
الصين تُصدر الكتاب الأبيض بعنوان الحد من التسلح ونزع السلاح ومنع الانتشار في العصر الجديد
في 27 نوفمبر، أصدرت الحكومة الصينية الكتاب الأبيض الجديد بعنوان "الحد من التسلح ونزع السلاح ومنع الانتشار في العصر الجديد" بعد 20 عامًا، والذي يوضّح بشكل شامل ومنهجي سياسات الصين ومواقفها، وتجاربها العملية، ورؤيتها للتعاون في مجالات الحد من التسلح ونزع السلاح ومنع الانتشار. يصادف هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني ولانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، كما يصادف الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة. وفي هذا العام التاريخي المهم، يُظهر صدور هذا الكتاب الأبيض مسؤولية الصين ودورها كدولة كبرى في قيادة الحوكمة الأمنية العالمية، والحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
أولاً: مواجهة الوضع المعقّد والخطير وإظهار مسؤولية الصين
إن الوضع الدولي في مجال الأمن والحدّ من التسلّح معقد وخطيرة، النزعات الهيمنية والأحادية تقوّض النظام الدولي، وتتكرر النزاعات الجيوسياسية، وتتصاعد سباقات التسلح. وتسعى بعض الدول الكبرى إلى تحقيق تفوّق استراتيجي مطلق، وتعزيز التحالفات العسكرية، ويرفع من مخاطر اندلاع صراع نووي عالمي، وإن الاستخدامات العسكرية للتقنيات الناشئة تصدم الاستقرار الاستراتيجي العالمي. مواجهة هذه التحديات، تُظهر الصين مسؤولية دولة كبرى، تتمسّك الصين بشكل راسخ بالنظام الدولي للحد من التسلح الذي تقوده الأمم المتحدة، وتدفع لتحسين حوكمة الأمن العالمي، يدخل الاستقرار في عالم مضطرب، مما يصبح قوةً مهمة في حماية السلم العالمي ودفع عملية الحدّ من التسلح الدولي.
تدفع الصين نحو بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وتمارس بنشاط مبادرة الأمن العالمي، وتدعو إلى حلّ النزاعات الدولية عبر الحوار والتشاور. وتتمسّك الصين بسياسة الدفاع الدفاعية وتحافظ على مستوى معقول ومعتدل من الإنفاق الدفاعي، كما تشارك بفعالية في نظام شفافية النفقات العسكرية التابع للأمم المتحدة. وتشارك الصين بعمق في حوكمة الحد من التسلح على الصعيد العالمي، قد صادقت أو وقّعت على أكثر من 20 معاهدة متعددة الأطراف للحد من التسلح، وأقامت آليات للتشاور حول الحد من التسلح ومنع الانتشار مع أكثر من 20 دولة ومنظمة دولية. وتلتزم الصين بمفهوم متميز بالعدالة والتعاون والتوازن والفعالية في مجال الحد من التسلح، وتعارض المعايير المزدوجة، وتحافظ على حقوق الدول النامية في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا وحقوقها المشروعة في التنمية. كما تدفع الصين نحو تعزيز الحوكمة الأمنية في المجالات الناشئة، وتسهم بحكمتها وقوتها في تحسين منظومة الأمن العالمي.
ثانياً: المشاركة في عملية الحدّ من التسلّح العالمي وتقديم الحلول الصينية
يوضح الكتاب الأبيض منهجيًا المواقف والسياسات والممارسات الصينية حول مواجهة التحديات الأمنية في الحدّ من التسلّح التقليدي.
في مجال الحدّ من الأسلحة النووية، تلتزم الصين دائمًا بسياسة عدم استخدام أولا للسلاح النووي، وتتمسّك باستراتيجية نووية دفاعية بحتة، وتحافظ على قوتها النووية عند الحدّ الأدنى اللازم لأمنها الوطني، مع ممارسة أعلى درجات ضبط النفس، وعدم الدخول في سباق تسلّح نووي. وفي مجال نزع السلاح النووي، تؤيّد الصين معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وتدفع الدول الخمس الحائزة للسلاح النووي إلى تعزيز الاتصال الاستراتيجي، وتدعو إلى عقد معاهدة لعدم البدء باستخدام السلاح النووي، كما ترى أن الدول النووية يجب عليها أن تتعهد بعدم استخدام السلاح النووي أو التهديد باستخدامه ضد الدول والمناطق الخالية من السلاح النووي دون أي شروط. وفي مجال عدم الانتشار النووي، تتمسّك الصين بالحلول السياسية للقضايا الساخنة، وتعارض المعايير المزدوجة، وتؤيد إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية. أما في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، فتعترض الصين على تسييس التعاون في الطاقة النووي، وقد وقّعت اتفاقيات حكومية مع أكثر من 30 دولة ومنطقة، وقدّمت تدريبات تقنية لدول الجنوب العالمي، وتتمسّك بمفهوم الأمن النووي القائم على العقلانية والتنسيق والتقدّم المتوازي، وتشارك بفعالية في منظومة الحوكمة العالمية للأمن النووي، ساعيةً إلى بناء مجتمع ذي مصير مشترك في مجال الأمن النووي.
