الشباب والسياسة... علاقة استثمار للمجهود أم استغلال للصعود؟

ثلاثاء, 05/09/2023 - 13:41

يعتبر الشباب  دعامة أساسية وركيزة  قويمة، شكلت القوة الحقيقية لكل حضارة ، وعاملا بنيويا لكل نهضة وتجديد، فقد رسم أول حراك إسلامي شبابي الخريطة السياسية للأمة الإسلامية ، فتية آمنوا بالمبادئ السامية للبشرية، فأسسوا أول دولة إسلامية استثمرت قدراتها الطبيعية والبشرية ،فهل طابع العلاقة بين السياسة والشباب في عصرنا الحديث  وفي دولتنا الفتية هذه، طابع استثمار للمجهود أم استغلال للصعود؟

استثمار الجهود:

يتمتع الشباب عموما بالحركية والديناميكية، وتلك أدوات تنشيط للمجتمعات في جميع بنياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،  فالرؤى التجديدية أنماط فكرية استشرافية ، تبسط يد الرحمة بين الأصالة والمعاصرة،  فالشباب هو نتاج عملية تجديد ،واستخلاف للإنسان ،كما أن  الكادر البشري مكوّن رئيسي من مكونات البناء والإنتاج، فأصحاب الثقافات المتعلمون، يعتبر توجيههم للمشاركة في صناع الوعي والمبادرات الذاتية والرسمية، دليل قوة و اهتمام، وإفساح المجالس والمنابر،  لاستيعاب القوى الحية، والطاقات المتفجرة في كل مجتمع ، فبواكير جيل تأسيس هذه الدولة ،شباب حالمون، يسكنهم الهم الوطني، والمصلحة الاستشرافية التي تتوق إلى دولة عادلة ،يستوي فيها الغني والفقير، وتنسِّق تفاوتها البشري ، ليصنع صورة تكاملية لا شية فيها، فكثيرٌ من الشباب قديما، و منذ مطلع الألفية الحديثة، أصبح يرنو للتشاركية السياسية، فاقتحم ميادين السياسة من مختلف الزوايا، معارضة وموالاة غير ذلك، رغم أن الأطراف التقليدية والنافذة ربما تقف دون تأميم فعليّ لهذا الاستثمار،  لكن المجهود البشري والشبابي لا يوقفه حاجز ،فالطموح وسام حر، وإمكانية التقدم وماتتطلبه المرحلة من مطالب وتحديات، جعلت المسؤولية الفردية تكليف لا تشريف، والاجتهاد حولها  أضعف الإيمان لتغيير مناكرها،،،، فاستثمر الشباب وقته وجهده،  وتقدم ناخبا ومنتخبا، ،،،، فماهي النتيجة؟

استغلال الصعود:

إن العلاقة التشاركية الوطنية أيا كان نوعها ،سياسيا أو ثقافيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا،  تنطوي تحت لواء المستغلين غالبا، الذين يحاولون حصر كل الوافدين، وإغلاق كل منافذ العبور ، متخذين من ذلك ذريعة تأمين أقطاب سياسية،  تستخدم الشباب والقوى الفاعلة  لتمرير استراتيجياتها، فالشباب يعيش مرحلة انفصام، ويهوي  به حب المصالح الشخصية، في مكان سحيق،  تكالبت جلُّ هذه العوامل الداخلية على جدارته ومحوريته، فتم إحكام استغلاله بكل سهولة ! ففاعليته في الأحزاب السياسية ،واستنارة رأيه في الحركات، وتصدره للمبادرات، سمات وعلامات، تصتدم مع حاجز الاستغلال، فيصبح لكل رجل عمل  أريد له توجه سياسي  يتخذ خلية شبابية!، وكل سياسي له خلية شباب، وكل مبادر جديد ،ومغاضب متجدد، له وسيلة وذريعى للوصول باسم الشباب، فأصبحت العملية السياسية، عملية راكدة ،لاتضيف جديدا ،ولا تبقى على حالميها ،وتضخمت وتجسمت التحديات،  أعداد هائلة في البطالة، وضعف في الإشراك، وعزوف في التكوين، لأن الخريجين والمكونين ليسوا نموذج في التشغيل، فطبع الله على تجارب الشباب في غالبه، بالاستغلال وقطع دابر الاتصال بعد الوصول، ،، وهكذا!

ففي الحقيقة إن العلاقة التشاركية السياسية، تحتاج تمحيص، وإمضاء على قَسَم الإنصاف واقعيا، فهي من المفترض أنها عملية تشخيص، وتبصير بمكامن الخلل، وتحديث لمراكز القرار في امتداد الدولة، وليست تدوير أوتسييج على الألقاب السياسية  ( انتخاب متكرر، أو تعيين متكرر)،  فهل ستظل هذه العلاقة علاقة استغلال ؟