الإصلاحات المجحفة

جمعة, 10/01/2025 - 21:17

 أغلب الظن أنه منتصف تسعينيات القرن الماضي ، ساعتها لم ينحج تلميذ في مسابقة دخول السنة الأولى من الاعدادية ! أصيب الأهالي في تلك القرية النائية بصدمة من نسبة النجاح الصفرية وصبوا وابل غضبهم على المعلم والمدير الوحيد بالمدرسة ، اجتمع الوجهاء واقيمت الموائد وفي الأخير استجابت الوزارة لنقل المدير المعلم واستبداله بآخر ، أكثر شبابا و أكثر راحة في إطلاق الوعود .
استبشر الأهالي الطيبون بالوافد الجديد الذي بدأ مأموريته بقرارين حاسمين ، حسب رأيه ، يجبر القرار الأول كافة التلاميذ الفقراء جدا على اقتناء أدوات ودفاتر جديدة من العاصمة ، أما القرار الثاني فكان حاسما بطرد كل المتغيبين من التلاميذ طردا نهائيا دون النظر إلى أسباب غيابهم .
ثم عاودت نسبة النجاح الصفرية ظهورها ! 
*******                     
صراحة لا أذكر بالضبط متى سقطت حكومة معالي الوزير الأول السابق محمد ولد بلال ولا متى تم تعين الحكومة الجديدة برئاسة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي ، ما أذكره لحد الساعة هو حجم التذمر الذي سبق سقوط حكومة ولد بلال وحجم الأمل والاستبشار الذي رافق تعين ولد أجاي .
*******                       
لا أريد أن أعتبر إجبار التلاميذ الفقراء على اقتناء أدوات جديدة ولا طرد المتغيبين أخطاء كبيرة بل هي إصلاحات إن تمت في وقتها وسياقها محترمة طابور الأولويات .  أكيد كان من الأجدر والأهم أن يعمل المعلم الجديد على تحسين مستويات تلاميذه و الإلتزام بمناهج وزراة التهذيب الوطني بالإضافة إلى توعية الأهالي بخطورة الغياب المدرسي .
**********                   
بعد فترة قصيرة قامت حكومة ول أجاي بحملة أمنية ليدفع سائقو السيارات الضريبة السنوية ولأول مرة امتدت الحملة طيلة أشهر السنة ، ثم قامت الحكومة أيضا بطرد معلمين وممرضين من الوظيفة العمومية .
في الحقيقة يعتبر تنظيم المرور أمرا جيدا وكذلك ردع الموظفين الذين يأخذون رواتبهم من الدولة دون عمل ولكن المشكلة حسب رأيي تتعلق بطابور الأولويات الذي تحدثت عنه آنفا .
......حال المواطن الآن أشبه بحال الآباء في تلك القرية الذين كانوا ينتظرون نجاح أطفالهم فإذا هم يدفعون بشكل قاسي من  جيوبهم ثمن الأدوات والدفاتر للذين لم يطردوا من أولادهم .
بقلم بابه ولد يعقوب ولد أربيه 
مهندس في مجال المياه والصرف الصحي .
وتساب : 38422201