تحولت جل المنظمات الحقوقية الموريتانية، منذ وقت ليس بالقصير، إلى "مكاتب" للهجرة السرية إلى الدول الغربية عموما وإلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بشكل خاص، بذرائع وهمية تتعلق بالاضطهاد السياسي أو الاجتماعي والعبودية والعنصرية ...
ويدر هذا النشاط التجاري الخفي أموالا طائلة على بعض الشخصيات ومحيطهم الضيق.
وأخطر ما في الأمر، أن بعض هذه المكاتب تتعامل مع الأجانب الراغبين في الهجرة غربا، وذلك على حساب سمعة البلاد الخارجية وكرامة أهلها ومصالحهم.
ورغم معرفة الدوائر الغربية المعنية بتفاصيل هذا النشاط الإجرامي، إلا أنها تبدو عاجزة عن الوقوف في وجهه، نظرا لتواطؤ شبكات المتاجرة بالبشر العابرة للقارات والحدود وجشع بعض المشغلين في قطاعات اقتصادية دأبت على استغلال (هشاشة) اليد العاملة الوافدة وتدخل منظمات حقوقية غربية حولت الكفاح من أجل كرامة الإنسان إلى نشاط مدر للدخل والسمعة الإعلامية وإلى وسيلة ضغط سياسي على دول الجنوب وابتزاز لها عند الاقتضاء.
وتلعب الدعاية السياسية الغربية والترويج للثقافة الاستهلاكية (السهلة) عبر وسائل إعلامية غير مهنية، دورا جوهريا في تشكل الحلم القاتل لدى بعض الشباب غير المحصنين ثقافيا وفكريا.
ومما لا مراء فيه أن استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري في بعض بلدان الجنوب، تشكل السبب الرئيسي وراء الدفع بشبابها (بأعداد كبيرة) إلى سلوك الدروب الوعرة والخطرة للهجرة السرية غربا.
فإلى كل شاب موريتاني -وإلى ذويه- قادر على توفير عمولات الوسطاء وتكاليف السفر، أوجه نصيحتي باستثمار هذه الموارد في وطنه، وتبني المقاربات القانونية الناظمة للهجرة، وعدم الإقدام على المجازفة بروحه ومستقبله بحثا عن سراب أفرزته خطوط التموين المغذية لصناعة الإجرام العابر للقارات والحدود..