السحر وخرافات "سر الحرف" وعلوم "الأوفاق" وجداولها أمور تختصر تدهور العقول وتراجعها وانحطاط الأمة التي اعتقدت بأن لهذه الأمور تأثيرا في أرض الواقع سوى ما لحملتها من القدرة على الخداع والجري وراء الأمور الصغيرة ذاتية التحقق أو القابلة للتحقق بفعل أسباب مادية تعجز مدركاتهم الذهنية عن تفسيرها أو لا يريدون للفئات المستغَلة إدراك الأسباب المادية الكامنة وراءها، فيحرصون على إخراجها في قالب خرافي يعطي لحامله قدرات خارقة تسمح له باستغلال الضعفاء واتقاء "الأقوياء" بتخويفهم من أسلحة غير مرئية ولا قدرة لهم على التعاطي معها.
ولئن كان ذلك مستساغا وشائعا في مجتمعات ما قبل الحداثة وعوالم "السيبة" فلا يمكن للعقل المعاصر قبوله ولا التسليم به مطلقا، ناهيك عن الإيمان به وبقدرته على التأثير.
وتبقى الحالة المادية والمستوى العقلي للذين يتعاطون هذه الأعمال ويدعون لأنفسهم قدرات خارقة أكبر دليل على انعدام تلك القدرات، وإلا لكانوا هم أولى الناس بالاستفادة منها قبل أن يفيدوا بها غيرهم.
ولقد جاء هذا الدين منذ 1400 سنة ليحرر عقولنا من سلطة السحرة والعرافين والكهان وليفتح للمرء إلى الله وبشكل مباشر باب الدعاء والعمل الصالح وابتغاء الأسباب الموضوعية والعملية ثمرة لإعمال العقل وتحريره وتطويره، فهو وحده العاصم من الضلال وإغواء الشيطان.
"وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ" ؟؟