باحث موريتاني يقدم قراءة في مسار الفيضانات ومقترحات لاستثمارها

خميس, 02/01/2025 - 10:26

قدم الباحث الموريتاني، وعضو نقابة المهندسين الزراعيين الموريتانيين المهندس محمد سيد محمد اماه قراءة في مسار الفيضانات التي عرفتها موريتانيا، خلال العقود الماضية، وكان آخرها قبل أسابيع، وجرد مجموعة من المقترحات لاستثمارها، وتحويلها "من نقمة إلى نعمة".

 

وقال ولد اماه - وهو طالب ماجستير في قسم المنشآت الزراعية والري بجامعة أنقره في تركيا – إن "الفيضانات في موريتانيا، وخاصة في المناطق المحاذية لنهر السنغال، تمثل تحديا كبيرا لكنها توفر فرصة ثمينة إذا تمت إدارتها بفعالية".

 

وأضاف ولد اماه أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة تتضمن إنشاء بنية تحتية لتخزين المياه، واصفا قناة آفطوط الساحلي التي أنشئت في عام 2017 وتمتد على طول 55 كم، وتسهم في ري حوالي 25.000 هكتار من الأراضي الزراعية، بأنها "من المشاريع الرائدة في إدارة مياه الفيضانات".

 

وحث ولد اماه - في مقال له تحت عنوان: "فيضانات موريتانيا: من نقمة الطبيعة إلى نعمة تعزز التنمية المستدامة" - على الاستفادة المثلى من هذه الفيضانات، منبها إلى أنه "يمكن توجيه مياه الفيضانات عبر القناة إلى المناطق الجافة، مثل كرمسين والمناطق الزراعية المجاورة، مع مراعاة الطاقة الاستيعابية القصوى للقناة لضمان استخدامها بكفاءة دون تجاوز حدودها".

 

وأشار إلى أنه يمكن الاستفادة أيضا من الفيضانات لتلبية احتياجات الزراعة والمياه العذبة عن طريق "تعزيز البنية التحتية للقناة، وتوسيع سعة القناة لاستيعاب كميات أكبر من المياه الفائضة، وربط القناة بشبكة سدود صغيرة وخزانات لتخزين المياه الفائضة من نهر السنغال".

 

كما نصح الباحث في هذا المجال بـ"إنشاء محطات ضخ تعمل بالطاقة الشمسية لنقل المياه إلى المناطق المرتفعة، وإدارة تدفق المياه داخل القناة عبر وضع أنظمة تحكم دقيقة لتنظيم كمية المياه المتدفقة، بما يضمن توازناً بين منع الفيضانات وتوفير المياه للمناطق الجافة، وإدخال تقنيات استشعار حديثة لقياس منسوب المياه وضبط تدفقها".

 

وشدد ولد اماه على ضرورة وضع معايير لاختيار المواقع المناسبة لبنية التخزين، وذلك لتجنب إهدار الموارد وضمان نجاح مشاريع تخزين المياه، وذلك عبر "اختيار المواقع وفقا للقرب من قناة آفطوط الساحلي لتسهيل نقل المياه المخزنة إلى المناطق الزراعية، واختيار مواقع منخفضة، مثل الأحواض الطبيعية أو المناطق المنخفضة، لتجميع المياه بسهولة".

 

ونبه الباحث الموريتاني إلى أنه يمكن استخدام النقاط منخفضة الارتفاع كمنافذ لتخفيف تدفق المياه الزائدة من قناة آفطوط الساحلي، مما يساهم في تغذية التربة بمواد مغذية وترسيبات طينية، ويجعلها قابلة للاستصلاح مستقبلا.

 

كما يمكن – وفق الباحث - استخدام مضخات تعمل بالطاقة الشمسية لتصريف المياه نحو التربة الرملية المناسبة، مما يعزز تغذية المياه الجوفي، مؤكدا أن هذه الحلول ستعالج نقص مياه الري في كرمسين، وارتفاع منسوب المياه شرق روصو الذي أدى إلى غمر المحاصيل جزئيا أو كليا.

 

واقترح ولد اماه مجموعة من الاستراتيجيات لتحويل مياه الفيضانات إلى موارد مستدامة، كإنشاء مصدات طبيعية كحل جذري، وكذا زراعة الأشجار حول المناطق المغمورة لتثبيت التربة ومنع التصحر، مع تعزيز الغطاء النباتي لضمان استدامة الأراضي الزراعية.

 

وشدد على ضرورة التنظيم الصارم للحد من أضرار الفيضانات، عبر فرض لوائح حازمة تمنع إنشاء قنوات ري عشوائية دون إذن رسمي، للحد من انهيار التربة وتشبعها بالمياه.

 

ودعا الباحث لتأسيس هيئة وطنية مختصة بمراقبة القنوات وتنظيم تدفق المياه، مع التركيز على تركيب بوابات تحكم وصيانة دورية لرفع كفاءة البنية التحتية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، كأنظمة الاستشعار والطائرات المسيرة، لمراقبة الامتثال والحد من العشوائية.

 

وأكد ضرورة بناء أنظمة إنذار مبكر واستجابات فعّالة، وتطوير نماذج دقيقة للتنبؤ بالفيضانات تعتمد على تحليل البيانات المناخية ومجسات مراقبة منسوب نهر السنغال، وكذا إعداد مسارات لتصريف المياه الزائدة بعيدا عن المناطق المأهولة، وتنظيم عمليات الإجلاء عبر فرق مدربة للاستجابة السريعة.

 

كما دعا لتوزيع المياه المخزنة في القنوات والسدود بطريقة مدروسة لدعم المناطق الزراعية المتضررة وتحقيق التوازن المائي.

 

وخلص الباحث في نهاية مقاله الذي وصلت وكالة الأخبار نسخة إلى أن "تحويل مياه الفيضانات من كارثة إلى مورد حيوي يتطلب نهجا متعدد الأبعاد يجمع بين البنية التحتية المتطورة، الرقابة الصارمة، والتخطيط المركزي القائم على الاستدامة".

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

- لقراءة نص المقال اضغطوا هنا، أو زوروا ركن آراء