في مجال الصواريخ والمضادات للصواريخ، انطلاقا دائمًا من ضرورة الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الدول، وتتعامل الصين بحذر مع القضايا المتعلقة بالصواريخ والمضادات للصواريخ. وتعارض الصين بحزم سعي بعض الدول إلى تطوير نظام المضادات للصواريخ العالمي ونشر صواريخ متقدمة على الخطوط الأمامية، مما يضرر بالتوازن والاستقرار الاستراتيجيين العالميين وحقوق الدول الأخرى في أمنها المشروع. وتطوّر الصين تقنيات الصواريخ وقدرات المضادات للصواريخ بشكل معتدل ولأغراض دفاعية، بدون استهداف أي دولة أو منطقة.
في مجالي الأمن البيولوجي والأسلحة الكيميائية، تلتزم الصين التزامًا راسخًا بالأمن البيولوجي العالمي، وتلتزم التزامًا صارمًا بمعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية، وتدفع على صياغة المعايير الدولية، وتساعد الدول النامية بنشاط على تحسين قدراتها في مجال الصحة العامة. كما تلتزم الصين التزامًا صارمًا بمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وتشارك بشكل عميق في التعاون الدولي، وتحث اليابان على تدمير الأسلحة الكيميائية المتروكة في الصين بشكل كامل، وتبذل جهودًا دؤوبة لبناء "عالم خالٍ من الأسلحة الكيميائية".
في مجال الأسلحة التقليدية، تؤيّد الصين بحزم نظام الحدّ من الأسلحة التقليدية على الصعيد العالمي، وتفي بإخلاص بالتزاماتها الدولية بموجب الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة، وانضمّت إلى معاهدة تجارة الأسلحة وتلتزم بالمبادئ الثلاثة للصادرات العسكرية المسؤولة: أن تُسهم في تعزيز قدرة الدول المتلقية للأسلحة على الدفاع المشروع عن نفسها؛ ألّا تُضرر بسلام وأمن واستقرار المنطقة والعالم؛ ألّا تتدخّل في الشؤون الداخلية للدول المتلقية للأسلحة. تشارك الصين بفعالية في التعاون الدولي للسيطرة على الأسلحة الخفيفة والأسلحة الصغيرة، وتدعم مبادرة ”إسكات البنادق“ في إفريقيا. وقدّمت الصين، وعلى مدى سنوات طويلة، مساعدات في إزالة الألغام لأكثر من 40 دولة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما أزالت قوات حفظ السلام الصينية في لبنان والكونغو الديمقراطية وكمبوديا وليبيريا ودول أخرى 21,600 لغماً وذخيرة غير منفجرة. وفي عام 2024، أعلنت الصين تنفيذ "مبادرة دعم إفريقيا للتخلّص من الألغام".
ثالثًا: قيادة حوكمة المجالات الناشئة استجابةً لنداءات العصر
يخصّص الكتاب الأبيض فصولًا لبيان مواقف الصين ومبادئها في مجالات ناشئة مثل الفضاء الخارجي والفضاء السيبراني والذكاء الاصطناعي، بما يعكس رؤية الصين الاستشرافية.
في مجال أمن الفضاء الخارجي، تلتزم الصين دائمًا بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وتعارض أيّ شكل من أشكال تسليح الفضاء أو سباق التسلّح فيه، وتدعو إلى بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية في الفضاء من خلال التعاون الدولي. وتعمل الصين بنشاط على دفع عملية وضع صكوك قانونية للحد من التسلّح في الفضاء، وتمارس أنشطة الفضاء بروح من الشفافية والانفتاح، وتفي بالتزاماتها الدولية، وتعزّز التعاون الدولي لضمان استفادة البشرية جمعاء من موارد الفضاء الخارجي.
في مجال الفضاء السيبراني، تعمل الصين بنشاط على دفع حوكمة الفضاء السيبراني على الصعيد العالمي، وتعزيز التبادل والتعاون الدولي في هذا المجال، كما تدفع لإصلاح نظام حوكمة الإنترنت العالمي وفق المبادئ الأربعة وهي: احترام سيادة الدول في الفضاء السيبراني؛ الحفاظ على السلم والأمن؛ تعزيز الانفتاح والتعاون؛ بناء نظام منضبط لإدارة الفضاء السيبراني. كما تطرح الصين النقاط الخمس لبناء مجتمع ذي مصير مشترك في الفضاء السيبراني، وهي: الإسراع في تطوير البنية التحتية العالمية للشبكات وتعزيز التواصل والترابط؛ بناء منصات للتبادل والتشارك الثقافي عبر الإنترنت لتعزيز الحوار والتفاهم المتبادل؛ دفع الابتكار في الاقتصاد الرقمي لتحقيق الازدهار المشترك؛ ضمان أمن الفضاء السيبراني وتعزيز تنميته المنظّمة؛ بناء نظام عالمي لحوكمة الإنترنت يحقق العدالة والإنصاف. وتتمسّك الصين بمبدأ سيادة الدول في الفضاء السيبراني، وتعارض عسكرة الفضاء السيبراني وتكتّل الدول فيه، وتدعو إلى صون السلام والأمن السيبرانيين عبر التعاون الدولي. كما تشارك الصين بفعالية في وضع قواعد دولية للفضاء السيبراني، وتدفع لاعتماد أطر تعاون مثل مبادرة الأمن العالمي للبيانات، وتعزّز قدراتها في الدفاع عن الأمن السيبراني.
