ماذا فعل بكم الزمن؟ وماذا فعلت بكم الحكومات؟ وماذا فعلت بكم الوساطات؟
أين الذين كانوا يأكلون مرتين في المطعم الجامعي وينامون في الحصص المسائية؟
أين الذين كانوا يتسورون طوابير المطعم، وقد فهموا مبكرا بأن الحياة زحام متواصل وقاسي؟
أين خبأتم الأبواق والشعارات والحناجر؟
أين الوعاظ في المدرجات؟ وأين العشاق في الزوايا الضيقة والمعتمة؟ وأين الذين نفثوا في سماء الجامعة الكثير من دخان التبغ والحكايات؟
أين العائدون لمنازلهم مشيا على الأقدام لأنهم لم يجدوا ولا حتى عشرة أواقي! وأين المتباهون بالوصول للجامعة في سيارات فارهة ومظللة النوافذ؟
أين طوابير المساعدة الاجتماعية؟ وأين ابتسامات الطلاب خلف القسمات المتعبة للغاية بعد أن قبضوا على المنحة الجامعية؟
أين طلاب كلية الآداب؟ هل أصبحتم كتابا وشعراء وفلاسفة ومفكرين ومؤرخين ومترجمين وساسة وإعلاميين وباحثين وباحثات؟
أين طلاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية؟ هل وجدتم منافذ إلى السلطة والسوق؟
أين طلاب كلية العلوم والتقنيات؟ ماذا فعل بكم “التفيسي” وهل وجدتم شايا أكثر تحفيزا من كؤوس سيداتي؟
أين طلاب قسم الكيمياء؟ وكيف تفاعلتم مع سوق العمل والأحلام؟ وأين ترسبتم؟ وهل أكسدتكم الحياة أم اختزلتكم وكيف وجدتم النواتج؟وهل أتممتم تفاعلات الكفاح بشكل جيد ومريح، أم أنكم ما زلتم تحتاجون للمحفزات، ولبعض من الحرارة وللمزيد من الضغط؟
أين طلاب المدرج قرب المختبر في أول حصة جامعية؟ أين تفرقوا؟ وأين ذلك الطالب الذي جاء متحمسا وتفاجأ بأن الحصص لا تختلف كثيرا عن الحصص في الثانوية! دفاتر يُكتب فيها وسبورة يُكتب منها وأستاذ يشرح وتحفظ دروسه وطريقته في التعامل مع التمارين والاختبارات. فتثاءب ذلك الطالب وأخذ له قسطا طويلا من النوم لم يستيقظ منه إلا على إفادة تفيد بتخرجه من جامعة نواكشوط! وفي غمرة الحياة ومطباتها ومسراتها نسي الهيدروجين H وحاجته الماسة للحنان والروابط! قبل أن تذكره الحكومة جزاها الله خيرا بالهيدروجين الأخضر، ويذكره صاحب سيارة الأجرة أيضا الذي ركب معه صباح الخميس، بأن جامعة نواكشوط مازالت في مكانها، لكن العناوين تغيرت..
خالد الفاظل