أقل تقدير، بمعنى أن بيوت الدعارة في الميناء وحدها تستقطب سنويا 360.000 رجل، و لك ـ عزيزي القارئ ـ أن تتصور لو أسقطنا الأمر على باقي مومسات انواكشوط و انواذيبو وباقي أنحاء الوطن أليس الأمر مؤسفا؟
"الثراء الرفيع.. والشرف الوضيع"
من المعلوم أن دول المشرق العربي والخليج العربي باتت في السنوات الأخيرة قبلة لكل بائعات الهوى الموريتانيات حتى صار التنكيت يدفع بالخليجيين إلى القول "أنه لا تسري في الشوارع إلا القطة أو الشنقيطية"، مقولة لها ما يبررها، إذ أن النساء في بلادنا أدركنا أن موازين الثراء في تلك الدول التي تعاني ارتفاعا كبيرا في ظاهرة العنوسة، ويعاني رجالها من الثراء الفاحش في موازاة الكبت الذي تفرضه قوانين تلك الدول، فإنه من المناسب عرضة هذه البضاعة الرخيصة والغالية الثمن، فالمرأة الموريتانية هنا تتزوج عدة مرات في آن واحد، وتمتهن الدعارة بموازاة ذلك لأن الرحلة بالنسبة لها هي رحلة تحصيل والمهم أولا وأخيرا هو تكديس ما جادت به أيدي الرجال المتجمهرين في محطة الرغبة، الأمر الذي عرضهن للكثير من الملاحقة التي أعادت الكثيرات منهن العام الماضي إلى أرض الوطن في عملية تسفير قدرت بأربعة أفواج من العاهرات تم نقلهن في طائرات خاصة من السعودية وإلى مطار انواكشوط الدولي، وحسب بعض المعلومات فإن المسفرات لم يطب لهن المقام هنا فتسللن إلى السنغال في محاولة منهن للعودة إلى السعودية عن طريق العمرة من السنغال، وفي المملكة المغربية عندما تحط الرحال في أحد المطارات وتبدأ في طلب سيارة أجرة يسأل السائق ببساطة هل تقصد "مجمع الفتيات الموريتانيات" وهو معلم لفتيات موريتانيات يمتهن تجارة العرض وهو ذائع الصيت في كل أنحاء المملكة المغربية، وإذا انتقلنا إلى أروبا فقضية أكبر، والمتورطين هذه المرة أسماء من الوزن الثقيل منهم مسؤولون سامين في الدولة وسيدات أعمال نافذات، وهنا نريد قصة طريفة أوردتها جريدة "المجهر" في عددها 12 الصادر في سنة 2005 تحت مقال لــ "عبد المعطي ولد عابدين" بعنوان " الموريتانيات في الخارج: رحلة الثراء الرفيع.. والشرف الوضيع" كاتب هذا المقال أورد القصة التالية: "زار مسؤول رفيع المستوى العاصمة الفرنسية باريس، وبعد ساعات من وصوله استدعى أحد المخنثين المقيمين هناك والذين يقدمون تسهيلات بين الطرفين وأعطاه عنوان الفندق، وطلب منه الحضور بأسرع وقت ممكن، وبعد حضور المخنث عرض على زبونه ألبوم صور يضم صور سيدات موريتانيات يمتهن الدعارة ليختار من بينهن نزيلته، غير أن المسؤول تفاجئ بوجود صورة زوجته بين المعروضات، وهو على علم أنها موجودة في تلك الفترة في "لاس بلماس" لقضاء عطلة استجمام لمدة أيام، فطلب منه على الفور إحضار صاحبة الصورة ( يعني زوجته) واتفق مع المخنث على قيمة الصفقة، وبعد قرابة الساعتين وصلت السيدة إلى الفندق، ودخلت غرفة السيد الذي تخفى وتظاهر بأنه كان في الاستحمام وهو يضع على رأسه منشف (زيف) بهدف التأكد من ملامح زوجته، وتبادلا عبارات السلام، وأعطته نبذة عنها وتاريخها مع هذه الممارسة في أوربا ونفت له أنها متزوجة، و بعد أن استمع إليها وتأكد من قضيتها بالكامل نزع اللثام عن رأسه فأصيبت السيدة بالصدمة تحت موجة من عبارات السخط التي ووجهها لها زوجها.. غير أن السيدة تداركت الموضوع واتهمت زوجها بأنه كان يريد أن يخونها من خلال دعوته لهذا المخنث وأنه كان يريد سيدة أخرى، وربما اتفق الاثنان على أن يبقي هذا الموضوع في طي الكتمان خاصة وأنه حدث بعيدا عن أنظار الأقارب، إلا أن المخنث الوسيط أطلق الحادثة في الآفاق وانتشرت...).
هذه قصة واحدة من بين المئات من القصص التي تحدث يوميا في الداخل والخارج وأبطالها دائما مومسات يبعن الجسد والعرض ويتحدين مشاعر المجتمع و تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وفوق هذا وذاك يشوهن سمعة البلد في كل مكان، حتى أضحت الشنقيطية توضع بجانب القطط، كم هو مخجل هذا الصيت الذي أوصلتنا إياه "مومسات موريتانيا" داخليا وخارجيا، فبئس الحاصد والمحصود، في المرحلة الانتقالية استبشر الكثيرون خيرا عندما رفض العقيد "اعل ولد محمد فال" دخول المخنثين إلى القصر لإحياء سهرة فنية مقامة على شرف أحد الرؤساء الأفارقة، وبعد ذلك بأيام قليلة شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف بنات الليل، قبل أن يتم الإفراج عنهن، وقد لوحظ بعد ذلك اختفاء نسبي في عدد بيوت الدعارة التي كانت منتشرة بكثرة، ومرد ذلك إلى أن المنحرفات اتجهن إلى الشقق المفروشة، واختارت جماعات منهن أماكن بعيدة عن أعين الرقيب "الشريك"، وتم ذلك من خلال توزيع أرقام هواتفهن على زبنائهن في سرية تامة بهدف ضبط المواعيد معهن، وتحديد المكان والزمان، وهو ما من شأنه أن يجنب الاثنين مخاطر المتابعة.
محطة الرغبة..
الدعارة إذن مهنة لدى بعض النساء وهواية لدى البعض الآخر، ورأسمال لا ينضب بالنسبة للكثيرات، أما بالنسبة للرجال فلحظات خارجة على كل القوانين والأعراف الدينية والأخلاقية، لكنهم رغم ذلك يتهافتون إلى ممارستها والغرق في لججها عن دراية بكل ما يترتب عليها، مما يجعلنا نتساءل عن قيمة الزواج في مجتمع تمتهن نساءه الدعارة والمومسة ويحترف رجاله التسكع على أبواب بائعات الهوى وهواتف المخنثين ووسيطات الشيطان؟