في مجال الاستخدامات العسكرية للذكاء الاصطناعي، تدعو الصين إلى مبدأ التوازن بين التنمية والأمن، وتطرح مفهومًا يهتم بأولوية الإنسان والقوة الخير للذكاء الاصطناعي. وتؤكّد أن التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي يجب أن تخدم تعزيز الثقة المتبادلة دوليًا والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي، تمسك بالقرارات البشرية، وتضمن أن الأنظمة السلاحية تبقى تحت السيطرة البشرية، وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني. تشارك الصين بنشاط في بناء نظام عالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي، وتدفع نحو وضع قواعد دولية مثل مبادرة الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وتدعو إلى إنشاء إطار حوكمة شامل ومتعدد الأطراف، وتعارض سباق التسلّح في مجال الذكاء الاصطناعي. كما تعمل على تعزيز الاستخدام السلمي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مسهمةً في أمن الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالحكمة والحلول الصينية.
رابعًا: تحسين الحوكمة العالمية لمنع الانتشار وبناء مستقبل أفضل
يوضح الكتاب الأبيض بشكل منهجي مواقف الصين وسياساتها وتجاربها العملية في مجال منع الانتشار.
فيمجال السياسات والممارسات لمنع الانتشار، أنشأت الصين نظامًا قانونيًا متكاملًا للرقابة على الصادرات، مما يحقق إدارة منع الانتشار بشكل قانوني ومنظم. كما تعمل الصين على تعزيز قدرات الإنفاذ القانوني، وتشكيل نظام رقابي شامل على كامل السلسلة، بالإضافة إلى رفع وعي المجتمع بالامتثال والقوانين من خلال الحملات التوعوية والتعليمية. من أجل تعزيز إنشاء نظام دولي عادل ومعقول لمنع الانتشار، تتمسّك الصين بمبدأ تعدد الأطراف، وتدعم الأمم المتحدة في لعب دور مركزي، وتشارك بنشاط في آليات متعددة الأطراف مثل مجموعة المورديين النوويين، تعمل على تعزيز تمثيل وصوت الدول النامية. كما تدعو إلى معالجة العلاقة بين منع الانتشار والاستخدام السلمي للتكنولوجيا بشكل متوازن، وتعارض المعايير المزدوجة. وفي مجال حماية حق الدول في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا، تعمل الصين باستمرار على دفع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن "تعزيز التعاون الدولي للاستخدام السلمي"، معارضة استغلال منع الانتشار كأداة، وتدعو إلى رفع القيود غير المبررة المفروضة على الدول النامية.
خاتمة
بالنظر إلى المستقبل، ستواصل الصين العمل جنبًا إلى جنب مع الدول الأفريقية الشقيقة، وتعميق التعاون العملي في مجال الحدّ من التسلح. وترغب الصين في دفع مبادرة "إسكات البنادق في إفريقيا" مع الشركاء الأفارقة، والتركيز على مجالات مهمة مثل السيطرة على الأسلحة الخفيفة والصغيرة، إزالة الألغام، والاستخدام السلمي للطاقة النووية. ومن خلال مشاركة خبرات الحوكمة الأمنية وبناء القدرات الأمنية المشتركة، ستظل شعلة السلام مشتعلة على القارة الأفريقية بلا انقطاع.
فلنتمسّك بالإيمان الراسخ بأن "الطريق الصحيح لا يكون وحيدًا، والماضي مع الآخرين يحقق البعيد"، ولنعمل على بناء نظام عالمي لحوكمة الأمن يقوم على المساواة والنظام والشمولية والمنفعة للجميع. ستظل الصين دائمًا الشريك الأكثر موثوقية لأفريقيا، ستسطع أشعة السلام على كل شبر من أراضي القارة، وتعمّ ثمار التنمية على كل أسرة أفريقية، ولنحقق معًا مستقبلا مشرقًا متميزا بالسلام الدائم والازدهار المشترك للبشرية.
تانغ جونغ دونغ : سفير الصين في موريتانيا

.jpeg)
.jpeg)


.gif)
