هل كان ماكرون تلميذا لولد عبد العزيز في مجال السياسة الميكافيلية.. ؟

اثنين, 13/10/2025 - 13:06

يعيش نظام الحكم في فرنسا حاليا، في ظل الجمهورية الخامسة، ازمة سياسية خطيرة بسبب تدمير ايمانويل ماكرون للتشكيلات السياسية الفرنسية التقليدية.
وهو تقريبا نفس ما حدث عندنا في موريتانيا بعد انقلاب اغسطس 2008، فقد استمال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز شخصيات كثيرة مؤثرة في حزب التكتل، نتيجة للخطأ القاتل لرئيسه أحمد ولد داداه، بدعمه للانقلاب ووصفه إياه بحركة تصحيحية. وفي نفس الوقت شجع بيرام على تبني قضية الرق وسمح لبعض الراديكاليين البولار بإنشاء حزب زنجي مما دمر القاعدة الانتخابية لحزب الاتحاد من أجل التقدم اليساري. ومن جهة ركب موجة محاربة حركة الإخوان المسلمين بقيادة بعض الدول الخليجية والدول الغربية، لإضعاف وتفكيك حزب تواصل.
وبسبب هذه المناورة الميكافيلية التي استخدمت فيها طاقات الدولة، انهارت أحزاب المعارضة التقليدية في موريتانيا، ونتجت عن ذلك بلبلة في المشهد السياسي ما زالت البلاد تدفع ثمنها، خاصة مع بروز تيار متطرف يهدد الوحدة الوطنية.
وكأنما استفاد ماكرون من تجربة ولد عبد العزيز، فحينما نجح في الانتخابات الرئاسية سنة 2017، بعد إقناعه الناخبين انه يقود تيارا وسطا بين اليمين واليسار،  وأنه الوحيد القادر على هزيمة لوبين، انتهز الفرصة، واستمال إلى تياره كثيرا من شخصيات اليمين واليسار وكان ذلك على حساب وجود التيارين العريقين في فرنسا.
ثم لعب نفس اللعبة مع حزب لوبين من اقصى اليمين، فتبنى افكارا تفوق الحزب تطرفا خاصة في مجال محاربة الإسلام،  وقد كلف وزير داخليته السابق دارمانان بهذه المهمة، والغريب أن هذا المتطرف المبالغ في معاداة الإسلام، من أصول جزائرية.
وعلى كل حال، تعيش فرنسا منذ يوليو الماضي، حالة من عدم الاستقرار السياسي الشديد ، عندما دعا ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة سعيا لتحقيق أغلبية مريحة، بعد خسارة فادحة لتياره في انتخابات البرلمان الأوروبي.
ولكن كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أسفرت الانتخابات عن برلمان متذبذب مكون من تيارات متعارضة أيديولوجيا، لا يجمع بينها جامع، ولا ترغب في العمل معا، مما جعل من الصعب على أي رئيس وزراء حشد الدعم اللازم لتمرير أي مشاريع قوانين. وهذا بالضبط هو سبب استقالة رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو الأخيرة، بعد يوم واحد من إعلان تشكيل حكومته.!
وقبله أقيل سلفه ميشيل بارنييه، بعد ثلاثة أشهر من تعيينه، بعد رفض البرلمان المصادقة على ميزانيته التقشفية.
وإلى جانب هذه الأزمة السياسية الحالية المتردية، تعاني فرنسا من أزمة اقتصادية خانقة، وقد أصبحت اليوم الدولة الأكثر مديونية في منطقة الاورو.
وليس أمام ماكرون اليوم برأيي، الا ثلاثة خيارات صعبة كلها عليه: إما تعيين رئيس وزراء جديد وكل الدلائل تؤكد فشله، أو حل الجمعية الوطنية مرة أخرى والمؤشرات تجمع على خسارة تياره، أو الاستقالة من منصبه وهذا لا يستطيع تحمله، نفسيا على الأقل.
العقيد المتقاعد أحمد سالم ولد لكبيد