موريتانيا مقبرة أحلام الشباب !

أربعاء, 27/07/2022 - 21:17

 الدكتور صلاح الدين:

موريتانيا مقبرة احلام الشباب !
—————————
في هذه الفترة من العام الماضي اكملت مساري المهني و الاكاديمي في المستشفيات و الجامعات التونسية كطبيب عائلة مايعني 9 سنوات خمس منها من النظري و اربع كطبيب داخلي و مقيم في طب العائلة بالمستشفيات التونسية ،
وطبيب العائلة باختصار هو طبيب عام polyvalent  لانه و خلال الاقامة توجد تربصات اجبارية كامراض القلب و الطب الاستعجالي و النفسي و طب الاطفال و النساء ،و حسب  الدراسات فطبيب العائلة بامكانه حل 80% من مشاكل الصحة العمومية  وهو ركيزة اساسية في طب الخط الاؤل ، حيث يمكنه متابعة الامراض المزمنة المستقرة ،التكفل بالحالات الطارئة ، متابعة الحمل  و متابعة بعض الامراض النفسية....وفي الدول المتقدمة حيث يوجد التأمين الصحي لا يمكنك الولوج الى الطبيب المختص الا عن طريق طبيب العائلة  .....لا علينا فنحن دولة من القرون الوسطى .
كان ذلك تعريف مختصر بتخصص طب العائلة .
لنعد الى الاحلام و وأدها في الجمهورية "الاسلامية "الموريتانية.

كان حلمي -و انا ذلك الطبيب الشاب المفعم بالحماس  و مهتم بتطوير المنظومة الصحية بوطني وبمدأ "ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم"
ومع قناعتي التامة ان القطاع العام او الوظيفة العمومية لا تستوعب الجميع و ليست الطريق المناسب لتحقيق ما اصبو اليه- فتح عيادة خصوصية لطب العائلة حسب المواصفات التونسية ان لم اقل العالمية  ومن خلالها استطيع ادخال فكرة طب العائلة  لمجتمعنا شيئا فشيئا و  أساهم  بدوري و بتجربتي المتواضعة في  تحسين العلاجات  والعناية بالمرضى  الا انه كان للواقع و للصمصارة في وزارة الصحة رأي آخر .

فالواقع يقولك لا تحلم لا تطمح هذه البلاد ليست المكان المناسب لهذا 
والصمصارة يقولون لك دعك من القوانين و ادفع من جيبك لتحصل على ترخيص في  اقل من اسبوع .
فكنت بين  أمرين احلاهما مر ، اما الولوج الى الوظيفة العمومية (ما يعني وأد الحلم الذي راودني )او الدفع للصمصارة ما يقارب مليون و نصف اوقية قديمة وانا الشاب الكادح الذي بالكاد يستطيع تمويل مشروعه الحلم ،
حتى الاكتتاب في الوظيفة العمومية طريقه لم تكن مفروشة بالورود، فكنت من بين المقاطعين له من اجل اكتتاب الجميع و في الاخير حصل ما تعرفون و كأن الولوج للوظيفة العمومية هو “ American Dream”.

كل هذه العوامل جعلتني افكر بالهجرة طبعا مكره اخاك لا بطل ، هاجرت و انا الذي امضيت قرابة العشر سنين بعدا عن الاهل و الاحبة  والهجرة كما تعلمون ليست بتلك السهولة و الحياة  هنا ليست وردية و السماء  هنا لا تمطر ذهبا .
العمل هنا كطبيب متخرج من الجامعات الغير اروبية نوع من العبودية العصرية قد تجدك متفوق على زملائك في جميع النواحي  المهنية و الطبية  لكن تبقى دونهم كذلك في جميع النواحي المعنوية و المادية،ومسابقة معادلة الشهادة في كل مرة يتم تأجيلها ليتمكنوا قدر المستطاع من استغلال الاطباء الافارقة و المغاربيين بالتحديد .

هنا فلانص بمحاذاة نهر الرون غير بعيد من جبال الالب