كيهيدي" والماء!

جمعة, 19/08/2022 - 20:36

"

العلاقة بين "كيهيدي" والماء علاقة معقدة، قديمة قِدم المدينة، فهي أختُ النهر التوأم، تشبهه في كل شيء، ولا يشبهها في أي شيء، تجمعهما التفاصيل، وتفرقهما.

مزاجُ المدينة محكوم بمزاج النهر، يعلو ويهبط مع مستوى الماء، وحدهم سكان "كيهيدي" من يقرأ كفَّ النهر، يفك طلاسم رسائله القادمة من أعالي غينيا البعيدة.

إنه الحبل السري الذي يربط "فوتا تورو" بأختها البعيدة "فوتا جالون"، وفي حنين الأختين حكاية شعب عظيم، أراد نهر التاريخ أن يجرفه، فذهل بالصمود والصبر.

المؤكد هو أن هذا الشعبَ لن ينام.. لن ينام!

الماءُ يغمر "كيهيدي"، ماء آخر ليس ماء النهر، قادمٌ من أعلى، تحمله ريحٌ هوجاء، مفاجئ وعنيف وهمجي، غمرَ كل شيء؛ بيوت الطين ذابت، مزارع النعناع اختفت، طاولة بائعة الكعك جرفها السيل، منارة المسجدِ أصبحت أقَّل شموخًا، وشجرة الحي حزينة.

لون المدينة الأزرقُ الداكن يُلوّن الأفق البعيد.. ذاب في السماء!

ثم إنَّ "كيهيدي" الغارقة أحيت الأمل، فشاهدنا فيها جيشًا يحاربُ للحياة، ورأينا جنديًا يقاتل لإنقاذ حقيبة سيدة، وآخر يصارعُ لانتشال بقرةٍ هي ثروة أسرة.

لا يحملون أي عتاد، وفي قلوبهم أقوى سلاح، متجردون من كل شيء، فلا لون في "كيهيدي" سوى الأزرق الداكن.. لون السماء والماء، لون الدفء والرخاء، لونُ مدينة شيدتها النساء.

سيخلقُ نساء "كيهيدي" ألوانًا جديدة، حتى تستمر الحياة، في مدينة تجسد ملحمة إنسانِ هذه الأرضْ، التي يكتبها صديقي الشيخ نوح هذه الأيام، وهو أفضلُ من يدركُ قيمة المدينة/القصة.. ولا شك هو أفضلُ من يكتب عنها.

قلبي مع سكان "كيهيدي" ❤️

الشيخ محمد حرمه