في مواجهة تحديات الهجرة

خميس, 06/03/2025 - 01:56

 

الهجرة ليست مجرد ظاهرة منعزلة، ولا يمكن فصلها عن التغيرات الكبيرة التي يواجهها كوكبنا. 

في موريتانيا اليوم، تشكل الهجرة تحديًا أمنيًا، وتسللاً اجتماعيًا، وصدمة اقتصادية.. فالهجرات تجلب مجموعات بشرية نعرف عنها القليل.. بشر يأتون بقصصهم وثقافاتهم وتجاربهم الفردية؛ وغالباً ما يكونون فقراء وبدون مهارات. يصل هؤلاء المهاجرون إلى مدننا وقرانا دون أن نعرف أي شيء عن ماضيهم، ويصبحون جيراننا ويتحدثون بلغات لا نفهمها. 
إن ميزة الأمان الفعال تتمثل في القدرة على التحديد المسبق لنطاق الخصومات بناءً على التجارب والخبرات المكتسبة، فتخيلوا كيف يكون الحال أمام مجموعات من البشر الذين تجهلونهم.. فالأمن لا يتلاءم مع المجهول.

يمكن اعتبار التسلل الاجتماعي شكلا من أشكال الاندماج، يتميز بالانتماء الظاهري إلى المجتمع بشكل عام من خلال العمل في الوظائف المنزلية والعرضية. وليس من المبالغ فيه اليوم أن نقر بأن إدارة العديد من المنازل الرئيسية والثانوية والممتلكات المختلفة تُعهَد للمهاجرين. فالأسر وأفرادها يطورون هوية مزدوجة فعلية... فهناك فعلا تسلل اجتماعي يمكن أن يفضي إلى هوية جديدة يجب التعامل معها بطريقة أو بأخرى.
أما الضرر الاقتصادي فيأتي في شكل صدمة خارجية تؤثر في المقام الأول على الاقتصاد غير المصنف وبعض فئات الوظائف. وعلى المدى الطويل، يستفيد المهاجرون الأكثر تنافسية وأولئك الذين يمكن استغلالهم بشكل أكبر من نظام الإخلاء، مما يؤدي إلى تدمير العديد من الوظائف الوطنية. واليوم، يعتمد جزء كبير من اقتصادنا على قوة عاملة مكونة من مهاجرين، مثل مناطق العمل في زراعة الأرز أو التنقيب عن الذهب. 
ليس هدفي على الإطلاق توجيه أي اتهام للمهاجرين اللاجئين عموما، فهم يستحقون قدرا من الكرامة والاحترام والحماية المناسبة.
غير أن استمرار وتصاعد بؤر النزاعات يؤديان إلى تفاقم موجات المهاجرين إلى المناطق الآمنة؛ والسلام في المحصلة هو نتيجة لجهود بناء مستمرة تغذيها مجموعة من العوامل المجتمعية المعقدة والهشة في آن واحد.
ولا يخفى على أحد اليوم أن الحوكمة العالمية للدول تواجه تحديات أمنية غير مسبوقة بسبب شبكات التواصل الاجتماعي؛ فما بالك بالتأثير الإضافي للهجرة المتزايدة وغير المُراقبة.
وتتطلب إدارة ظواهر الهجرة المعاصرة والسيطرة عليها موارد وحلولاً لا يمكن أن توفرها مهام الشرطة التقليدية.
في هذه النظرة العامة غير الشاملة للقضية الهجرية، تحث مبادرة "موريتانيا متحدة" السلطات العامة على إنشاء وكالة وطنية تمتلك قدرات التحليل والإدارة والاستشراف والشرطة، ليس للتحكم في مسارات الهجرة والأمن الوطني فحسب، بل وفي مصلحة المهاجرين الذين هم في الغالب مواطنون مسالمون يبحثون عن ظروف عيش أفضل وعن قبول المجتمعات المحلية المضيفة لهم.
إن الحاجة الملحة للأمن الوطني تتطلب توفير أفضل القدرات للتنبؤ وإدارة التحديات المرتبطة بالهجرة.
نواكشوط 05 مارس 2025
صيدو حسن صال