تعزية خاصة من الإمام الشيخ إسحاق موسي إلى دوحة الفضل والنبل آل المشري الكرام

جمعة, 04/08/2023 - 21:31

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذين ‌إِذا ‌أَصَابَتْهُم ‌مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون).
{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ ‌مَرَّتَيْنِ ‌بِمَا ‌صَبَرُوا}.
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ ‌مِنْ ‌قَبْلِ ‌أَنْ ‌نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

إنا ‌نعزيك لا أنا على ثقة *** من البقاء ولكن سنة الدين
فلا المعزى بباق بعد ميته *** ولا المعزي وإن عاشا إلى حين.

الحمد لله بارئ الثقلين، وخالق الكونين، على الوجود بين العدمين، أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين، منك الحياة، واليك الرجوع في الممات، أنت المغير للقلوب، وأنت المنزه عن الشكوك والريوب، دلت بوحدانيتك سلسلة الموجودات، ونطقت بعظمتك جملة الكائنات، أنت الشاهد في السرائر، ولا يشاهدك أولوا البصائر.
وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فنخص بالأدعية المستجابة، والأثنية المستطابة، والتسليمات الفاخرة: حضرة الشيخ النجيب اللبيب الأفخم الحاج المشري ودوحة آل المشري وأهل معطى مولانا منبع النبل والأصالة، والعلم والريادة.
 سمعنا بحادثة ملأت بأكدارها السهول والحزون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وذلك أن نجلكم النجيب، وولدكم الحسيب الشيخ عبد الله قد ارتحل من عالم الناسوت والأشباح، إلى عالم الملكوت والأرواح. وكان على يقين  وإيمان بحلول هذه النقلة، فامتثل أمره تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية.
 فانقبض القلب بهذه الداهية العظمى، والمصيبة الكبرى، فما الحيلة والآيات لنزول مثل هذه المصائب مؤكدة، والأحاديث لوجودها موطدة، ويدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
 
يا فتى الطّهر طِبتَ حيّاً ومَيْتاً *** وتسامَيْتَ في مَرَاقي الصُّعُودِ
 ناشئاً في عبادةِ الله ترجو ***مِنْحةَ الرّبّ في ظلالِ الوَدُودِ
 لكأنّي بالذِّكرِ صارَ أنيساً *** لك في القبرِ والكتابِ المجيدِ

فنشكر الله على جميع الأحوال، إذ هو المقدر للأعمار والآجال. 
فالأحسن والأولى، والأليق والأحرى، أن تتأسوا بمن قبلكم، ولا تأسفوا على ما فاتكم، فإن كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

وهذه عادة الدنيا وشيمتها *** فيمن مضى وبقي من سائر الأمم.

والْمَوْت خطب قد عظم حَتَّى هان، وَأمر قد خشن حَتَّى لَان، وَالدُّنْيَا قد تنكرت حَتَّى صَار الْمَوْت أخف خطوبها، وجنت حَتَّى صَار الْحمام أَصْغَر ذنوبها، فَلْتنْظرْ يمنة هَل ترى إِلَّا محنة، ثمَّ لتعطف يسرة هَل ترى إِلَّا حسرة.
ونحن مأمور فينا، ومحكوم علينا، يملكنا خير المالكين، ويحكم فينا أعدل الحاكمين، ولو شاء الله لم يخلقنا، فضلا عمن خلق منا ولنا، وقد أنعم عليك بنعمى متعك بها ما شاء، ثم صنع في بعض ما شاء، فإن تقابل بالاحتساب قدره النازل، وبالتفويض قضاءه العادل، فأحرى بحزنك أن يعود سرورا، وبصدعك أن يكون بثواب الله مجبورا.

لله أقضية في الخلق واقعة *** ما في خلاص امرئ من أمرها طمع
النَّاس كلُّهم موتى وما أحد *** يبقى ولكنَّهم ماض ومتَّبع
فانظر لنفسك واعمل ما تنال به *** الزُّلفى فذاك به في الحشر ينتفع
واعلم بأنَّ ضمانات المنى خدع *** تلهي وأقطع ما للأخدع الخدع

فلا تقابلوا هذه المصيبة إلا بالشكر، ولا دواء لهذه البلية إلا بالصبر. 
فنسأل الله أن يديمكم مع سائر ذويكم الكرام، ويجعل سلسلة أولادكم وأحفادكم غير منقطعة بين الأنام.
فطب نفسا بهذا الفضل العظيم، وقرّ عينا بنزول ولدك في جوار الرب البر الرحيم.

وكتب إسحاق بن موسى بن الشيخ سيدي 
أصالة عن نفسي، ونيابة عن أهل الشيخ سيدي