رحمك الله، إن كنت لأواها تلاء للقرآن:
وَاللَّيل وَالذكر والمحراب شَاهده *** وَالشَّرع وَالْحكم والتصنيف والقلم
وَمن يقل إِنَّه يدرِي مكانته *** فَمَا خَفِي عَنْهُم أَضْعَاف مَا علمُوا
إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله فقيد الأمة والدين الشيخ أحمد ولد الشيخ عبد الرحمن ( الحكومة )، فقد كان بحراً لا تدركه الدَّلاء، وحبراً لا يضجره الإملاء، وسراً لا يغيره الابتلاء، إن جلس مع أهل الدنيا فهو سيدهم، وإن حضر مع أصاغر طلبته فهو أحدهم، لا يستأثر عليهم بمأكل ولا مشرب، وليس له عن طالبيه مفر ولا مهرب، لا يطوي عن أحد منهم بشراً، ولا يلوي عنقه عن السائل كبراً، ولا يأوي إلى حب التعاظم فخراً، ولا ينوي لأحد من أهل الدين عذراً.
كان حافظا لكتاب الله تعالى عاملا به، تلاء له.
علمه عجاج، وماء فضله ثجاج، ولسان قلمه عن المشكلات فجاج، سلك من طريق العلوم أفسح المسالك، وأدرك في تحقيق المفهوم أنقح المدارك، له اليد الطولى في الفروع والأصول، محققا لما يقول من النقول، تخرج به الفضلاء، وانتفع به العلماء، لين الجانب، كثير الإحسان، منجمعا عَن النَّاس، معرضًا عَن تكلفاتهم، وراغبا عَن بدعهم ومزخرفاتهم، مشتغلا بِنَفسِهِ فِي يَوْمه وأمسه، وَلَقَد كَانَ الزّهد شعاره، والورع وقاره، وَالذكر أنيسه، والفكر جليسه،
لَقَدْ كانَ بَحراً للفَضائِلِ طامياً *** غَزيرَ عُبابٍ ما لَهُ مِن سَواحِلِ
لَقَدْ كانَ ذا فَضْلٍ ونُبْلٍ وسُؤدُدٍ *** سَمَا عَنْ مُساوٍ أَوْ عَديلٍ مُماثِلِ
لَقَدْ كانَ عنْ دينِ الإلهِ مُناضِلاً *** فَأكْرِمْ بهِ مِن ديِّنٍ ومُناضِلِ
لَقَدْ كانَ في الدُّنْيا الدنيَّةِ زَاهِداً *** فلَمْ يُلْهَ مِنْها قَط يَوْماً بطائِلِ
لقَدْ كانَ في الأخْرى العَلِيَّةِ جاهِداً *** فَنَوَّلَهُ مِنْها بأشْرَفِ نائِلِ
لَقَدْ كانَ بالمَعْروفِ للنَّاسِ آمِراً *** وناهِيَهُم عن مُنْكَراتٍ وباطِل.
أنزل الله تعالى عليه شآبيب رحمته وأمطار كرمه، وأدخله فسيح جنانه، وشرّفه بكامل رضوانه ونوّر قبره، وبرّد مضجعه، فلا زالت شآبيب الرحمة تحفه, وبرود الرضوان تلفه, وسحائب الألطاف تشمله:
مصيبة حلت فحفت بنا *** وأورثت نار اشتعال الكبود
صبرنا الله عليها وأولاه *** نعيماً حل دار الخلود
وعمه منه بوبل الرضى *** والغيث بالرحمة بين اللحود.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي