عيد الاستقلال الوطني:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنه يوم من حقنا بل من واجبنا ـ كموريتانيين ـ أن نفخر ونعتزَّ به جميعا، هذا اليوم الذي نحتفل فيه بالذكرى الثالثة والستين لاستقلال بلادنا عن المستعمر الفرنسيِّ الذي جثم على أرضنا سنين َطويلة.
رحلةٌ طويلةٌ امتزجت فيها بهذه الرمالِ الطاهرةِ دماءٌ زكيةٌ, ومُهَج مؤمنةٌ تقيةٌ، لتثمرَ هذه اليانعةَ وليتحققَ حلُم ُالأمةِ الموريتانيةِ بالانعتاق.
نتذكرُ بإجلال وإكبار ذلك الجيلَ من رجالاتِنا الأبطال، الذين أبت عليهم عزائمُهم القويةُ إلا أن يجعلوا من يوم الثامنِ والعشرينَ نفمبرَ موعدا للإنسان الموريتاني مع أرضه وسمائه وفضائه، موعدا يُحلِّق فيه بذاته الحرةِ الطليقةِ المسبحةِ المجنحةِ في أبعد الآفاق، في أعمق الأعماق، لا لأحد عليه وصاية ٌولا ولايةٌ.
ولنا نحن أهل بتلميت أن نتغنَّى في هذا اليومِ الأغرِّ مرتين، أُولاهما أن نتغنى ككلِّ موريتاني يستنشقُ عبقَ الحريةِ الزكيِّ ، لحنَ أمجادِ هذا البلدِ، طليقا كطيفِ النسيم، وحرًّا كنورِ الضحى في صباهُ.
وأما الأخرى فلأنَّ هذه المدينةَ هي الرَّحِمُ التي ولَدت رجالَ موريتانيا الكبارَ، فمن هذه المدينةِ كانت الخطواتُ الأولى نحوَ الاستقلالِ، خطواتٌ خطاها على هذه الرمال الناعمةِ، بل على صفحات التاريخ، المؤسسُ الأولُ وأبُ الدولةِ الموريتانية الأستاذ المختار ولد داداه رحمه الله تعالى، يوم أن آلى على نفسه الأبيةِ أن لا يرفرفَ على أرضه التي علِقها وأحبَّها إلا عَلمٌ واحد، يعانقُ السماءَ بنجمته وهلالِه الذهبيين، فوفَّى بما آلى كأجزلِ ما يوفِي بعهودهم العظماءُ، وأعلن ضحوةَ ذلك اليومِ الخالدِ الثامنِ والعشرينَ نفمبر من عام ستين وتسعِمئة وألفِ ميلادَ الجمهوريةِ الإسلامية الموريتانية.
وحين كان ابنُ بتلميتَ ومؤسسُ الدولةِ يعلنُ من مدينة نواكشوط ميلادَ موريتانيا، كان ابنُها الآخر ُسليمانُ ولد الشيخ سيديا رحمه الله يزُف من مدينة نيويورك إلى العالم أجمعَ أن شمسا ساطعة ًاسمُها الحريةُ والكرامةُ أشرقت على كيان مَهيبٍ اسمُه الجمهوريةُ الإسلاميةُ الموريتانية.
لتتواصل المسيرة وتتعاقب على حمل الرايةِ الأجيالُ تلو الأجيالِ، وتكبرَ صورة ُبلدٍ كانت تختزلها بِضعُ خيام و دورانٌ قليلةٌ، لتصلَ بعد ثلاث وستين سنة من المسير إلى أن تصيرَ بلدا مكتملَ المؤسسات، والبنى التحتيةِ، مقصودا من كل أطراف المعمورة للسياحة والاستثمارِ وطلب العلم .
إن ما يكمِلُ الفرحةَ ويزيدُ في بهجة النفوس أن نخلدَ الذكرى الثالثة والستين للاستقلال في ظل حكم رشيد طالما تشوقنا إليه، وفي ظل قيادة حكيمة تؤمن بمشروع بناءِ هذا الوطنِ الموريتاني على أساس قويٍّ متينٍ و مزدهر, يُعطى فيه لكل ذي حق حقه , كما يُحفظ فيه لرموز البلد مكانتهم وقدرهم وأهميتهم.
هذا الحكمُ الذي برهن من خلال إنجازات ملموسةٍ ومشاهَدةٍ، على صدق التزامه بتعهداتِه بالتنمية الشاملة العادلةِ للبلد.
و هو ما يتطلب منا جميعا أن نؤازرَ راعيَ هذه النهضة الحضارية السيد الرئيسَ محمد ولد الشيخ الغزواني، وأن نُسنِدَ سعيَه وحكومتَه لتحقيق الإصلاح الشامل، وتوفيرِ العدالةِ الاجتماعية للجميع، وأن لا ندَّخرَ جهدا من شأنه شد أزرهم وتثبيت أمرِهم حتى تتحققَ لبلادنا التنمية وتنعم بالتطور والازدهار.
فشكر الله لسيادة الرئيس سعيه وبارك له في أمره.
فلتمض بنا مسيرة البناءِ والإصلاح، ولْتخلِّدْ موريتانيا الغاليةُ ذكرى استقلالِها السنةَ تلو السنةِ وهي ترتقي في سلم الحضارةِ والرقي والعزةِ والشموخ، بقيادة رُبَّانِ السفينةِ وقائدِ مسيرةِ البناء والإصلاح السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حفظه الله وسدد خطاه.
وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي