نظمت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية "هابا" سنة 2020 مسحا شاملا للمشهد الإعلامي الوطني تميز بنسبة عالية من الدقة والشمولية، وكان مرجعا هاما لمختلف الجهات التي تسعى للاستئناس بمرجع موثوق عن واقع الصحافة الموريتانية العمومية والخاصة بما في ذلك الصحافة (الصحف والتلفزيونات والإذاعات) والمنظمات الصحفية والمواقع الإلكترونية ووكالات الإنتاج السمعي البصري والمنصات وغيرها.
وقد شمل المسح المذكور وفق بيان للسلطة: " 237 وسيلة إعلام وهيئة صحفية تضم 3 مؤسسات إعلام عمومية و8 قنوات تلفزيونية و51 وسيلة إعلام متعددة الوسائط و122 موقعا الكترونيا و22 صحيفة ورقية و19 هيئة صحفية و8 وكالات إنتاج سمعي بصري وأربع منصات الكترونية و41 مراسلا دوليا وممثلتين لوكالات النفاذ المشروط.
وكشف المسح عن عمل ما يزيد علي 2841 عاملا بالحقل الإعلامي في القطاعين العمومي والخاص. حيث يضم القطاع العمومي 1584 منها والقطاع الخاص 1293 وتمثل نسبة النوع (النساء) بالإعلام العمومي 33 بالمائة بينما وصل عدد العمال المتعاونين بهذه المؤسسات إلى 62 بالمائة مقابل عمال دائمين بنسبة 38 بالمائة.
ورغم الأهمية الكبيرة التي ميزت هذا المسح، الذي كان مقررا له أن يكون سنويا، إلا أنه أصبح متقادما ولم يعد يصلح للاستئناس به بسبب التغييرات الكبيرة التي استجدت على المشهد الإعلامي خلال أزيد من ثلاث سنوات، مما يستدعي القيام بجرد فوري لهذا المشهد بغية تقديم الواقع الإعلامي الوطني الجديد للرأي العام الوطني والدولي وكذا لمختلف الجهات المعنية بالصحافة والإعلام في موريتانيا.
ولعل من أبرز ما استجد في المشهد بعد مسح 2020 هو اختفاء العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية وبروز صحف جديدة ومواقع أخرى وقنوات تلفزية وعديد المنصات فضلا عن تراجع العديد من وسائل الإعلام واختفاء أخرى، وهو ما يجعل من الضروري العمل في أسرع وقت على القيام بجرد مماثل يمكن الاعتماد عليه في التعاطي مع الحقل الإعلامي الوطني.
ومن المفارقات أن مسح 2020 وبما تميز به من دقة فائقة وجودة عالية لم يتم الاعتماد عليه في تسيير وتوزيع مواد صندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة، بل إنه كان "وبالا على مؤسسات صحفية مهنية عريقة من خلال تحويلات الصندوق المذكور والاستفادة منه"
وكان أحد القائمين على المسح المذكور قد قال بالحرف: " يمكن توزيع موارد صندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة على المؤسسات والمنظمات الصحفية بعدالة خلال ساعات فقط اعتمادا على المسح المذكور للمشهد الإعلامي"
والواقع أن جهات نافذة من خارج القطاع قد وجهت بتوزيع موارد الصندوق السنوات الأربع الماضية وفق نتائج تقرير لم ينشر "مؤرخ في 2022" تم فيه ترتيب مؤسسات "خاصة جدا" ضمن "العشرين مؤسسة الأكثر تأثيرا" في المشهد الإعلامي الوطني الخاص تضمن مغالطات كبيرة خاصة وأنها قدمت بعض المواقع المغمورة على مواقع عريقة ومنتجة كما تجاهلت صحفا عريقة ومنتظمة مقابل أخرى استجدت سنة 2020 وما بعدها.